من القصص الفكاهية المستوفاة لشروط مسابقة «سيدتي» للقصة الفكاهية القصيرة، نقدم لكم قصة: «صدفة» لتوفيق بوشري، مع العلم أن القصص لم تخضع لأي تصحيح، عدا التصحيحات اللغوية والإملائية، على أن تقوم لجنة الجائزة باختيار الأصلح بينها.
صدفة
يسافر بعيدًا.. يقود دراجته بسرعة عبر الشوارع الخالية. يترنح بها ذات الشمال وذات اليمين. هو نفسه يتململ كما لو كان يرقص. يضع في أذنيه سماعتين. لا بد أنه يستمتع بقطعة جميلة.. يتخيل أنه يقود عربة فارهة.. سوداء لامعة. نوع مشهور. يظهر في الإشارات مرارًا. تساوي آلاف الدراهم. قال لنفسه: في جيبي ستة وخمسون درهمًا.. وإذا كان لديّ نفس المبلغ يوميًا.. دون المصروف.. سأدخر في الشهر. توقف جانبًا.. كما لو أنه فرمل عربة أحلامه بسلاسة و«برستيج».. أوقف الموسيقى. أخرج هاتفه النقال. تلهى بالأزرار باحثًا عن الحاسبة. وشرع ينجز العمليات.. ستة وخمسون في الشهر تصير ألفًا وستمائة وثمانين درهمًا.. جميل.. ثم في السنة ولنقل الكبيسة.. يا لي من غبي.. لن تنقص أو تزيد شهرًا.. ستصير مبلغًا محترمًا.. إذا أودعته في البنك لأعوام ليست كثيرة.. سوف.. سوف تصمت.. سمع صوتًا من ورائه وأحس شيئًا حادًا ينكز أعلى خاصرته قليلا. أخرج ما في جيبك وهات هذا الهاتف البئيس. لعله يساوي ثمن علبة سجائر حتى.. هيا بسرعة وقبل أن تتنفس! سلمه الهاتف فورًا، ثم أخرج الستة والخمسين درهمًا وهو يرتعش. همّ يركب دراجته ليرحل. أوقفه اللص ضاحكًا: اتركها فأنا في حاجة إليها. ركب مكانه وانصرف، تاركًا وراءه صاحب السيارة الفارهة الموشومة في السراب، واجمًا، يتأمل صاحبه يغيب وسط الشارع. وما كاد يسترجع وعيه بما حدث، حتى رجع اللص إليه، توجس واستعد للفرار. خاطبه: لا تخف.. أريد فقط أن أسألك.. انتبه.. ماذا كنت تحسب؟