21.34°القدس
20.73°رام الله
19.97°الخليل
22.92°غزة
21.34° القدس
رام الله20.73°
الخليل19.97°
غزة22.92°
الأحد 19 مايو 2024
4.69جنيه إسترليني
5.23دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.04يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.69
دينار أردني5.23
جنيه مصري0.08
يورو4.04
دولار أمريكي3.7

هل تشهد الخلافات الروسية الأمريكية تصادم مباشر؟

918e71dc2d7745f2f9a2950a645d03aa
918e71dc2d7745f2f9a2950a645d03aa

تواترت التساؤلات بشأن الصدام المباشر بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية بعد الهجوم الصاروخي الأميركي الذي استهدف مطار الشعيرات السوري.

وكان الجيش الأمريكي يوم 7 إبريل الماضي قد أطلق 59 صاروخا من طراز توماهوك على مطار الشعيرات العسكري (طياس)، جنوب شرق مدينة حمص، مبررا ذلك على أنها ردا على المجزرة التي ارتكبها نظام الأسد في مدينة خان شيخون بريف إدلب باستخدام الأسلحة الكيماوية.

وقد رجح بعض المحللين أن روسيا على وشك أن تضغط على الزناد للرد على العمل الأميركي الذي كان إلى حد ما مهينا لروسيا، وأن أميركا قد اتخذت التدابير المناسبة لمواجهة روسيا خاصة في البحر الأبيض المتوسط.

وفي الصدد، رأى استاذ العلوم السياسية في جامعة النجاح عبد الستار قاسم أنه لم يكن هذا الرأي مستندا إلى قراءة علمية لكيفية تعاطي الدول العظمى فيما بينها عندما تتوافر أسباب التوتر، ولم يأخذ في الاعتبار التجارب التاريخية التي مرت بها العلاقات سابقا بين أميركا والاتحاد السوفياتي المنهار، والعلاقات بين روسيا وأميركا لاحقا.

 

لا يتصادمان مباشرة

وقال قاسم إن كل من روسيا وأميركا تملكان ترسانات نووية ضخمة جدا، وقادرة كل منهما على تدمير العالم وإعادته إلى العصر الحجري. مبيناً أن الدولتين لا تملكان بضعة صواريخ محملة بقنابل نووية فقط، وإنما تملكان آلاف الرؤوس النووية والأدوات الكفيلة بإيصالها إلى الأهداف المطلوب تدميرها.

وأضاف قاسم في مقال له، أن الترسانة النووية تردع صاحبها لأنه يخشى رد فعل الخصم النووي، ويرى أن استعماله لقدراته النووية سيؤدي إلى استعمال الآخر لقدراته النووية. مشيراً الى أن استعمال القدرة النووية لا يشكل رادعا فقط للذي يتلقى الضربة، وإنما أيضا لمن يبادر بالضربة الأولى.

وأشار أستاذ العلوم السياسية، الى أن اتفاق الدول الكبرى على منع انتشار الأسلحة النووية لم يكن عبثيا، وإنما كان بتخطيط مسبق حتى لا تتكاثر الدول الرادعة والمردوعة في آن واحد، وهذا أمر يندرج تحت عنوان الهيمنة على المستضعفين وابتزازهم والسيطرة على مقدراتهم وثرواتهم.

وأكد على أن الدول النووية الكبرى تقف وقفة جادة وحازمة ضد الأسلحة النووية، بينما هي نفسها -وبحكم كونها نووية- تشكل تهديدا خطيرا لأمن وسلام العالم. ملفتاً الى أنها دول تعاني من ازدواجية أخلاقية ولا ترضى لغيرها ما ترضاه لنفسها.

 

تضارب المصالح وتلاقيها

وقال قاسم إن روسيا وأميركا تتضارب مصالحهما في كثير من الأحيان وتلتقي أحيانا أخرى. مشيرا الى أن التلاقي لا يعني التوافق في المقاربات والأسباب وقد تلتقي مصلحة أميركا في دعم الأكراد في سوريا مع مصلحة روسيا.

وأوضح قاسم أن تقديم أميركا الدعم للكرد بهدف استمرار القتال بين مختلف الأطراف السورية، وقد يكون الدعم الروسي للكرد بهدف التنسيق فيما يتعلق بالنفط والغاز.

