أعلنت مؤسسات إيرانية أمس عن رفع قيمة مكافأة قتل الكاتب الهندي البريطاني سلمان رشدي إلى أكثر من ثلاثة ملايين دولار وذلك في أعقاب الضجة والأحداث المواكبة للفيلم المسيء للنبي الكريم صلى الله عليه وسلم، ولم أفهم لماذا زادت إيران مكافأة سلمان رشدي الذي نسيه الناس تماما، والذي كانت قضيته قبل أكثر من عشر سنوات عندما نشر كتابا أدبيا فيه افتراءات تاريخية، لماذا تذكرته إيران ولم ترصد مكافأة لأصحاب الحالة الجديدة، هذا شيء عجيب جدا، بطبيعة الحال، أنا أرفض مثل هذه الأفكار المخربة والمدمرة للسمعة الإسلامية، سواء مع سلمان رشدي أو صانعي الفيلم المسيء أو غيرهم، وأعتقد أن من يعلن عن مثل تلك الجوائز هم أعداء حقيقيون لرسالة الإسلام في عالم اليوم، وإن كنت أعتقد أن الأسلوب الأمريكي في تعقب خصوم الولايات المتحدة هو الذي فتح الباب أمام مثل هذه الأفكار لأن الأمريكيين هم الذين ابتدعوا فكرة رصد مكافآت لمن يدلهم أو يعينهم على قيادات سياسية أو عسكرية في العالم ممن يقاتلونها أو يهددون مصالحها، على كل حال أتصور أن ما فعلته إيران هو محاولة لاستثمار حالة الغضب الإسلامي لافتعال قضايا ومعارك تبعد بالمشاعر الإسلامية عن واقع سياسي وإنساني وأخلاقي متورطة فيه إيران نفسها الآن، فالادعاءات الإيرانية عن رصد مكافأة لمن يقتل من أساء إلى رموز إسلامية، محاولة لتضليل الرأي العام عن جرائم إيرانية تورط فيها الملالة وجنرالاتهم في تدمير المساجد والمدارس في ربوع سوريا، وذبح الأطفال بالسلاح الأبيض في مشاهد امتنعت الفضائيات عن بثها لأنها مخيفة بدرجة لا يحتملها معظم المشاهدين، وهدم مدن على رؤوس من فيها من النساء والأطفال والشيوخ واغتصاب النساء، كل هذا الخراب والدمار والإجرام والوحشية التي يجرمها الإسلام يتم ارتكابها الآن في سوريا بالسلاح الإيراني والمال الإيراني والخبراء العسكريين الإيرانيين، ثم بعد ذلك يحدثوننا عن غضبهم من إهانة الإسلام ورموزه، ولقد نظر النبي الكريم صلوات الله عليه وتسليماته إلى الكعبة المشرفة، قدس أقداس المسلمين, وقال: ما أعظمك وأعظم حرمتك عند الله، وإن دم المسلم لهو أعظم حرمة عند الله من حرمتك، أو كما قال، فعلى هؤلاء القتلة المجرمين سفاكي دماء المسلمين أن يتوقفوا أولا عن جرائمهم وسفكهم لدماء المسلمين وقتل الأطفال والنساء في سوريا قبل أن يحدثونا عن عرض النبي وكرامته، وقبل أن يتبختروا ـ كذبا ـ أمام العالم برصد جوائز لمن يقتل منتهكي أعراض المسلمين. والحقيقة أن ردات الفعل على الفيلم المسيء أو ما يسمى بالفيلم، لأن من أنتجوه وأخرجوه لا يصلحون لإنجاز شريط هواة لطلبة في مدرسة ثانوية، أقول: إن ردات الفعل رغم تعاطفي مع عفوية أصحابها إلا أنها تكشف عن ضعف في الوعي السياسي والديني معا لدى شعوب العالم الإسلامي، فحماية مقدسات الإسلام والغيرة عليها لها ألف طريق آخر غير ضرب رجال الشرطة أو اقتحام السفارات أو حرق الأعلام، ولو أننا قمنا بترشيد الجهد السياسي والإعلامي والمالي في حزمة من المواقف والأعمال والمشروعات الحضارية، لأمكن محاصرة مثل هذه "البذاءات" المتطرفة التي تظهر كل حين، ودفنها في مهدها وحرمان أصحابها من نيل الشهرة الرخيصة، ولقطعنا الطريق على المغامرين الذين أصبح واضحا أنهم يستغلون هذه العفوية في عواطف المسلمين لاستنزافها في هدر أو فيما يسيء إلى دعوتهم ورسالتهم في عالم اليوم، فهل نتعلم الدرس، وهل نخطط للمستقبل بشكل شامل، أعتقد أن الربيع العربي ـ الإسلامي، يلزمنا بذلك، ويفتح لنا الأبواب لتحمل مسؤولياتنا تجاه هذا الملف الذي أصبح عاجلا.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.