18.27°القدس
17.78°رام الله
16.64°الخليل
23.24°غزة
18.27° القدس
رام الله17.78°
الخليل16.64°
غزة23.24°
الجمعة 04 أكتوبر 2024
4.99جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.2يورو
3.8دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.99
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.2
دولار أمريكي3.8

رمضان بين فتح القسطنطينية وفلسطين

د. غسان وشاح
د. غسان وشاح
غسان وشاح

يُعد فتح القسطنطينية 1453م، في شهر رمضان من أعظم أحداث التاريخ الإنساني، فقد اعتمد المؤرخون هذا التاريخ؛ كحد فاصل بين انتهاء العصور الوسطى وبداية العصر الحديث.

عندما بدأت العمليات العسكرية العثمانية، من أجل فتح القسطنطينية، وبدأت تُدك المدينة بالمدافع العثمانية العملاقة، التي صُنعت خصيصاً لذلك، ثم بدأت فرق النقابين تنقيب الأسوار، وتضع جذوع الأشجار الضخمة، وتشعل بها النيران، ثم تصب عليها الزيوت والدهون، وتتحرك سفن الأسطول الإسلامي في بحر مرمرة، ومضيق البسفور، وتتسلق فرق النخبة في الجيش العثماني عن طريق السلالم والأبراج.

كل هذه المحاولات بائت بالفشل أمام مدينة القسطنطينية التي استعصت على كبار القادة الإسلامية, منذ معاوية بن ابي سفيان, وابنه يزيد مروراً بسليمان بن عبد الملك, مسلمة بن عبد الملك, وكبار قادة وسلاطين الدولة العثمانية, حتى والد محمد الفاتح, فهذه المدينة التي أنشأها الامبراطور البيزنطي قسطنطين عام 330م, في مكان استراتيجي أمني من الطراز الأول؛ فهي تحيط بها المياه من ثلاث جهات, حتى وصفها كبار القادة العسكريين في التاريخ قائلاً: "لو أن الدنيا أصبحت دولة واحدة وأردنا أن نختار لها عاصمة سيتم اختيار القسطنطينية".

أمام هذه الانتكاسة للجيش الإسلامي نحت أسوار القسطنطينية؛ قرر محمد الفاتح استخدام سلاح الأنفاق, وبدأت فرق الأنفاق بالحفر تحت أسوار القسطنطينية، وعندما تنبه الجيش البيزنطي لهذه الانفاق بدأ يحفر أنفاق مضادة لتلتقي بأنفاق العثمانيين، ثم يصبوا فيها الزيوت والدهون المغلية، فاستشهد مئات الشهداء تحت أسوار القسطنطينية _لا يعلمهم إلا الله_, واعتقد كثير من الناس أن سلاح الأنفاق فشل, وليس له فعالية أو دور في فتح القسطنطينية التي فتحت بعد ذلك بأيام، ولكن المدهش أننا عندما نطلع على الوثائق والمصادر التاريخية البيزنطية التي أرخت لتلك المرحلة, نجد أن سلاح الأنفاق كان له أكبر الأثر في فتح القسطنطينية، فالروايات التاريخية تفيد أن المواطن البيزنطي كان يفر من بيته هو وأسرته بمجرد سماعه صوت طرقات على جدار بيته, وكثيراً ما يكون السبب هو من جاره، كما أن المواطن البيزنطي عندما كان يسير ليلاً في شوارع القسطنطينية ويرى خياله؛ كان يفر مسرعاً وهو يصرخ "لقد رأيت رجلاً عثمانياً خرج من تحت الأرض"، أي أن البيزنطيين بفعل هذا السلاح هُزموا نفسياً, وكانوا مهيئين للهزيمة العسكرية.

وعليه فإن ما يحدث على أرض فلسطين وخصوصاً أنفاق مدينة غزة، شكلت هزيمة نفسية للمجتمع الصهيوني، فالمتأمل سيجد أن منطقة غلاف غزة؛ هي شبه خالية من المستوطنين؛ فقد نزحوا إلى شمال فلسطين، كما ساعدت الأنفاق على رفع نسبة ووتيرة هجرة الصهاينة إلى أوروبا؛ فليس غريباً أن تشير الدراسات العلمية الصادرة من أكبر المؤسسات العلمية في الكيان الصهيوني، إلى ذلك فدراسة علمية من جامعة تل أبيب تفيد أن أكثر من 40% من الصهاينة يرغبوا بالهجرة من "إسرائيل".

ودراسة علمية أخرى من الجامعة العبرية تفيد أن أكثر من مليون صهيوني هاجروا من "إسرائيل" ولم يعودوا، وهذا يؤكده كبار العلماء والسياسيين الصهاينة في دراساتهم أمثال أمنون روبن شتاين "عالم القانون في جامعة تل أبيب، والوزير السابق للعدل والتعليم الصهيوني في حكومة رابين وباراك", وكذلك إبراهام يورغ "رئيس الكنسيت الصهيوني لعشر سنوات"؛ تستطيع أن تقرأ لهؤلاء فعندها ستعلم أن سلاح الأنفاق سلاح رادع.