وتابع: " وفي ذات الوقت يمكن أن يكون هذا التلاقي مختبئا وراء تخالف؛ فأميركا مثلا معنية بشبكة لنقل الغاز والنفط بطريقة تبعد خطر الهيمنة الروسية عليها، بينما تكون روسيا معنية بشبكة تبقي على شرق أوروبا تحت رحمتها".

وأضاف " عند تضارب المصالح يبرز لدى كل دولة السؤال التالي: هل نتابع مصالحنا حتى ولو أدى ذلك إلى حرب أم إن مصلحتنا الأهم تكمن في تجنب الحرب؟ والجواب واضح، وهو أن تجنب الحرب مصلحة أرقى من المصالح الأخرى لأن خيار الحرب يعني الدمار الشامل، وتبقى التضحية بمصلحة محدودة أهم من التضحية بالذات".

وأكد على أن الدول النووية تعمد على حل خلافاتها سلميا حتى ولو طال الزمن في البحث عن حل. ولذلك نجد السياسيين في كل من روسيا وأميركا يتحرك أحدهما تجاه الآخر بسرعة لمحاصرة أي تضارب في المصالح قد ينشأ. 

وأشار قاسم الى أن وزير الخارجية الأميركي "هرع" إلى موسكو لتهدئة الأوضاع بعد قصف مطار الشعيرات. مشيراً الى أن الزيارة ولم تكن فقط للتهدئة، وإنما كانت أيضا لرد الاعتبار؛ فأميركا اعتدت على موقع من المفروض أنه تحت الحماية الروسية، وبالتالي من المجدي أن تذهب أميركا إلى روسيا لتوضيح موقفها ورد اعتبارها أمام العالم، خاصة أن روسيا لم تتصدّ للصواريخ الأميركية.

وكان وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون قد زار موسكو، في 11من إبريل الماضي، في أول زيارة رسمية له منذ توليه مهامه في الإدارة الأمريكية الجديدة، بعد يومين من تنفيذ الضربة على مطار الشعيرات.

 

حروب بالوكالة

وأكد عبد الستار قاسم أنه لا يختلف الأمر الآن بين روسيا وأميركا عما كان عليه بين أميركا والاتحاد السوفياتي. إنهما تتجنبان الصدام المباشر، وتدعمان الأطراف التي لديها الرغبة في الاقتتال بالنيابة. موضحاً "بدل أن تبحث الدولتان عن وسائل سلمية لحل الخلافات بين الدول وداخلها، تعملان على دعم طرف أو أطراف ضد أطراف أخرى، وتؤججان نار الحرب بالمزيد".

وأوضح قاسم أن روسيا وأميركا لا تضحيان بمواطنيهما، وإنما دائما لديهما الاستعداد للتضحية بمواطني الدول الأخرى. وكما هي العادة في مختلف المجتمعات؛ فإن أبناء السادة لا يشاركون في الحروب الداخلية، لكنهم يستخدمون أبناء الفقراء والمستضعفين ليموتوا بالنيابة، والمؤسف أن أبناء هؤلاء لديهم الاستعداد للتضحية بأنفسهم من أجل مصالح غيرهم، أو السادة الذين يوقعون الظلم عليهم.

وتابع" لو أسقطنا هذا الكلام على الوضع السوري، لوجدنا أن الدول الكبرى -خاصة فرنسا وبريطانيا- كانت سباقة في إشعال نار الفتنة، أو في تقديم ما يمكن من أجل تأجيج الأوار، وعملت الدول الكبرى على تحريض بلدان عربية وأحزاب وتنظيمات من أجل المشاركة في حرب لا يدفع ثمنها سوى الشعب السوري".

وبين قاسم أن الدول العظمى قدمت إلى سوريا للمشاركة في الحرب، لكنهم قدموا بصورة شخصية وليس بطرق رسمية تتبناها الدول. وإن بعض الدول العظمى تولي اهتماما بمواطنيها المتطوعين الذين لاقوا حتفهم في سوريا، في حين أن قتل السوريين قد يجد له ملفا محفوظا على الرفوف في أرشيف مجلس الأمن.