أثار انضمام قطر إلى المنظمة الدولية للفرانكوفونية، متخطية الخطوات الواجبة، جدلاً واسعاً في الأوساط الغربية وتساؤلات حول "المعاملة الخاصة" التي حظيت بها وعن مبررات انضمامها من الأساس. وتم قبول قطر كعضو مشارك في القمة الـ14 للمنظمة التي اختتمت أعمالها الأحد في عاصمة الكونغو الديموقراطية كينشاسا. وأثار -منح قطر صفة "عضو مشارك" دفعة واحدة دون المرور بوضع المراقب كما تقضي لائحة المنظمة-جدلا في الأوساط الغربية التي رأت في ذلك "محاباة وتمييزا". وفي نفس الوقت ارتقت أرمينيا من عضو مراقب إلى العضوية الكاملة، وتم قبول طلب أوروغواي بالانضمام كمراقب ليصبح عدد الأعضاء 75 دولة منهم 3 دول بصفة عضو مشارك و20 بصفة مراقب. وتضم المنظمة التي يرأسها الرئيس السنغالي السابق عبده ضيوف، عدة دول عربية منها تونس والجزائر والمغرب ومصر ولبنان والإمارات. "دخول قطر بهذه الطريقة إلى المنظمة أثار استياء وسخرية الكثيرين"، حسب تصريح لمصدر مقرب من وزارة الفرانكوفونية الفرنسية لجريدة "لوموند". وثار الجدل أيضا حول "شرعية انضمام قطر من الأساس حيث إنها ليست بلدا فرانكوفونيا"، حسب المصدر. وأضاف أن بعض المشاركين في القمة أعربوا عن "مخاوفهم من رغبة الدوحة في فرض نفوذها في غرب أفريقيا ومن ميلها إلى تمويل مدارس دينية إسلامية حلت، في بعض الأحيان، محل مدارس تدرس باللغة الفرنسية". وأكد المصدر الذي حضر القمة أن "مباحثات مطولة دارت حول انضمام قطر لكن القطريين قاموا بحملة مكثفة لممارسة الضغط على الأعضاء خاصة بعض الدول الأفريقية". وأضاف المصدر الفرنسي: "هكذا استطاعت الدوحة الحصول على تأييد جيبوتي وغينيا لتعزيز دخولها إلى المنظمة ". وأثناء المناقشات دفعت قطر بأنها تستقبل أعدادا كبيرة من المغتربين الفرنسيين وأنها مولت إذاعة حكومية ناطقة بالفرنسية. وأشار "حمد بن عبدالعزيز الكواري" وزير الثقافة والفنون والتراث رئيس وفد قطر إلى القمة، أن بلاده تستضيف أسرة فرنكوفونية متزايدة وأنها تشكل مثالا رائعا للتعددية التي تتمسك بها الفرنكوفونية، ملفتا إلى الدور الذي تلعبه الدوحة في مجال حوار الحضارات على الصعيد الدولي حيث تستضيف المركز الدولي للحوار بين الأديان. وقادت الدوحة حملة استمرت عدة أسابيع أكدت فيها أنه يعيش على أراضيها نحو 100 ألف من المغتربين الناطقين بالفرنسية، أغلبهم من دول شمال أفريقيا، الذين يجذبهم النمو الاقتصادي والتطور السريع لإحدى أغنى دول العالم. وأججت عضوية قطر الجدل حول توسيع المنظمة، حيث يلوم الكثير من المراقبين الغربيين على القائمين عليها "أفقدها طابعها الخاص بقبول دول لا يمكن اعتبارها فرانكوفونية". وانتقدت اللجنة اليهودية الأميركية عضوية قطر وقالت إنه تم قبولها :"على الرغم من أن 1% فقط من سكانها يتكلمون الفرنسية". وقالت مديرة مكتب اللجنة في باريس" سيمون رودان بن زقين" إن :"الشروط التي تم على أساسها قبول قطر كعضو مشارك تطرح سؤالا غاية في الخطورة يتحتم على هذا المحفل الدولي أن يجيب عليه". واعتبرت أن "انضمام قطر ما هو إلا نموذج حزين آخر على ازدواجية المعايير خاصة فيما يتعلق بإسرائيل". وتابعت رودان: "استمرار المنظمة في رفض عضوية إسرائيل يظهر تعصب هذه المنظمة حيث إنها تتجاهل وجود مليون من الإسرائيليين الذين يستخدمون اللغة الفرنسية". وفي بداية عمل المنظمة بالستينات والسبعينات من القرن الماضي، أعربت إسرائيل عن اهتمامها بالانضمام إليها وشاركت بصفة مراقب في مؤتمرات غير رسمية عامي 1969 و1970، لكن إسرائيل منعت من المشاركة فيما بعد بناء على احتجاج بعض الدول الأعضاء. وفي بداية التسيعينات، حاولت تل أبيب الانضمام إلى المنظمة، وكانت تؤيدها فرنسا في مطلبها، إلا أن طلبها رفض بعد اعتراض لبنان. وانتقد الصحفي السويسري بير أندريه شابات قبول قطر معتبرا "أن ليس لها أي صلة بالفرانكوفونية"، وأنه إذا كان قد تم قبولها على أساس "استقبالها للعديد من الفرنسيين، فطبقا لهذا المبرر سيدخل العالم كله تقريبا إلى المنظمة". "هذا ليس كل شيء، فقد تخطت قطر المراحل ولم تمر خانة المراقب، وهذه المعاملة التمييزية تزيد من الريبة حول هذه العضوية"، حسب شابات. ويحضر الأعضاء المشاركون القمة الفرانكوفونية دون الاشتراك في المناقشات، لكن يمكنهم - بعد موافقة رئاسة المنظمة - تقديم آرائهم خلال الاجتماعات الوزارية. ويضيف شابات: "قطر ليست فقط دولة غير فرانكوفونية لكنها لا تتوافر فيها مبادئ وقيم الديموقراطية التي تتبناها المنظمة". واتهم الدوحة بأنها ترغب في "استغلال" عضويتها "لخدمة طموحاتها في أفريقيا" القارة التي، بحلول عام 2050، ستصل نسبة المتحدثين فيها باللغة الفرنسية إلى 85% من سكانها المقدرين بـ750 مليون نسمة. وكان بعض النواب الفرنسيين أثاروا التساؤلات حول تمويل قطر لبعض المشاريع في الضواحي الفقيرة الفرنسية، حيث تقطن أغلبية من جاليات لها أصول عربية وإسلامية.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.