كللت سلطات الاحتلال نشاطها الأمني في الضفة الغربية باعتقال عددٍ من كوادر وأنصار حركة المقاومة الإسلامية "حماس" المحررين من سجون أجهزة الضفة، أبرزهم الشيخ حسين يعقوب الأجرب (48 عاماً) الذي اعتقلته من بلدة "قبيا" غربي مدينة رام الله يوم الخميس الماضي. وفجر اعتقال الشيخ الأجرب موجة استنكارٍ لسياسة تبادل الأدوار بين أمن الضفة وقوات الاحتلال، لا سيما أن الشيخ أمضى من حياته ثلاثة عشر عاماً في سجون الاحتلال، وأكثر من عامٍ في سجون السلطة. عائلة الشيخ قالت إنه كان متوجهاً لزيارة الشيخ عبد الخالق النتشة وتهنئته بسلامة الافراج عنه من سجون الاحتلال بعد اعتقاله لمدة عشرة أعوام، حين استوقفه جنود الاحتلال على حاجز "الكونتينر" بالقرب من بيت لحم، واعتقلوه. ويعاني الشيخ حسين وضعاً صحياً صعباً بسبب إصابته بـ"الديسك" أثناء التحقيق معه في زنازين "الأمن الوقائي" ببيتونيا، حيث كان يتمّ شبحه لمدة طويلة وبشكل متكرر، ليخرج للمستشفى مباشرة ويمكث فيه طويلاً، إلّا أنّ حالته الصحية لم تمكنه حينها من الخضوع لعملية جراحية نتيجة لاصابته بمرض القلب. كما يعاني من أمراض أخرى أبرزها مرض في رأسه، جرّاء تعرضه للضرب من قبل ضباط المخابرات (الإسرائيلية) في سجن المسكوبية بالقدس المحتلة عام 1996، حينما خضع لتحقيق قاس قهر به محققيه دون أن يتلفظ بكلمة واحدة. إضافة لإصابته بعدة انزلاقات غضروفية في العمود الفقري ومنطقة الرقبة تسبب له آلاماً شديدة ومتواصلة . [title]باب دوار[/title] سبق اعتقال الشيخ عبد الله في ذات اليوم اعتقال شقيقين من طوباس، هما محمد ومراد عودة صوافطة، عقب الإفراج عنهما من سجون أجهزة الضفة. وخلال الأسبوع المنصرم، كثفت قوات الاحتلال من حملات اعتقالها للمحررين من سجون السلطة، فاعتقلت الطالب بجامعة بيرزيت محمد العاروري والطالب بجامعة الخليل محمد يونس عمرو، والمحرر الذي خاض إضراباً عن الطعام لأكثر من 20 يوماً في سجون السلطة أنس أبو مرخية، كما اعتقلت الطالب في جامعة الخليل نصر أبو حديد شقيق الأسير محمد أبو حديد الذي كان من المشاركين بإضراب الحريات رفضاً للاعتقال الإداري في الجامعة. [title]الطرف الثاني.. يعتقل[/title] وفي الاتجاه المقابل، شهدت الأيام القليلة الماضية تصعيدا جديدا في اعتقال أجهزة الضفة للمحررين من سجون الاحتلال، أبرزهم القيادي حماد العملة من بلدة "بيت أولا" بالخليل الذي اعتقله جهاز الأمن الوقائي بعد أيامٍ معدودةٍ من الإفراج عنه من سجون الاحتلال، حيث أمضى 25 شهراً رهن الاعتقال الإداري. كما اعتقلت أجهزة السلطة إمام مسجد أبي عبيدة الشيخ بسام حماد (38 عاماً) وهو أسير محرر ومختطف سابق لعدة مرات، والأسير المحرر عبد الرحمن حامد (33 عاماً) وهو مختطف سابق أيضاً، والأسير المحرر مالك حامد (20 عاماً) وهو مختطف سابق. [title]إحكام الخناق[/title] ويرجع المراقبون للحالة الميدانية في الضفة الغربية تصاعد حدة الاعتقالات السياسية واعتقالات الاحتلال للمحررين من سجون السلطة إلى عدة عوامل أهمها قرب إجراء الانتخابات البلدية التي أعلنت عنها السلطة الفلسطينية في تشرين أول المقبل، إضافةً لرغبة الطرفين "الاحتلال وأجهزة الضفة" بمعاقبة نشطاء حراك الحريات الذي