مع دخول الابن سن المراهقة، يزداد عبء مسؤوليته والاهتمام به، فهو الآن لم يعد طفلاً، بل أصبح له كيانه الخاص، ويرى أن من حقه أن يعيش كما يحلو له، وبالاختلاط مع الأصدقاء تزداد الرغبة شيئاً فشيئاً في إثبات ذاته وانفصاله عن ذويه، لذلك نجد العديد من أولياء الأمور يشتكون من أن أطفالهم أصبحوا خارج السيطرة، وليس عليهم سلطة، بل إن بعضهم أشاروا إلى أن أبناءهم بدأوا بتهديدهم بترك المنزل إذا لم ينفذوا طلباتهم أو يتركونهم يعيشون على هواهم، وكما يريدون، وهنا يقع ولي الأمر ما بين المطرقة والسندان.
نلتقي سوياً مع الأخصائية الاجتماعية والأسرية كوثر الحديدي، والتي ترى أن من عوامل فقدان السيطرة على الأبناء، إما الشدة المفرطة، أو ترك الحبل على الغارب، وفي كلا الحالتين تكون النتيجة سيئة، وقد يكون الأمر صعباً لكي تستعيدي طفلك من براثن الحياة الفاسدة، ولكن الأمر ليس بالمستحيل، وإليك بعض الطرق لمواجهة الأمر:
كوني صديقة لأبنائك: حاولي أن تتقربي منهم، وتفهمي شخصياتهم، والتعامل معها، فعندما تكون الوالدة صديقة لأبنائها تستطيع أن تشكلهم كما تريد، ويتقبلون منها النصائح، بل هم من سوف يسعون إليك لكي تساعديهم، فكوني على مرمى البصر منهم، وراقبي تصرفاتهم، ولا تتدخلي إلا إذا رأيت خطراً صريحاً، واجعلي نصائحك تلميحات وجيزة، والعقاب قد يكون الحرمان من مجالستك، هكذا تكونين قوية في تصرفاتك معهم.
تغيير السكن ومحل الدراسة: إذا كانت لدى ابنك صحبة سيئة السمعة، وتقوم على إفساده، فهنا عليك الحذر، فأكثر ما يصيب الأبناء هو مصادقة الفاسدين فيفسدون، انصحي ابنك أولاً بالابتعاد عنهم، ولكن إذا رفض، قومي بإجراء حاسم، وهو تغيير مدرسته إلى مكان أفضل، واذهبي به إلى النادي، وكوني له صحبة جيدة، ولكن دون أن يدري، وقومي بتغيير منزلك إلى مكان بعيد يصعب فيه ملاقاتهم، وأحسني اختيار السكن والجار.
الاستعانة بمرشد نفسي: قد لا تكونين تملكين الخبرة الكافية للتعامل مع ابنك، وقد لا يخبرك بكل شيء، لذلك استعيني بمرشد أو طبيب نفسي ليساعدك ويجالسه، قد يرفض الأمر في البداية، ولكن صدقيني، جميعنا بحاجة إلى من نتكلم معه دون خوف، وهذا هو ما سوف يدفعه مستقبلاً لقبول الفكرة مع الوقت، وليس هناك حرج في ذلك.
التقرب إلى الله: لا تجبري ابنك على الصلاة، بل اجعليه يشاركك إياها، وأخبريه بأنك تودين أن يؤمك في صلاتك كي تحظي بثواب الجماعة، ومن حين لآخر قصي عليه قصص الصالحين والتائبين حتى يشعر بأن باب التوبة مازال مفتوحاً أمامه، وأحضري أحدهم ليعلمك كتاب الله في المنزل، وأخبريه بأنك تريدينه أن يتواجد لكي يكون محرماً لك أثناء تواجده.
قد يكون الأمر شاقاً عليك: وسيلزمك بعض الوقت لكي تقومي سلوك طفلك، ولكن لا تيأسي، واصبري، واجعلي هدفك في الحياة هو رؤيته فرداً صالحاً في المجتمع، قومي بدعوة الله أن يقربه إليك، وأن يهديه إلى الطريق المستقيم، ولا تكثري من تدليله ولا الإفراط في الشدة عليه، فكوني لينة في تعاملك كي لا ينفر منك.