18.88°القدس
18.58°رام الله
17.75°الخليل
24.6°غزة
18.88° القدس
رام الله18.58°
الخليل17.75°
غزة24.6°
الأحد 29 سبتمبر 2024
4.95جنيه إسترليني
5.22دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.13يورو
3.7دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.95
دينار أردني5.22
جنيه مصري0.08
يورو4.13
دولار أمريكي3.7

خبر: نابلس.. "الشعبونية" حتى أخر يوم في شعبان

رغم قرب حلول شهر رمضان المبارك الذي قد يصادف يوم السبت القادم 21-7-2012، إلا أن المواطنين في مدينة نابلس ما زالوا مستمرين في دعوة قريباتهم وصلة أرحامهم من النساء لحضور ما يعرف بـ"الشعبونية". ويرتبط اسم الشعبونية بشهر شعبان, حيث يدعو الرجل بناته وأخواته وعماته إلى منزله لقضاء يوم من هذا الشهر تتخلله طقوس مختلفة، بهدف صلة الرحم والتواصل في عادة تميز المدينة عن مثيلاتها في فلسطين. وفي الوقت الذي كانت تمتد "الشعبونية" لأكثر من يوم، وقد يتخللها "مبيت" المدعوات في بيت الداعي، إلا أنها باتت في الآونة الأخيرة تقتصر على تناول وجبة الغداء والحلويات بعدها. أم محمد الباشا اعتادت في كل سنة على تلبية دعوة والدها لحضور الشعبونية في منزله, ولا تذكر أنه قد مر عام ولم يلتم شملها وبقية شقيقاتها منذ تزوجت قبل خمسة عشر عاماً. وترى أبو محمد التي نازهت الأربعين من عمرها أن "شعبان وقت مناسب لاقتراب النساء من عائلاتهن بعيداً عن الروتين اليومي والزيارات العادية بدون مناسبات، لذا على الجميع أن يفرغ نفسه لذلك اليوم، حتى تكتمل الفرحة بحضور كامل الأفراد". وكما تذكر كبيرات السنّ، فإن "شعبونية" أيام زمان كانت تختلف، خاصة أنها تمتد لثلاثة أيام في بيت العائلة، وقد يصل عدد المدعويين لما يزيد على خمسين نفرا، تبدأ طقوسها صباحا بتناول طعام الإفطار في باحة البيت, ثم تنشغل النسوة بتحضير الغداء الذي لا بد أن يتخلله تناول الوجبات الدسمة التي تتضمن لحوماً تطهى بشكل مختلف من بيت لآخر. وبعد الغداء يقدم النابلسيون الحلويات ومن بينها "المدلوقة"، وبعدها تحضر المكسرات ودخان النرجيلة في سهرة تستمر لقبيل الفجر. يقول أبو سائد سالم إنه ورغم الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها، إلا أنها لا يستطيع أن يتحلل من هذه المناسبة، لذا يجتهد قبلها بمدة لتوفير مبلغ مالي يعينه على تقديم ضيافة مناسبة لقريباته. ويضيف "كنّا نعيش في البلدة القديمة بنابلس قبل أكثر من خمسين عاما، وأذكر تماما عندما كنت طفلا تلك الأيام الجميلة، فوالدي كان يجمع شقيقاته وبناتهن، ولاحقا كان يدعو شقيقاتي بعد أن تزوجنّ وأولادهن جميعا للشعبونية".. ويراها مناسبة جميلة وعادة يدعو الله أن لا تنقطع، ففيها الأجر الكبير وتحقيقا لصلة الرحم التي دعا إليها الإسلام العظيم. ويقول "ليست العبرة في الأكل والشرب، بل في "لمّة الأحباب".. الآن شقيقتي تعود خصيصا من الكويت في مثل هذه الأيام من كل عام حتى تحضر معنا "الشعبونية"، وحينها نلتئم من جديد، بعد غياب طويل". [color=red]الظروف الاقتصادية تؤثر[/color] ولكن هذه العادة الودودة ما فتئت أن تقلصت وتراجعت في ظل الظروف الاقتصادية وغلاء المعيشة الذي يعيشه المواطن الفلسطيني. تقول الحاجة أم خالد (62 عاما) "اذكر كيف كانت أيام زمان، ففي هذا الوقت من السنة كن كل النسوة في العائلة يجتمعن، كنت صغيرة حينها، عندما كنت أساعد والدتي وعماتي وخالاتي وبنات العمومة وقريباتي جميعهن في التحضير للشعبونية، كنا نمضي اوقاتا ممعتة ونسمع فيها قصص من الجدات. وتتابع أم خالد حديثها، حيث تقارن ما يجري اليوم مع الماضي، فقد اختلف الوضع كثيرا، بالسابق كانت اللمّة والجمعة أكبر، وصلة الرحم تطال الجميع، أما اليوم فرب العائلة لم يعد قادر على استضافة كل هذا العدد ولأيام متعددة، لأنها بحاجة إلى مصروف، والوضع الاقتصادي والمالي للناس لا يتحمل هذه الميزانية، وأصبحت تقتصر على البنات والأخوات والعمات والخالات لعزومة غداء أو عشاء فقط. وعن الظروف التي حاصرت هذا التقليد النابلسي، يقول الكاتب والشاعر لطفي زغلول في مقال له نشرت حديثا: "هناك عوامل عدة لعبت دورا كبيرا بالتأثير على عادة الشعبوينة، فلا شك أن الظروف السياسية التي أثرت بشكل كبير على الظروف الاقتصادية، ما أدى إلى غلاء معيشية وارتفاع في أسعار الدواجن واللحوم والخضار وغيرها أدى إلى تخفيض المدة الزمنية للشعبونية، التي كانت بالسابق تستمر إلى أيام أو أسبوع". ويؤكد من جديد أن حالة الفقر والتراجع الاقتصادي أدى إلى اقتصار العزومة على المقربات من الأهل، أو اختصار الولائم وما يقدم بها وكثير من المرات يتم إلغائها وهو الحاصل بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي يمر بها مجتمعنا الفلسطيني، فبعد انتفاضة الأقصى أصبحت عادة الشعبونية تتراجع شيئا فشيئا ويختصر فيها الكثير من التقاليد. [color=red]فرصة للتجار[/color] التجار وأصحاب محلات الحلويات أكثر من يستفيد من هذه العادة، حيث يشير التاجر ساهرأبو زنط إلى أن عملهم يتضاعف خلال شهر شعبان، فالكل يتجه للتبضع والشراء والاستعداد لإقامة "لشعبونية" عنده، لذلك تجد أن إقبال الناس ملحوظ هذه الأيام على كثير من الأصناف كالخضار واللحوم والمعجنات والحلويات وغيرها". ويضيف "لا تنتهي هذه العادة إلا عندما تغرب شمس أخر يوم فيه، لذا لا تستغرب أبدا إذا سمعت عن دعوة لشعونية في أخر يوم في شهر شعبان، فالعائلة حينها تلتقي لتوديع هذا الششهر الفضيل، وتستعد لإستقبال شهر رمضان الكريم".