12.79°القدس
12.55°رام الله
11.64°الخليل
15.32°غزة
12.79° القدس
رام الله12.55°
الخليل11.64°
غزة15.32°
الخميس 26 ديسمبر 2024
4.58جنيه إسترليني
5.15دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.81يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.58
دينار أردني5.15
جنيه مصري0.07
يورو3.81
دولار أمريكي3.65

خبر: مأساة بطعم الخيانة!

لا بأس بأن يهينوا كرامتك الوطنية، لا بأس بأن يحوّلوك إلى متسوّل متحوّل عن قِبلة المقاومة إلى مصدر رغيفك، لا بأس بأن يجففوا في شرايين قلبك دم المروءة، وأن يغلقوا في روحك نافذة الضياء، وأن يخمدوا شمس أملك بغد ثائر! لا بأس بأن يفعلوا كلّ هذا، لكنك إن فكرت بالخروج على تقاليد الأعراف (الوطنية) بنسختها الحديثة الرديئة؛ فعليك أن تصطف تلقائيًّا في الخندق المعادي لمشروع الدويلة المسخ، قبل أن تصنفك أبواق التحريض فتانًا وحاقدًا ومندسّا! يحدث كل هذا في الضفة الغربية، في الساحة التي علا رصاصها في الأيام الخوالي لكي يؤسس مسارًا مقاومًا متمردًا على تفاهمات المراحل القاحلة، فسرعان ما عاجل رصاصَها رصاصٌ غير ذي وهج، لونه لون التواطؤ، وريحه ريح الخيانة! يحدث فيها أن يكذبوا عليك مرةً حين يوهموك بأن باب الحرية لا يدقّ بأيدٍ مضرجة بالدم، ويكذبوا مرّتين إذا ما حلفوا يمينًا مغلّظة أنهم يمنحونك حقك في الاستياء والغضب والشتم حتى الثورة، حتى إذا ما فرّغت غضبتك في وجوههم، وأخرجت من مكنونك صراحة أدهشتهم، وقلت لهم: "قد انتهت صلاحيتكم وقد كفرنا بمشروعكم"، رأيتهم يعاجلونك بفاتورة الحساب، بأيام خلف زنازينهم تقتطع من عمرك إحساسك بجدوى النضال في سبيل وطن يهيمن عليه المارقون من الوفاء، وتحملك على بذل دمعك والتخلي عن نضارة روحك وأنت تعود من زنازين الاحتلال مكبّلًا بالسلاسل إلى زنازينهم! يحدث أن تلام على نواياك وأحلامك، وأن تغدو مرمى لسهام الاتهام، وحمّالة يعلّقون عليها أزماتهم وخيباتهم وأوهامهم، ثم تصبح مناديًا بالفتنة إذا ما قلت لهم: "لقد غافلتمونا فضيّعتم فلسطين، ولقد كسرتم بنادقنا حتى تمدد الاستيطان، ولقد أدمنتم الركوع حتى تمادى علينا أعداؤنا واعتلوا ظهورنا، ولقد شوّهتم وجه ثورتنا حتى صيّرتموها تجارة فاقدة البريق"، لا تغري سوى المنتفعين ومصاصي الدماء، وما أكثرهم حول جيفة الدولة منزوعة السيادة! هنا لا اعتبار لقامتك إذا ما أبليتها في معاركة المحتل، ولا وزن لمشاعرك الوطنية وإن كانت متدفقة وممتلئة غيرة واندفاعًا باتجاه قضيتك، ولا أهمية لتاريخك المقاوم إذا ما اصطدم بغوغائية الواقع، بنفاقه وتضليله وغروب صدقه. عليك فقط أن تصغي لثرثرة كبير المفرّطين أو كبير النصّابين أو كبير المفاوضين، وأن تهزّ هامتك استحسانًا؛ لأن تقرير مصيرك بين يديه، ولأنه منح نفسه حقّ تمثيلك وتحديد خطواتك وتصنيفك والتفكير عنك. كم ترانا نحتاج من الوقت لنعي أن ما بني على باطل سيظلّ باطلًا وإفكًا مبينًا، حتى لو تلوّن بألوان علمك، وهتف لوطنك ليل نهار!، إنها باختصار مأساة بطعم الخيانة، خيانة البدايات، وخيانة الثوابت، وخيانة الذات الوطنية!