العلاقة بين الزوجة وأمّ الزوج تسودها التوترات والحساسية، ويرجع السبب في ذلك لرغبة كلّ منهما في الاستئثار باهتمام الزوج الابن، ومن شأن هذا التوتر أن يؤدي إلى مشاكل عديدة تجعل العلاقة أكثر تعقيدا.
ويتحمل الرجل مسؤولية كبيرة لفض الخلافات، وإنهاء التوتر بين والدته وزوجته، وتقريب المسافات بينهما حتى لا تشعر الأم بالغيرة ولا الزوجة بالإهمال.
علاقة متوازنة
العلاقة المتوازنة والوطيدة بين الحماة والكنة تعود إلى توازن شخصية الحماة وخبرتها في الحياة وحبّها المتوازن والعقلاني للابن وعدم معاناتها من الغيرة التافهة، إضافة للنضج العقلي للكنّة إذا كان عمرها فوق 28 عاما، كما أن قوة شخصية الابن تفرض على الطرفين بناء علاقة متوازنة، والاحترام المتبادل بينهما منذ البداية، وعدم تدخل كل منهما في الحياة الخاصة للأخرى.
التقت الجزيرة نت حموات وكنائن لمعرفة آرائهن في هذا الموضوع، ورصدت قصصا وشواهد على العلاقة الإيجابية بين الحماة والكنة، وقصصا عن العلاقات غير المتوازنة بينهما.
حماتي تتفننّ في إهانتي
أندريا مرعي تتحدث عن معاناتها مع حماتها فتقول "سافرت مع زوجي الأول الذي يحمل جنسية أخرى، وعشت معه في بلد غريب لا أعرف عاداته وتقاليده لكنني حاولت بشتى الطرق إرضاءه هو وأهله، لكن الحماة جعلتني أعاني المرّ، فهي كانت تتفنن في إهانتي وجعلتني أرى الجحيم في بلد الغربة وتمنيت الموت في كل لحظة، كانت تعطيني الطعام والشراب كما لو كنت من المساجين، كنت أنام دائما ودموعي تغرق وجهي. لكن ربنا لطف بي وأنقذني من هذا العذاب وغادرت البلاد متنازلة عن كل حقوقي مقابل الرحمة".
والدته لطيفة وجدّة حنونة
وتضيف أندريا "حالياً تزوجت شخصا آخر ولديّ أولاد منه وهو يساندني، وحتى والدته لطيفة جدا معي ولا تتدخل في خصوصياتنا وهي جدّة حنونة وتحب أحفادها كثيرا".
نجحت في كسب حماتي
قصة أخرى تبين العلاقة الإيجابية التي تجمع الطرفين، رنا السيد تروي قصتها وهي تبتسم "في البداية شعرت حماتي بالغيرة لأني أخذت ابنها منها، لكن عقلانيتي وحسن معاملتي لها وصبري على تصرفاتها، أمور كانت بلسما إلى أن جاء وقت وبلمح البصر تغّير سلوكها تجاهي".
وهكذا انتهت تلك الحرب بين الحماة والكنة وصارتا تساندان بعضهما وتخليتا عن روح المنافسة، وزوجها -كما تقول رنا- لعب دورا بارزا في تقليص الخلافات بينهما، إذ وجد طريقة مسالمة دون الانجراف إلى الغضب، مما ساعد في إذابة الجليد بينهما وقرّب بينهما.
صراع على قلب واحد
فريدة جيدون (الأم الحماة) تحكي قصتها بحزن وحسرة "لن تصدقي كم هو زوج رائع. فهو يساعد كنتي في الطبخ، والمشتريات، وترتيب البيت، وحتى في الغسيل! ولكن كنتي غريبة الأطوار. فهي تطلب من ابني أن يطبخ ويرتب المنزل ويعّلق الغسيل! يا لها من كنة مجنونة".
شعرت فريدة أنها لم تعد تحتل المرتبة الأولى والمميزة لدى ابنها. والكنة لم تحاول فهم طبيعة مشاعر الأم/الحماة، مما أدى إلى توتر العلاقات بينهما، بل صارت تستفزها بتصرفاتها لتتألم أكثر، كما تقول فريدة.
أما الابن/ الزوج فلم يسع لإصلاح الأمور، وتجنّب التدخل في أمورنا. فبقيت حالة الجفاء والتوتر في علاقة الكنة والحماة.
وتواصل فريدة "ربيت ابني بإخلاص طيلة سنوات واستثمرت في تربيته أفضل سنوات حياتي، وفجأة يصبح هذا الابن ملكا لزوجته!".
