18.33°القدس
18.04°رام الله
17.19°الخليل
23.18°غزة
18.33° القدس
رام الله18.04°
الخليل17.19°
غزة23.18°
الجمعة 04 أكتوبر 2024
4.99جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.2يورو
3.8دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.99
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.2
دولار أمريكي3.8

حماس والكيان.. مسار التصعيد والتهدئة

حازم عياد
حازم عياد
حازم عيّاد

تعاني حكومة نتنياهو من ضغوط مزدوجة شعبية وحكومية تطالبه بضرورة التحرك لوقف البالونات والطائرات الورقية الحارقة التي كسرت معادلة الردع الصهيوني وقوضت مفهوم الامن القائم على حصار قطاع غزة.

ضغوط تدفع نتنياهو واركان حكومته الى رفع سقف الخطاب الموجه الى قطاع غزة والمترافق مع هجمات تزداد وحشية جولة بعد اخرى، عاكسة النزق والعجز الصهيوني؛ هجمات تواجه برد من حركة حماس والمقاومة الفلسطينية لا يقل قوة عن الردود الاسرائيلية.

التصعيد الاسرائيلي وضع حكومة نتنياهو امام استحقاقات يصعب عليها التعامل معها؛ ابرزها امكانية اندلاع مواجهة تشتت قدرتها على التعامل مع الجبهة الشمالية الساخنة؛ اذ لا يكاد اسبوع يمر دون غارات يشنها طيران الكيان الاسرائيلي داخل الاراضي السورية وجولات دبلوماسية كثيفة يزور خلالها نتنياهو موسكو في محاولة لاحتواء التمدد المتواصل للنفوذ الايراني في سوريا دون جدوى تذكر.

الاهم من ذلك ان الكيان يسعى ومن خلال الادارة الامريكية والتعاون مع بعض القوى الدولية والاقليمية إلى ايجاد مخرج يقود الى تهدئة طويلة مع قطاع غزة تخفف من تداعيات الحصار، وهي عملية تحتاج الى وقت طويل، ومسار سياسي لا يستجيب للرأي العام الاسرائيلي المتطلب والضاغط، خصوصا في مستوطنات قطاع غزة، مضاف اليها ضغوط من التيار المتطرف داخل حكومته الذي يسعى قادته وعلى رأسهم وزير الاقتصاد نفتالي بينت الى تحقيق مكاسب انتخابية وشعبوية على حساب نتنياهو.

ضغوط تدفع نتنياهو الى التصعيد في محاولة لمسايرة الرأي العام الداخلي والضغوط السياسية، ولكنها في ذات الوقت تسرع من جهوده للبحث عن سبل للتوصل الى تهدئة سياسية، ترفع عن كاهله الضغوط المقلقة التي تضعه على حافة مواجهة خطرة غير معلومة النتائج.

ضغوط ولدت مفارقات اربكت نتنياهو؛ فأمام خطابه الداعي الى مواجهة قوية مع حماس عاد ليتحدث عن هدنة مستعجلة في ظرف ساعات، ليظهر عاجزا فاقدا لمصداقيته بعيد تهديداته القوية والشعبوية؛ فنتنياهو يعايش مشاعر وهواجس متناقضة تجاه المعادلة الآخذة في التشكل.

معادلة قوضت مفهوم الحصار الرخيص وغير المكلف الذي يطمح له قادة الكيان الصهيوني؛ معادلة تضغط بقوة على حكومة نتنياهو، فحصار غزة له كلف امنية وسياسية واقتصادية؛ اذ أسقط حكومات وأطاح برؤساء وزراء وساسة وقادة امنيين في الكيان اكثر من مرة؛ حقيقة يخشاها نتنياهو، خصوصا ان سقوطهم ارتبط بحملات عسكرية انتهت بالفشل.

وبالعودة الى مسيرات العودة التي مثلت مبادرة فلسطينية لمواجهة الحصار وصفقة القرن المشبوهة، فإن نظرية الردع الجديدة تشكلت على وقع الاستهداف الصهيوني للمدنيين المتظاهرين في مخيمات العودة في قطاع غزة حطمت معادلة "طنجرة الضغط" التي صاغها الاحتلال على مدى الاعوام الماضية في التعامل مع القطاع.

نظرية القصف مقابل القصف حدت من فاعلية الكيان الاسرائيلي وأربكته؛ اذ عجز عن التعامل مع المظاهرات الاحتجاجية الفلسطينية التي تضمنت الطائرات الورقية والبالونات الحارقة التي استهدفت المستوطنات المحيطة بغلاف غزة، ورفعت كلف الحصار، والاهم انها وجدت طريقها بخجل في الضفة الغربية، حيث استلهمها الفلسطينيون بإطلاق الطائرات الورقية والبالونات التي استهدفت المستوطنات في الضفة الغربية، لتتحول بدورها الى عنصر من عناصر القوة المتراكمة لدى الفلسطينيين.

في الختام.. فإن الكيان الاسرائيلي ممثلا بحكومة نتنياهو يواجه تحديات في الجبهة الشمالية والجبهة الجنوبية، ويعاني من التشتت في جهوده السياسية والامنية بين القاهرة وموسكو، جهود تحتاج الى الكثير من الوقت لبلورة حلول سياسية تقتضي تقديم تنازلات واجراء مساومات طويلة، امر لا يستجيب للطبيعة المتطلبة للمستوطنين والمتطرفين؛ ما يجعل من التصعيد خطوة نزقة ترتد كعنصر ضاغط على نتنياهو، وهي مفارقة مضحكة أنتجتها السياسة الاسرائيلية المتهورة والمتطرفة التي تعيش تحت ضغط الداخل الاسرائيلي والواقع الاقليمي؛ ما يجعل من التصعيد رغم كلفه ورقة تفاوض بيد الفلسطينيين، تعينهم على تحقيق مكاسب متوقعة، وتسرع مفاوضات تخفيف الحصار على القطاع؛ فمسار التصعيد يدفع نتنياهو إلى تسريع جهوده للبحث عن سبل التهدئة، والحل مع قطاع غزة والمقاومة، وعلى رأسها حماس، كبديل لمغامرة لا تتوقف حدودها عند الحدود الشمالية او الحالة الاقليمية بل ستجد طريقها الى الداخل الاسرائيلي في الكابينت والكنيست.