كنت في الصف السادس الأساسي.. وذات مرة خرج أهلي من البيت في زيارة عائلية إلى المفرق ستمتد لساعات.. وتركوني في البيت.

قال لي والدي (إنت كبرت يابا. وصرت زلمة . ديريبالك ع البيت إحنا ما بنطول) لقد شعرت بأنني قد استلمت سلطاتي الدستورية واديت اليمين حاكما أوحدا على البيت.. وإنه لشعور عظيم لو كنتم تعلمون.. لولا أن سمعت صوت أمي كوحي من السماء يقول (لا تنسى تلم الغسيل إذا شتت الدنيا)

فور مغادرتهم.. تناولت فروة أبي.. وجلست مكانه.. و(ضربت كوع) وبدأت أعطي التعليمات والتهديدات.. وأتخيل أخوتي حولي يخدمونني.. واضرب بالعصا من عصاني..

وبدأت اتمختر في البيت واقلد حركات والدي.. والجميع منضبطون رهبة مني..

خرجت إلى (الحوش).. عل الجيران يرونني وأنا بالهيئة الملوكية… وخطر لي أن هذي الهيبة التي أعيشها الآن ينقصها شيء معين كي تكتمل.. ينقصها السجائر (والدي ليس مدخنا) ولكنها إحدى أفكاري.. وتوجهت إلى الدكان واشتريت (سيجارتين فيلادلفيا) ثم جلست على عتبة البيت وبدأت أدخن و(اقزدر) كي يراني الجميع في هذه اللحظات التاريخية التي غدوت فيها كبيرا باعتراف والدي..

أصابني النعاس.. فقررت الحكومة الجديدة أن تغفو للحظات لتتقوى على ما بقي لها من مدة دستورية.. غفت الحكومة وطالت غفوتها.. وحلمت بصوت أمي (الغسيل سيل سيل سيل يل يل ل ل)

استيقظت.. الحكومة على صوت المطر (يا بشرى.. العيث يهطل في أول ساعات حكمي الرشيد) وغفوت تارة أخرى واستيقظت على صوت أمي (ولك قلتلك لم الغسيل إذا شتت.. إللي يركن عليك يركن على حيط مايل) وأنا أقول (ماااا هو آه مدري إنه شو) ..

أما والدي فقد شن هجوما سحب به الثقة مني وقال (والله ما تنترك ولا ينركن عليك.. سبع الزلم إللي ع شكلك) وتم إحباط الانقلاب الذي قمت به وعادت الشرعية لأصحابها..

أخي الذي كنت أتخيله يعمل تحت يدي ويخدمني في فترة حكمي.. كان يلعب دور شارلوك هولمز.. في التحقيق وصرخ (يابا في ريحة دخان بأواعيه) وأكدتها رائحة الدخان في فروة أبي. وحلفت بأنني لم أدخن وإن الرائحة من صاحب الدكان إللي اشتريت من عنده بسكوت..

صاحب الانقلاب أمضى ليلته في محبوسا في المخزن.. بعد ( #مشهد_محذوف) يندب حظه ويتحسر بعد خسارته كل شيء..

بعد الإفراج عني بكفالة.. اطلت إحدى الجارات (منها لله) على أمي من باب الحوش وقالت لأمي ( هو ولدكم من متى يدخن مبارح يتمختر عباب الدار ) ليحمر وجه أمي… و يتجدد المشهد المحذوف (فضحتنا بين الدول المجاورة) وتم تمديد حبسي

نعم فشلت حكومتي.. واسقطت شعبيا.. ولكني أعدكم إذا أصبحت مسؤولا ذات يوم أن اتفادى جميع الأخطاء التي مرت فيها فترة حكمي وإن لا اترك أثرا لجرائمي