الحرص على إرضاء الناس يفرض على صاحبه مقيدات كثيرة تعيق أداء رسالته فهو يتحسس من طرح أي فكرة مخالفة لمألوفات الناس حتى يظل مرضياً عنه من الناس، ويبذل جهداً مبالغاً فيه في اختيار الألفاظ والكلمات المنمقة التي لا تثير غضب الناس عليه وحين يطرح فكرةً غريبةً على المجتمع يكثر من التبرير والاعتذار حتى لا تفهم فكرته خطأً.. إرضاء الناس عبء ثقيل يمس بالمبادئ ذاتها فصاحب المبدأ ليس باني إجماع كما يقول إدوارد سعيد وما ينبغي أن يبالي بأن يكون مثيراً للقلاقل بأطروحاته. من الواجب على الداعية-المثقف-أن يتحرر من عبء إرضاء المجتمع وألا يبالي أرضي الناس عنه أم سخطوا.. سطوة الثقافة السائدة هي أشد على النفس من سطوة السلطان الجائر لذا كانت مواجهة الأنبياء والمصلحين الأساسية مع أفكار المجتمعات ومألوفاتهم قبل أن تكون مع الحكومات.. لقد كانت رسالات الأنبياء في عمومها ضد تيار الثقافة السائدة وكانت حجة أقوامهم أنهم متمسكون بتلك الثقافة والقيم والأفكار المجتمعية "إنا وجدنا آباءنا على أمة وإنا على آثارهم مقتدون" التصالح مع الثقافة السائدة ليس هدفاً يحرص عليه أصحاب المبادئ فالتحرر من أسر تلك الثقافة وامتلاك ميزان الحق في قبول تلك الأفكار الشائعة أو رفضها، وحده الذي يصنع الفرق بين التقليديين والمجددين "والسابقون السابقون أولئك المقربون".
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.