غيرة الحماة من الكنّة
ويرى الدكتور عفيف سليمي مستشار الحياة الأسرية أن غيرة الحماة من الكنّة ناتجة عن خشيتها من ابتعاد ابنها عنها، بعدما كان ملكا لها ولا تشاركها فيه أي امرأة أخرى، ثم جاءت الكنة لتخطفه من بين يديها وتزداد الصراعات بينهما. عندما تفتقد الأم ابنها الذي كان يوليها كل الاهتمام والرعاية، ليتضح لها لاحقاً أن هذا الاهتمام بدأ يتقلص لوجود أخرى يمنحها مقدار الاهتمام نفسه، وهذا سبب آخر لغيرتها، لا سيما إذا استمر ابنها بمدح زوجته أمامها وذكر ميزاتها ومدى حبه لها، فهذا أكثر ما يغضبها".
دور الكنّة بإثارة غيرة حماتها
وبحسب رأي سليمي، فإن هناك أسبابا عديدة ومتنوعة تستدعي غيرة الحماة من كنّتها، كما لكل غيرة قصتها وحيثياتها، شريطة ألا نُلقي اللوم دائما على الحماة، فالكنّة قد تلعب دورًا رئيسيا في إثارة غيرة حماتها، والتباهي بمهاراتها وقدراتها وكيفية إدارة زوجها ومنزلها. لكن يجب على الكنة أن تكون ذكية وتتحلى بالهدوء والصبر وتظهر الاحترام والمودة لحماتها، وهذا ما سيدفع الأخرى للتغيير من طريقتها وتهدئة توترها.
الكنة الذكية تدرك أهمية علاقتها بحماتها
وينصح سليمي الكنة بالتعامل بهدوء مع العلاقة الإشكالية، ويتعين عليها أن تفهم أن الحماة رّبت ابنها واهتمت به معظم أيام حياته تقريبا. ويمكن أن تعزز الكنة العلاقة بين الابن ووالدته، فالكنة الذكية تدرك أنه يستحسن تعزيز هذه العلاقة ومنحها أهمية عائلية بدلا من الحد منها، وهذا يصب لصالح سعادتها وزوجها.
ويقدم للكنة نصائح من شأنها تقوية علاقة بحماتها بأن تكون على علاقة متواصلة مع حماتها، كأن تتحدث معها هاتفيا بشكل دوري أو ترسل لها رسالة نصية قصيرة.
ويرى سليمي أنه من الممتع دائما أن تتلقى الحماة تهنئة ومديحا في أعياد ميلادها وزواجها، وأن تتصرف الكنة بمودة معها، وعندما تحّل الكنة ضيفة على حماتها يستحسن أن تقترح عليها المساعدة وتغسل الأواني وتقّدم الأطعمة وتتمتع بالجو العائلي.
الحماة الذكية لا تقارن بين كنتها وابنتها
يشكل الاحترام المتبادل علامة أولى للعلاقة السليمة بين الحماة والكنة. "إذ لا تحب الكنة سماع الملاحظات لأنها تمس بها وتشعرها بالضعف. وفي المقابل تحتاج الكنة لدعم الحماة"، كما يقول الدكتور سليمي.
ويستحسن عدم المقارنة بين كنة وأخرى. وأكثر من ذلك ألا تقارن الحماة الذكية بين كنتها وابنتها لأن هذه المقارنة قد تلحق ضررا بأحدهما، كما يحظر على الحماة أن تقول أقوالا سيئة عن كنتها، إذا كانت تريد أن يعيش ابنها وزوجته حياة سعيدة.
وتهتم الحماة الذكية بكنتها دون أن تتدخل في حياة الزوجين. فعندما يزور الابن وزوجته والدته، يتعين على الحماة الذكية أن تستقبلهما بمحبة كبيرة. كذلك عندما تزور الحماة ابنها وزوجته عليها أن تمدح كنتها، وتشيد بالأطعمة التي تطبخها واعتنائها بالمنزل.
نصائح للابن الزوج
وللزوج الابن دور لا يقل أهمية في استقرار العلاقة بين أمه وزوجته، إذ يجب عليه أن يعدل في المعاملة بين أمه وزوجته دون انحياز إلى أي منهما، وعليه أن "يترفع عن التدخل في التفاصيل الصغيرة بينهما، ويتجنب انتقاد إحداهما بمقارنتها بالأخرى"، وفقما ينصح الدكتور سليمي.