تصاعد مؤخراً في الضفة الغربية. وفي ضوء هذه التوقعات، يرجح المراقبون استمرار عمليات الاعتقال على خلفية الباب الدوار وتصاعدها في قادم الأيام، مؤكدين أن ذلك سيزيد من الصعوبات في اتجاه تحقيق المصالحة الفلسطينية. وقال بعض المتابعين والأسرى المحررين إن التصعيد في الاعتقالات النوعية يمكن أن يكون وسيلةً وغايةً في ذات الوقت، فهو وسيلةٌ لإبعاد حركة "حماس" عن واقع الضفة الغربية أكثر، وغايةٌ تضمن استمرار إحكام القبضة الأمنية على حياة الناس هناك. [title]انتخابات البلديات[/title] وشبه بعض المراقبين ما يجري اليوم من اعتقالاتٍ من قبل قوات الاحتلال بتلك الحملة التي تعرض لها كادر الحركة وأنصارها قبيل إجراء الانتخابات التشريعية الفلسطينية في كانون ثاني 2006 التي حققت الحركة فيها فوزاً ساحقاً بأكثر من 60% من أصوات الناخبين. ودعم أنصار فرضية أن الاعتقالات تتم لتحجيم دور "حماس" في الانتخابات البلدية موقفهم بالإشارة لتحركاتٍ واسعةٍ تقوم بها أجهزة الضفة تم من خلالها استدعاء عشرات الكوادر للتحقيق واستكشاف موقف "حماس" من تلك الانتخابات. و"من تحت الطاولة"، لا يخفي صانعو القرار في السلطة الفلسطينية تخوفهم من دورٍ قد تنجح حركة "حماس" في ممارسته لتعطيل إجراء الانتخابات، أو إفشال حركة "فتح" التي توصف بأنها تتنافس مع ذاتها في هذه الانتخابات بفعل مقاطعة حركة "حماس" وتلاشي حضور قوى اليسار والفصائل الأخرى وضعف المستقلين. وتطرح منتديات "فتح" سيناريوهاتٍ كثيرةً تعتقد أن "حماس" يمكن أن تلجأ لها لإفشال مشروع فتح في الانتخابات، لعل أهمها توجيه قاعدتها الشعبية الكبيرة لانجاح مرشحين مستقلين مناكفين لحركة "فتح" أو توجيه ذات القاعدة لمقاطعة التصويت في الانتخابات وهو ما سيخفض نسبة الاقبال الى حدٍ سيثير جدلاً كبيراً حول حضور حركة فتح الشعبي وأهليتها الشرعية للبقاء حزباً مسيطراً على السلطة، خاصة بعدما فشلت في الحصول على أكثر من 29% من انتخابات المجلس التشريعي عام 2006. [title]العقاب.. [/title] وفيما يستند بعض المراقبين إلى انتخابات البلديات كتفسيرٍ لتصاعد الاعتقالات المزدوجة فيما يعرف بسياسة الباب الدوار، يعتقد آخرون أن ما يجري يرتبط أكثر بحالة الحراك الميداني الذي بدأت "حماس" تنعشه على الأرض. يدعم أصحاب هذه الفكرة رأيهم بالقول إن أغلب من تم اعتقالهم لدى سلطات الاحتلال بعد الإفراج عنهم من سجون السلطة هم من النشطاء الطلابيون الذين شاركوا في فعالياتٍ تندد بحالة القمع الأمني الذي تعيشه الضفة الغربية وطالبوا بالحريات. وقال عددٌ من أنصار هذا الموقف إن مخابرات الاحتلال وصلت إلى قناعةٍ راسخةٍ بضرورة ضرب أي حراكٍ لأنصار "حماس" بمجرد تبلور ملامحه. وبحسب عددٍ من كوادر الحركة في الضفة الغربية، فإن أغلب من يتم اعتقاله لدى سلطات الاحتلال يخضع للتحقيق حول مستقبل الحركة وأدائها في الضفة الغربية بعد أكثر من خمس سنواتٍ على حظر نشاطها أمنياً. وأياً كانت دوافع تصعيد الحراك المزدوج ضد "حماس" في الضفة الغربية تبقى الحقيقة التي لا جدل عليها أن سياسة الباب الدوار ماضيةٌ في حصد ضحاياها ولعل من أكثرهم نوعيةً الشيخ حسين الأجرب.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.