سيسيل حِبر كثير احتفاءً بالزيارة الكريمة، وهو مداد مُبارك وتتويج لبدء العد العكسي لحصار امتد لسنوات في جريمة حرب شارك فيها القريب والغريب دون خجل أو أدنى وجل للقادم من الأيام، وهي حُبلى بكل المبشرات. زيارة الأمير الكبير لدولة قطر الشقيقة، الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني وعقيلته الشيخة موزة ونجلهما ولي العهد تميم، ووفد رفيع كبير، هي الأولى لزعيم عربي, ومعانيها لا تخفى على حصيف. مصر الجديدة بقيادة د. محمد مرسي يمثلها وزير التربية والتعليم العالي ووفد مرموق في هذه المناسبة الجليلة ومؤشر على شراكة عربية يُحسب لها في معادلات القوى الإقليمية والكونية وتؤكد قبولاً واعترافاً دولياً مباشراً وغير مباشر (أميركي وأوروبي) بشرعية مؤسسة الحكم الفلسطيني وحجمه الوازن جماهيرياً وديمقراطياً. معبر رفح البري مقدمٌ على متغيرات يأمل الجميع أن تكون نوعية لِتعبُر منه التجارة المفتوحة بالاتجاهين وحركة حرة للمواطنين الذين عانوا الأمرين على مدار عقود استطالت واشتدت مآسيها الثقيلة لسنوات ست حان قطاف الصمود في مواجهتها. الأمير القطري وعقيلته ووفد مصر الشقيقة مقدمة لعبور قادة عرب وأجانب يُكرسون على نحو جَلِيّ صفعةً لِصُنّاع جريمة القرن الحادي والعشرين وإنهاء للعقوبة الجماعية لشعب قرر الصمود والمقاومة. "علينا أن نبذل الغالي والنفيس لمساعدة إخوتنا في قطاع غزة" كلمات قالها أمير قطر منذ بدء العدوان الغاشم على قطاعنا الحبيب، بدءاً من كسر طوق أزمة السكن، ووضع حجر الأساس لإعادة إعمار قطاع غزة الذي دمرته عجلة البطش الصهيونية، وحلاً لأزمة الكهرباء والوقود. المواطن الفلسطيني كان يأمل أن يرافق الرئيس الفلسطيني زعيم قطر مُدَشِّناً إعادة بناء صرح الوحدة الوطنية، ولكن الفيتو الذي يصنعه شركاء اليوم يُؤتي ثماره المرّة !! الشعب الفلسطيني يفتقد هذا الدور الذي ينشغل أثناءه رئيسه عباس في تكريس فصل الضفة الفلسطينية المحتلة عن عمقها الوطني في انتخابات محلّية هزيلة غير شرعية، وفي مطاردة ظالمة لمناضلين يقدمون الروح رخيصة لاستعادة وطن يئن تحت وطأة تقاسم وظيفي آثم لأجهزة سلطة المقاطعة مع احتلال يمارس على مدار الساعة القتل المنهجي المنظم لشعب فلسطين. وبالمقابل فإن الشعب الفلسطيني سيخلد هذه الأعراس الوطنية التي تتتالى فصولاً ... صُمود عَز نظيره في وجه حصار أسود يُسقِطُ دولاً عُظمى، وتلقين الدروس لجيش العدو في مواقع المجد والبطولة خلال عملية "الرصاص المصبوب" الذي نزل على رؤوسهم فَخَاب فَألهم في تحقيق أي من أهدافهم فارتدوا خائبين. والشعب لازال يعيش فرح "وفاء الأحرار" حين أطاح أبطال "كتائب عز الدين القسام" بكل محرمات "الجيش الأسطورة" بإطلاق سراح رموز الحرية ليستقبل بنيه الذين التحقوا بجحافل التحرير والعودة. أمير قطر يعلق الجرس في وطن يسطع فيه، وعلى مدار عقود، بريق الشهادة الذي لم تنقشع من سمائه غيوم سموم طيران العدو، وقصف آلياته، ونزيف دمائه الزكية الساخنة التي تطالب بوطن واحد وبجبهة متحدة لتحريره من أقصاه إلى أقصاه، وطن آمن يَضُمّنا جميعاً بين جنباته بكل الحنو والطمأنينة. شكراً قطر، وغزة تعود مرة أخرى منارة للكون ونموذجاً لفلسطين الغد التي تعيش اليوم عيداً حقيقياً في سفر الثبات العظيم. الشعب لن ينسى، حين تصب "سلطة المقاطعة" وتل أبيب وحفنة من المتعاونين جام غضبهم واستنكارهم لهذه الزيارة العربية التي تشكل كلمة السر لمرحلة جديدة معطاءة. الشعب الفلسطيني لن ينسى كذلك، حين تقايض فصائل عَرِفَها مناضلة خلال المسيرة الوطنية، موقفها السياسي باستقبال ضيف فلسطين نظير حفنة من مال مشبوه. اليوم يؤكد أمير قطر ومعه مصر الثورة أن غزة ليست وحدها، في خطوة شجاعة غير مسبوقة في مواجهة جدار الحصار ودكّه إلى غير رجعة، نموذج لموقف عربي إسلامي أصيل نُصرة لكفاح شعب فلسطين لبناء أنموذج كريم ففي فلسطين ما يستحق الشهادة والحياة.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.