من نافل القول أن نؤكد مبدأ حرية التعبير بالطرق السلمية التي تكفلها القوانين والمعاهدات الدولية.
ومن هنا نقول إن لأهالي غزة الحق ذاته في التعبير عن أنفسهم تماما كما هو حق غيرهم في أي بلد من بلدان العالم.
ومع ذلك فقد وجدت تظاهرات «بدنا نعيش» في غزة التي واجهها الأمن هناك بالقوة، وجدت ترحيبا حارا جدا، لكن ممن؟ من الشخصيات الصهيونية، ومن وسائل إعلام صهيونية، ومن شخصيات ووسائل إعلام لا تكن ودا للمقاومة ولا لحركة حماس التي تسيطر على القطاع.
باختصار وجدت تلك التظاهرات دعما وترحيبا ممن هم السبب الحقيقي في تجويع أهل غزة.
ومن هنا يبدأ النقاش مع الجمهور الذي شارك في تلك التظاهرات، فالمتعارف عليه أن التظاهر يكون ضد المتسبب في الوضع الذي أجبر الناس على التظاهر، ومن المعلوم للجميع أن قطاع غزة يعاني حصارا وتجويعا من طرفين رئيسيين؛ الكيان الصهيوني والسلطة الفلسطينية في رام الله، وهما الجهتان اللتان دعمتا تلك التظاهرات ورحبت بهما، وبالمناسبة فإن الجهتين لا تخفيان هدف حصارهما وتجويعهما للقطاع، والمتمثل في تجويع الأهالي للانتفاض في وجه القوة المسيطرة هناك وهي حماس.
كان هذا المنطق سيكون مقبولا لو أن خزائن حركة حماس أتخمت جراء الحصار، وأن حسابات قياداتها في سويسرا باتت هي الأخرى متخمة، لكن العكس هو الصحيح، فحركة حماس وقياداتها ومشاريعها المقاومة تعاني من الحصار كما يعاني الجميع في غزة.
لذلك كان الأولى أن ينفجر الغضب باتجاه المتسببين الحقيقيين بمأساة غزة.