18.33°القدس
18.04°رام الله
17.19°الخليل
23.18°غزة
18.33° القدس
رام الله18.04°
الخليل17.19°
غزة23.18°
الجمعة 04 أكتوبر 2024
4.99جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.2يورو
3.8دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.99
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.2
دولار أمريكي3.8

الهدنة ورفع الحصار بين شد وجذب

حازم عياد
حازم عياد
حازم عياد

تتسارع أحيانا الخطوات ثم تعود لتتباطأ نحو الهدنة الطويلة في قطاع غزة؛ فما إن تنشط الحركة الدبلوماسية والسياسية المصرية تجاه رفع الحصار والهدنة حتى تندلع المعارك الاعلامية وتكثر التصريحات الدبلوماسية، سواء ما كان داخل الكيان الاسرائيلي ام على الجانب الفلسطيني.

المعارك الاعلامية وحرب التصريحات تشير الى حجم التقدم الذي تم احرازه وطبيعة التحول والانعطافة السياسية التي تمثلها الهدنة، لتفجر هواجس قوية لدى كافة الاطراف تتعلق بالحقبة الجديدة واستحقاقاتها.

حدة المعارك الاعلامية والسياسية وصخبها مؤشر على ان هناك عقبات تم تجاوزها؛ ففي الجانب الصهيوني لم تتوقف المعارك بين وزير التعليم نفتالي بينيت واركان حكومة نتنياهو، غير انها ازدادت صخبا، آخرها هجوم شنه بينيت على وزير الحرب الاسرائيلي ليبرمان؛ فكلما تقدمت الخطوات نحو الهدنة ازدادت احتمالية المواجهة المسلحة مع المقاومة بتحريض من اليمين وزعماء المستوطنين؛ فاليمين لا يريد هدنة قبل المواجهة واختبار حقيقي للقوة.

في الجانب الفلسطيني تعالت الاصوات في رام الله بشكل غير مسبوق، واعلن الرئيس عباس عن وجبة عقوبات جديدة على القطاع في حال توقيع اتفاق هدنة في غيابه، اتفاق لا ينزع سلاح المقاومة، فشروطه متشددة، ويفرض منطق اتفاق دايتون الذي تم توقيعه مع اركان السلطة في 2006 وقاد لتنسيق امني واسع.

في كل الاحوال لا يمكن فهم مبررات الاطراف المعترضة في الجانب الفلسطيني الا في سياق ما تقدمه باعتبار ان الهدنة جزء من صفقة القرن، صفقة لأجل الصدفة يباركها احد اهم المعترضين على الهدنة الطويلة ورفع الحصار بينيت وزير التعليم وزعيم حزب البيت اليهودي؛ اذ انه من اشد المعترضين على الهدنة؛ ما يخلق تناقضا صارخا وغير مفهوم حول حقيقة اعتراض السلطة في رام الله.

فكيف لأحد زعماء اليمين المتطرف زعيم حزب البيت اليهودي المتحالف مع السفير الامريكي اليميني الانجيلي ديفيد فريدمان، ومستشار الرئيس الامريكي كوشنر، ومبعوث التأزيم الامريكي غرينبلات، المدافعين عن صفقة قرن تهدف لتصفية الوجود الفلسطيني، كيف ولماذا يعترض بينيت على اتفاق هدنة مع المقاومة اذا كانت في سياق تمرير صفقة القرن؟ إن هذا لأمر عجيب.

اعتراض بينيت نابع من شعور بالهزيمة؛ فغزة وقفت عائقا امام اتمام صفقة القرن، وتمكنت من فرض معادلة الردع، وحددت شروط الهدنة وسياقها بعيدا عن المشروع الامريكي، في حين ان نتنياهو قلق على مستقبله السياسي المرتبط الى حد كبير بتوتر الاوضاع في قطاع غزة وليس بصفقة القرن.

حسابات لا يعترف بها بينيت ومن معه من اليمين المقتنع بقدرته على تمرير المشروع الذي يراه بالقوة؛ أمر سيتبدد بمجرد اندلاع المواجهة العسكرية وسقوط الصواريخ على تل ابيب، فالوزير الصهيوني سيكون اول من يبحث عن مخرج حينها، أول من يتخلى عن نتنياهو عند اندلاع المواجهة.

السؤال المركزي يبقى ماثلاً: ما الحكمة من الاعتراض على الهدنة ما دامت السلطة لا تملك البدائل لغزة ولا للقدس، ولا حتى للضفة الغربية التي تتحرك فيها قوات الاحتلال دون رادع دون حاجة لعقد هدنة؟

فالهدنة بين شد وجذب اليمين الصهيوني والبرغماتية الصهيونية تهدد البنى والاجندة التقليدية، والاهم ان المواجهة المسلحة باعتبارها الاحتمال الاكثر حتمية تؤسس لواقع جديد لا تكون فيه اليد العليا للكيان؛ اذ سيفقد كل أوراقه التي يعول عليها، وستتحول المقاومة في قطاع غزة بدون منازع الى الناظم الحقيقي للمشهد الفلسطيني؛ فالهدنة من منظور الكيان ستحافظ على السلطة بتجنب الحرب مع تنازلات اقل إذلالاً لما بعد المواجهة المسلحة؛ فالهدنة توفر هامش مناورة لكافة الاطراف على مدى السنوات الخمس المقبلة.