"الدولار نزل يبقى الأسعار هترخص" جاءت هذه الجملة المتفائلة على لسان محمد سعيد (موظف 34 عاما) بعدما علم بانخفاض سعر الدولار لأقل مستوى منذ 3 سنوات تحت 16 جنيهًا، لكن مصنعون وتجار تحدث إليهم مصراوي خالفوا تلك الآمال.
يرى سعيد أن تراجع سعر الدولار، فرصة جيدة لخفض أسعار السلع خاصة السلع الغذائية والملابس والخضروات والفاكهة "هذه أهم أولوياتنا وإن انخفضت أسعارها سأكون سعيدًا خاصة وأن التجار كانوا يرفعون الأسعار بسبب زيادة الدولار".
لكن أحمد شيحة، رئيس شعبة المستوردين بالغرف التجارية، يقول إنه نظريا يسهم تراجع سعر الدولار أمام الجنيه في خفض أسعار السلع خاصة المستوردة بنفس النسبة، لكن عمليا هذا لا يحدث لعدة أسباب.
وأضاف :"التراجع في سعر الدولار يكون على فترات طويلة، ما يجعله تراجع غير مؤثر في تكلفة الإنتاج، وبالتالي لا تنعكس على أسعار السلع".
وأشار إلى أن أسعار السلع مرتبطة بتكلفة إنتاجها "وتراجع 25 قرشا على مدى شهور أو 1.5 جنيه في العام في سعر الدولار لا يعد مؤثرا في التكلفة الإجمالية للتصنيع سواء في السلع المستوردة والتي تتحمل تكلفة نقل ورسوم، أو السلع المصنعة محليا التي تستورد مواد خام ".
وشهدت أسعار الدولار تراجعا ملحوظا أمام الجنيه يوم الاثنين الماضي، حيث كسر سعر الشراء بشكل مفاجئ حاجز الـ 16 جنيها ووصل متوسط السعر في البنوك إلى أدنى مستوى له منذ نهاية فبراير 2017.
وتقول أمنية الحمامي، محللة القطاع الاستهلاكي ببنك استثمار نعيم، إن أسعار السلع لن تتأثر بانخفاض سعر الدولار أمام الجنيه.
"القوة التي اكتسبها الجنيه أمام الدولار تعد فرصة للشركات التي تستورد مواد خام لتقليل تكلفة الإنتاج وأبرز هذه الشركات قطاع المنتجات الغذائية، لكنها على الرغم من ذلك لن تقلل أسعارها" بحسب الحمامي.
وترى المحللة أن تراجع تكلفة الإنتاج على الشركات بفضل انخفاض الدولار، سيمكنها من تعديل هوامش الربح التي انخفضت خلال الفترة الماضية، نتيجة زيادة تكلفة الإنتاج سواء المواد الخام أو المدخلات الأخرى.
"المستهلكون تعودوا على الأسعار الحالية للمنتجات، وهذا يعد حافزا للشركات للإبقاء على أسعارها الحالية، لكن على المدى الطويل، قد يساهم تراجع الدولار في تقليل معدل زيادة الأسعار في الفترة المقبلة" بحسب الحمامي.
وتشير الحمامي، إلى أن تراجع معدلات التضخم خلال الشهور الماضية، وتراجع الدولار سيساهم في تقليل نسبة زيادة الأسعار الفترة المقبلة.
ويقول يحيى زنانيري، رئيس شعبة الملابس الجاهزة بالاتحاد العام للغرفة التجارية، إن تراجع الدولار أمام الجنيه، من شأنه التأثير على أسعار السلع المستوردة، "لكن هذا التراجع لا يظهر بشكل آني وتلقائي في هذه السلع لكنه يأخذ وقتًا، ويظهر بشكل أوضح في السلع المعمرة مثل الثلاجات والغسالات مثلا، فقد نلاحظ استقرار أسعارها أو انخفاض بعض الأنواع".
لكن على مستوى أسعار السلع المحلية، يرى زنانيري، أن تكلفة الإنتاج بشكل عام مازالت مرتفعة، وهذا يحول دون تخفيض أسعار المنتجات حتى مع تراجع الدولار أمام الجنيه.
ويقول فتحي الطحاوي، نائب رئيس شعبة الأدوات المنزلية بغرفة القاهرة التجارية، إن سعر الدولار أمام الجنيه يتراجع "بمعدل بطيء" لا يمكن انعكاسه بشكل تلقائي على الأسعار، لأنه في السلع المستوردة، هناك دورة استيراد ثلاثة شهور، وحال استمر الدولار في حالة هبوط بالطبع ستتأثر الأسعار على المدى الطويل.
وأشار إلى أن تراجع الأسعار لن يتم فقط بهبوط الدولار، لكنه يستلزم اتخاذ إجراءات أخرى لإنجاح مبادرات التجار والمصنعين التي يسعى الاتحاد العام للغرف التجارية تطبيقها برعاية رئاسة الجمهورية.
"هذه الإجراءات يجب أن تتضمن تتضمن مراجعة قرارات وزارة التجارة الصناعة فيما يتعلق بترخيص المخازن والفحص المسبق، وتسجيل المصانع بالنسبة للمستوردين وغيرها.. إعادة النظر في هذه القرارات بما يسهل الاستيراد ويخفض التكلفة الإجمالية له سيساعد في خفض الأسعار النهائية للمستهلك بشكل مستدام"، بحسب الطحاوي.
يذكر أن الشهور الماضية، شهدت بالفعل تراجعا في أسعار بعض السلع الغذائية مثل الخضروات والفاكهة واللحوم والدواجن والأسماك، بشكل متزامن مع تراجع في أسعار بعض الأدوات والأجهزة المنزلية والملابس والأحذية.
وساهم هذا التراجع في شعور المواطنين بأن الأسعار تنخفض بشكل ملحوظ، بعد أن عانى المصريون من موجة ارتفاع عنيفة على مدار السنوات الثلاث الماضية بعد تعويم الجنيه في نوفمبر 2016 وتنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي.
وفسر محللون هذا التراجع في الأسعار بسبب زيادة المعروض من السلع وحالة الركود في المبيعات، والذي يتبعه تقديم التجار والمصنعين "عروضا" للتخلص من المخزون لديهم.
وظهر أثر تراجع الأسعار في أرقام التضخم، حيث سجل معدل التضخم الشهري لشهر نوفمبر في إجمالي الجمهورية معدلًا سالبًا قدره 0.5% مقابل ارتفاع قدره 1% خلال شهر أكتوبر الماضي، بحسب الجهاز المركزي للمحاسبات.