18.88°القدس
18.57°رام الله
17.75°الخليل
24.18°غزة
18.88° القدس
رام الله18.57°
الخليل17.75°
غزة24.18°
الإثنين 30 سبتمبر 2024
4.99جنيه إسترليني
5.27دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.17يورو
3.73دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.99
دينار أردني5.27
جنيه مصري0.08
يورو4.17
دولار أمريكي3.73

مذكرات ثلاثينية عزباء!

533 (1)
533 (1)
وجدان شتيوي

أشرقت الشمس مجدداً وشرَّعتُ أبواب الأمل.. بيوم جديد عساه يكون أفضل من سابقه.. هكذا قلت لنفسي في البارحة لما وضعت رأسي المثقل على وسادتي، وشكوت لها ضيق تفكير البشر. في الأمس أطفأتُ شمعة الثلاثين ألم... في الأمس سمعتُ أبي يقول لأمي أنني كبرت ولم يعد بزواجي أمل، رأيت نظرات الشفقة في عيونهم، والخوف الذي لست أدري مني أم عليَّ على جبينهم ارتَسم. وحرتُ أمام سؤال الجارات "متى سنفرح فيكِ؟"

 وكأنهم من هذا السؤال لا يعرفون الملل! وكأنهم لا يعرفون بيد من القدر! سئمت دعواتهم "الله يرزقك ابن الحلال" على مسمعي كل ما عُقدَ قرانٌ أو دخل أَحد قفصهم الذهبي على عجل. من أخبركم أن حالي أتعبني؟! وأن الزواج وحده ما يُسعدني؟! لكن عتبي الأول عليكم يا عائلتي وأهلي.. فإن كنتم أنتم أقرب الناس إلي تشعرونني بالعجز والنقص ماذا تركتم للأغراب من حولي؟! اليوم صديقة ظننتها قريبة، تحس بهمومي ومعاناتي مع هذا المجتمع المهشم، بحُكم أنها بعمري وتشاطرني نفس الحالة الاجتماعية في بطاقة الهوية الشخصية، دعتني لزيارتها في بيتهم..

ظننت بزيارتها ستتحسن نفسيتي من خيبة الأمس، ولكني سرعان ما خُذلت مجدداً لما علمتُ أنها تدَّعي أنني قبلت دعوتها لألتقي أخيها، وأنا لم أكن أعلم بوجوده في البيت أصلاً، وكنت أراه كابنٍ لي أو كأخي الصغير. نعم لم أتزوج بعد.. ولكنني لن أموت حزناً وسأعيش وأسعى لتحقيق أمنياتي. فأنا لم أتزوج بمحض إرادتي، لم أتزوج بعد لأنني دقيقة جداً في اختياراتي؛ لأن ديني علَّمني أن أحسن الاختيار، ولأن تفكيري نضج بما يكفي لتحديد مقاييس شريك حياتي، بعيداً عن أحلام المراهقات في نيل الوجه الحسن، أو الجيب الممتلئ، أو الترحال والسفر.

ليس المهم متى نتزوج إنما من نتزوج، فكم من متزوجة توفيت وهي عذراء الروح، وكما تعلمنا وحفظنا منذ الصغر أن في التأني السلامة وفي العجلة الندامة، فخُذن وقتكن في الاختيار.

لم أتزوج بعد لأنني أدركت أن العمر ليس إلا مجرد رقم، وأن العمر لا يُقاس إلا بقدر ما حققتُ من سعادة ورضى عن نفسي، وأننا لا نولد من اللحظة التي نبصر بها وجه الحياة، وإنما نولد في اللحظة التي يعم بها نبض الحياة جميع أجزائنا، يتغلغل أعماق كياننا.. في اللحظة التي نتحرر بها من كل قيدٍ تشبث بأرواحنا وعرقل سريان ماء أحلامنا في عروقها.. فأنت وحدك من يحدد لحظةَ ولادتك الحقيقية، فعمرك يبدأ في الوقت الذي تحدده، وتفهم به ما تريد. فالعمر لم يعد يخيفني ولن أقبل بأي أحدٍ يطرق باب أبي لأتخلص من نظراتكم نحوي.

أشفق عليكم يا من تخبئون أولادكم عني وتخشون مني عليهم من الحسد، فإن تعثروا أو مرضوا جعلتموني أنا السبب، في حين أني أذكر الله كلما رأيتهم، وأحبهم كإخواني. كما أشفق على من يستمر منكم في حياة ملؤها الضنك من أجل أولاده فقط. أعلم أن منكم من يتمنى بينه وبين نفسه أن يعود به الزمن ليتأنّى في الاختيار، أو يفضِّل العزوبيةَ على حياته التي يعيشها إذ يتعذَّب ليل نهار. أتعجب كثيراً من أمر مَن يتركون أمور حياتهم ويشغلون أنفسهم بي وبموضوع زواجي، وكأنني عبءٌ عليهم يريدون إزاحته. متى يدركون أن الرفق بالقلوب واجبٌ وعبادة؟! متى يدركون أن بعض الكلمات قاتلة بما يكفي؟! متى يدركون أن خالقي أرحم بي وأعلم بما يناسبني، وأني لا أحتاج إلا رحمته.

اعلموا أن الزواج كجميع أمور حياتنا نصيبٌ وقدر في الوقت الذي يشاؤه الله، وقد يكون فيه سعادة، وقد يكون بلاءً واختباراً، فلا تمنحوا الموضوع أكبر من حجمه ولا تفكروا في المفقود حتى لا تفقدوا الموجود. فلا يُعقلُ أن الله العادل يحصرُ السعادةَ ويربطه في أمر معين قد لا يُقدَّرُ للجميع، فلو انحصرت السعادة في الزواج لما استطاع البعض العيش بلا زواج طيلة حياتهم. ولا أنكر أن واقع الزواج في كثير من الأحيان أصبح مقبرةً للأحلام ووأداً للطموح ليس إلا في ظل أشباه الرجال الغير مؤهلين لتأسيس شراكة زوجية ناجحة.

ليس المهم متى نتزوج إنما من نتزوج، فكم من متزوجة توفيت وهي عذراء الروح، وكما تعلمنا وحفظنا منذ الصغر أن في التأني السلامة وفي العجلة الندامة، فخُذن وقتكن في الاختيار. وتذكرن أن قلوبكن أثمن ما لديكن فرفقاً بها، ولا تقبلن بأقل ما تستحقونه للخروج من دائرة لقب العزوبية أو العنوسة كما يقولون، والتخلص من ثرثرة الناس الفضوليين. وتذكرن جيداً أن الناس لن يرضون وسيتكلمون وينتقدون في جميع الأحوال.