يسود اعتقاد عام في الدول العربية بأنه يجب على النساء اختيار طبيبة أثناء الكشف النسائي لخصوصية الموقف بحسب التقاليد، وفي المقابل وضعت كل من بريطانيا وأميركا مجموعة من الضوابط المتعلقة بالكشف النسائي، إذ لا تزال نسب كبيرة من الأوروبيات والأميركيات يفضلن الكشف لدى طبيبة أو حتى قابلة، وذلك مقارنة بالخضوع للكشف النسائي لدى استشاري نساء وتوليد رجل.
معرفة الطبيب حق أصيل
تتيح دول العالم العديد من القوانين التي تتعلق بخصوصية المرضى، ولعل أهمها الحق الأصيل في اختيار المريضة لجنس الطبيب العام وليس النسائي فقط، فمن حق أي مريض اختيار الطبيب أو الطبيبة قبل الفحص، ومن حقه أيضا وقف الفحص عند أي نقطة بسبب عدم الشعور بالراحة.
الأمر لا يتعلق بالخصوصية والنوع فحسب، بل المؤهلات أيضا، فمن حق المريض معرفة الخلفية الأكاديمية التي يحملها الطبيب، وما إذا كانت متناسبة مع الشكوى أم لا، وهو ما جعل العديد من الدول والاتحادات النسائية تدعو النساء لحملات توعية من شأنها تعريفهن بحقوقهن كمريضات. وقد كشفت العديد من استطلاعات الرأي نسبا قد تبدو مفاجئة بشأن تفضيل المرضى للكشف عند طبيب أو طبيبة.
طبيب أم طبيبة
وأشار استطلاع للرأي صادر عن الاتحاد الفدرالي في المملكة المتحدة، إلى ضعف التمثيل النسائي في المجالات الطبية المختلفة، خاصة في مجال النساء والتوليد والجراحة، إذا ما قورنت النسبة بحجم الطلب عليهن، بل إنه عند تعذر وجود طبيبة نسائية فإن المريضة قد تفضل أن تفحصها قابلة أو أحد أفراد طاقم التمريض المدرب أو طبيبة ممارسة عامة بالتخصص النسائي على الاستشاري الرجل المتخصص في الأمراض النسائية، وحتى في الولايات المتحدة، تفضل قرابة 50% من النساء التعامل مع طبيبات إناث.
الرجال يفضلون الطبيبات أيضا
كما أُجري استطلاع رأي في الولايات المتحدة نشره في موقع "يوغوف" (YouGov)، أوضح أن الرجال أيضا يفضلون الكشف لدى طبيبات سيدات بواقع نسبة 31% مقابل 14% يفضلون الأطباء، فيما أبدى قرابة 50% عدم الاكتراث لجنس الطبيب قبل التشخيص.
وأشار استطلاع للرأي أن الرجال أقروا أن الطبيبات يسمعنهم بصدر رحب، حيث تعطي المريض الوقت الكافي للاستماع، على عكس الطبيب الرجل الذي قد يقتضب الحديث مما يؤثر على التشخيص في رأيهم.
وعمليا لا يؤثر الإسهاب أو الراحة النفسية على آليات التشخيص الذي يعود إلى دليل إرشادي طبي موحد في كل دولة، إلا أن هذا الرأي أشير إليه في دراسة بالأكاديمية الوطنية للعلوم بالولايات المتحدة شملت أكثر من نصف مليون شخص عانوا من أزمات قلبية سابقة، أكد خلالها المرضى أن الطبيبات أكثر تفهما من الأطباء.
واستمرت الدراسة عقدين، وكانت النتيجة لصالح طبيبة القلب وليس الطبيب، حتى أن جامعة هارفرد العريقة أكدت في دراسة أجرتها على نحو 1.5 مليون شخص يعانون من أمراض مختلفة، أن استجابتهم للعلاج كانت أفضل عندما عالجتهم طبيبات، بفارق 32 ألف حالة، رغم عدم انتهاك الأطباء الرجال للبروتوكولات الطبية المتعارف عليها.
قانون المرافقة
يفرض القانون ضرورة وجود طرف ثالث أثناء توقيع الكشف النسائي في معظم دول العالم، وفي تقرير عن تفضيلات النساء لمن هو الطرف الثالث، كشفت النساء عن ضرورة وجود أحد أفراد التمريض أو حضور أحد ذويهن أثناء الكشف النسائي عليهن.
وأوضح التقرير أن تفضيل النساء لوجود طرف ثالث أثناء الكشف عليهن يتضاءل بنسب كبيرة حال كان الطبيب المعالج سيدة، وهو ما يؤكد حساسية الموقف بالنسبة للمريضة، لكن يتكشف مع الوقت أن النساء يفضلن الطبيبات في التخصصات المختلفة مثل النفسية والعصبية والجراحة، وليس في تخصص النساء والتوليد فقط، بحسب التقرير منشور في المكتبة الوطنية للمعاهد الطبية بالولايات المتحدة (إس سي بي آي).
وتشجع خدمة الصحة الوطنية النساء على الالتحاق بتخصصات تعاني من نسب غير متوازنة بين الجنسين، حيث توضح الإحصاءات الفجوة الكبيرة بين الجنسين في تخصص الجراحة التي تصل إلى 27% من الطبيبات مقابل 46% في تخصص النفسية والعصبية.
ورغم وصول نسب الطبيبات في مقابل الأطباء في تخصصات مثل النفسية والعصبية إلى نسب جيدة في المملكة المتحدة بسبب إقبال الإناث على تلك التخصصات، فإن عزوفهن عن اختيار تخصصات جراحية يواجه أزمة في الطلب عليهن في المستشفيات، وهو ما يجعل خدمة الصحة الوطنية تشجع الطبيبات على الدخول في غمار تلك التخصصات، وذلك لا يتناسب مع حالة الطلب المتزايدة على الطبيبات.