بِدون مُقدمات " خذلنـــاكم ". لم تكونوا يوما على رأس أولوياتنا، لم نغضب لأجلكم، لم نتوانى في إهمالكم، صرنا أكثر إنشغالا من تذكر موتكم، وأقلُ إخلاصا في إنتظار عودتكم، سامر البرق، حسن الصفدي، أيمن شراونة، سامر عيساوي، وجميع الأسرى. خذلناكم، وهتفنا لرغيف الخُبز، هذا الذي صرنا عبيدا له. خذلناكم، وتقزمت أحلامنا أمام مارد صبركم. خذلناكم، وصرنا نتسول فتات الكرامة خلسة مِن رصيف صمودكم. خذلناكم، وأصبحتم ذنوبنا التي لن تُغتفر. خذلناكم، بلهاثنا خلف خرافات السلام وتخلينا عن أبجديات الحرب. خذلناكم، وبخذلاننا لكم، هيأنا للأسير سامر البرق المنفى، وعبدنا له كل الطرق المؤدية إلى الرحيل، ولم نُبقي لديكم سوى خيار الغياب عن الأرض التي لا تعشق أبناءها سوى مقتولين أو موجوعين. خذلناكم، ونحنُ نعلم أن أسوأ أنواع الموت ذلكَ الذي نشتهي قدومه إلينا ولا نستطيع تشييع أنفسنا نحو جنازة من فيه، وهو ما حدث معكم عندما شارف الموت على إلتهامكم. خذلناكم، وأصبح أبناء هذا الوطن كالمُنبه العطلان لا يدق إلا في الوقت الغير مناسب وبعد فوات الأوان. خذلناكم، وسيادة الرئيس مشغول بمناكفاتهِ مع أبناء وطنهِ لا بكم، ونحنُ مشغولون بالضحكِ على خطابهِ وأوقاتكم في ضيافة الموت، ضحكنا على ابتلائنا بهِ، وصرنا نستحق لقب أول شعب في التاريخ "أضحكهُ الإبتلاء". خذلناكم، ونحن نقول لا نملك لكم سوى الدعاء، لا تصدقونا فنحنُ كاذبون ومنافقون ومنتمون لزمن العُهر المُشين، أتعلمون لماذا؟ لأننا عندما شعرنا بخطر قادم نحو جوعنا أغلقنا الطرقات، وأضربنا وضربنا وقلبنا الدنيا ولم نُقعدها، وعندما شارفتم على الموت قلنا "لا نملك لهم سوى الدعاء". لا تصدقونا، فنحنُ نملك كل شيء، نملكُ الخوف، نملكُ الغباء، نملكُ الهوان، فقط تنقصنا الإرادة نحو الكرامة. مَلنا الدعاء، وشبع الجوع، وما خجلنا منكم ولا مِن الوطن. خذلناكم، وفي حقيقة الأمر لن تُجدي بعد اليوم الإعتصامات والمسيرات التي إنشغلنا عنها ونحنُ فيها، وأصبحنا رهن خوفنا حتى مِن حقنا. فلنقاتلهم إذن كما قال تميم البرغوثي " فلنقاتلهم على عطشٍ وجوعٍ وخذلان الأقاصي والأداني، فلنقاتلهم وظُلمُ بني أبينا نُعانيه كأنّا لا نُعاني، فلنُقاتلهم كَأنّ اليَومَ وحيدٌ ما لَهُ في الدهرِ ثانِ". خذلناكم، وأمعنا في تجاهلكم والموت يحاصركم ويحفظ ملامحكم، يترصد جوعكم، حالات ضعفكم، ومن يناصركم، وعندما لا يجدنا بجانبكم، يقترب أكثر منكم، لكنه يحصي صمودكم ويضيف إليه كرامتكم وصبركم يتراجع ويطرح نفسه من معادلة أنتم فقط من تستطيعون كتابة ناتجها. خذلنـــاكم، وأعلم أنكم ترددون ما ردده البرغوثي قبلكم :"ستون عاما وما بِكم خجلٌ .. الموتُ فينا وفيكُم الفزعُ". وأنا أضيف :" يا ليتنــا نفزع، أخزانا الله فما رأى مثلنا العالم وما سمع ". لن أنسى توقيعي الدائم " الأسرى دولة تستحق أن نُعلن لها الولاء" كلماتي تعتذر لكم، فأنا لا أملك سواها، وهي الفوهة الوحيدة المُتبقية مِن بُندقية لا أملكها.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.