نشرت مجلة "فورين بوليسي" مقالا لمدير مؤسسة السلام العالمي أليكس دي وال، يقول فيه إن استراتيجية الخرطوم طويلة الأمد في خوض الحروب الأهلية من خلال تقوية المليشيات القبلية، مثل مليشيا الجنجويد في دارفور، عادت إليها لتلسعها، متمثلة بالجنرال محمد حمدان دقلو، المعروف بحميدتي.
ويقول دي وال في مقاله، إن "حميدتي هو قائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية، ونائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي، الذي حكم السودان منذ الإطاحة بالرئيس عمر البشير في شهر نيسان/ أبريل، وهو رجل مليشيا، قليل التعليم، من قرية نائية -وهو ومعظم القادة والمقاتلين المحيطين به من عرب دارفور الذين أول من خدموا في مليشيا الجنجويد- ولا يمتلك حميدتي أيا من المؤهلات ليكون زعيما قوميا، لكنه أكثر رجل في السودان نفوذا اليوم، أكثر حتى من قائد المجلس العسكري.
ويشير الكاتب إلى أنه "خلال فترته القصيرة في السلطة وجهت الانتقادات إليه وإلى قوات الدعم السريع؛ لحملة فض الاعتصام في 3 حزيران/ يونيو ضد المحتجين المنادين بالديمقراطية، وهو الهجوم الذي وقع ضحيته 128 متظاهرا سلميا، إما حرقا أو رميا بالرصاص أو من خلال الاغتصاب والملاحقة في الشوارع ثم القتل، وقامت قواته يوم السبت أيضا بمهاجمة مؤتمر صحافي كانت تعقده القوى المنادية بالديمقراطية، وفي اليوم التالي في 30 حزيران/ يونيو، قاموا بإطلاق القنابل المسيلة للدموع لتفريق أكبر مظاهرة في تاريخ الخرطوم وغيرها من المدن السودانية، وكان هذا التاريخ له دلالات مزدوجة، ففيه الذكرى الثلاثين لانقلاب البشير، وهو التاريخ الذي قال فيه الاتحاد الأفريقي إن على المجلس العسكري أن يسلم فيه السلطة للمدنيين، وهناك تقارير تفيد بمقتل 10 متظاهرين".
ويقول دي وال إن "حميدتي بدأ يبدو بشكل متزايد ديكتاتورا جديدا للسودان، بعد أن تجاوز الموعد النهائي لتسليم السلطة للمدنيين، لكن حتى لو تمت إزالته من السلطة فإنه لا يمكن اقتلاع نمطه السياسي بسهولة".
ويلفت الباحث إلى أن "المتظاهرين السلميين من تحالف الحرية والتغيير أسقطوا في 11 نيسان/ أبريل هذا العام، البشير، الذي حكم السودان لحوالي 30 عاما تقريبا، وخلال تلك المظاهرات أمر البشير جنرالات الجيش أن يفتحوا النار على المتظاهرين، لكنهم رفضوا ذلك، على الأقل لأن بعض الشباب الذين كانوا في الشارع وحول مقر الجيش كانوا أبناءهم".
ويجد دي وال أن "سلسلة الأحداث كانت شبيهة بثورتين سلميتين سابقتين في السودان، عام 1964 وعام 1985، حيث تم نقل السلطة من الديكتاتور إلى ائتلاف من كبار الجنرالات والسياسيين المدنيين، وفي الحالتين تم اختيار أعضاء الائتلاف من النخب الإثنية والاجتماعية (أبناء النيل) من الخرطوم والبلدات المجاورة".
ويفيد الكاتب بأنه "في هذه المرة فإن المجلس العسكري الانتقالي شكل المجموعة التي استولت على السلطة ومنذ نيسان/ أبريل، وهو يتفاوض مع تحالف الحرية والتغيير حول إجراءات الحكومة المدنية لتستلم مكان البشير، وقارب المجلس والتحالف من الوصول إلى اتفاق ثلاث مرات، وفي كل مرة كان المجلس يجد حجة يعلق بسببها المفاوضات، ويوم الجمعة وافق المجلس على صيغة شراكة للسلطة اقترحها الوسيط الإثيوبي، لكن هناك القليل من يعتقد أن المجلس فعل ذلك بحسن نية".