نشر موقع "ميديام" الأمريكي مقال رأي للرئيس السابق باراك أوباما، سلط من خلاله الضوء على الطريقة التي بإمكاننا أن نستفيد من خلالها من مقتل جورج فلويد والاحتجاجات التي تلت ذلك، لتحقيق تغيير جذري، ووضع حد لأوجه الظلم.
وقال أوباما، في التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إنه مع نزول الملايين من الناس في جميع أنحاء الولايات المتحدة إلى الشوارع؛ للتنديد بمقتل جورج فلويد، والاحتجاج ضد المظالم المستمرة التي يتعرض لها الناس، تساءل عدد من الناس حول الكيفية التي بإمكاننا أن نستفيد من خلالها من هذا الحدث لإحداث تغيير جذري.
وذكر أوباما أن مهمة صياغة استراتيجيات جديدة تخدم مصالح الجميع في الوقت الحالي ترجع إلى الجيل الجديد من النشطاء. مع ذلك، بإمكاننا أن نستخلص بعض الدروس الأساسية التي قد تفيدنا في هذا الموقف من الجهود السابقة المبذولة التي تستحق الذكر.
وأورد أن موجات الاحتجاجات في جميع أنحاء البلاد تكشف عن إحباط الشعب الحقيقي والشرعي إزاء فشل الدولة، الذي استمر لعقود، في إجراء إصلاحات على مستوى ممارسات الشرطة ونظام العدالة الجنائية في الولايات المتحدة. تجدر الإشارة إلى أن الغالبية العظمى من المشاركين في الاحتجاجات كانوا سلميين ومسؤولين، لذلك فهم يستحقون كسب احترامنا ودعمنا بدل التنديد بأفعالهم، وهو أمر تفهمته الشرطة في مدن مثل كامدن وفلينت.
من ناحية أخرى، فإن الأقلية الصغرى من الناس الذين لجأوا إلى العنف بأشكال مختلفة، سواء كان ذلك بسبب مشاعر الغضب الحقيقية التي راودتهم أو لمجرد انتهاز الفرصة، يعرّضون الأبرياء للخطر، وهو أمر قد يتسبب في تدمير الأحياء التي غالبا ما تفتقر بالفعل إلى الخدمات الكافية والاستثمارات. لذا، دعونا ألا نبرر العنف أو نشارك فيه، وإذا أردنا أن يعمل نظام العدالة الجنائية وفقا لقانون أخلاقي، فعلينا أن نمتثل لهذا القانون الأخلاقي بأنفسنا.
وأشار أوباما إلى أن بعض الناس يعتقدون بأن المشكلة المتكررة للتحيز العنصري في نظام العدالة الجنائية يثبت أن الاحتجاجات والإجراءات المباشرة تمثل السبيل الوحيد نحو إحداث تغيير، وأن التصويت والمشاركة في السياسة الانتخابية ليسَا سوى مضيعة للوقت.
مع ذلك، فإن الهدف من الاحتجاج يتمثل في توعية عامة الشعب، وتسليط الضوء على المظالم التي يعاني منها المجتمع. بالنظر إلى التاريخ الأمريكي، نجد أن الاحتجاجات والعصيان المدني غالبا ما مثلا السبب الرئيسي والوحيد الذي دفع النظام السياسي لإيلاء اهتمام بالمجتمعات المهمشة. ولكن في نهاية المطاف، يجب أن تُدون آمال الشعب في شكل قوانين وممارسات مؤسسية محددة لا يمكن أن تتحقق سوى من خلال انتخاب مسؤولين حكوميين مستعدين للاستجابة لمطالبنا.
وأكد أوباما على ضرورة فهم مستويات الحكومة التي تمتلك أكبر قدر من السلطة على نظام العدالة الجنائية وممارسات الشرطة. وعلى الرغم من أنه يجب علينا أن نتأكد من سعي الرئيس والكونغرس ووزارة العدل وغيرها من المؤسسات للاعتراف بالدور الذي تلعبه العنصرية في مجتمعنا، فضلا عن فعل شيء حيال ذلك، إلا أن المسؤولين المنتخبين القادرين على إصلاح أقسام الشرطة ونظام العدالة الجنائية هم في الواقع رؤساء البلديات والمديرين التنفيذيين بالمقاطعات ونائبو الولايات.
في الواقع، يعين هؤلاء المسؤولون معظم رؤساء الشرطة، ويتفاوضون حول اتفاقيات المفاوضة الجماعية مع نقابات الشرطة. كما أنهم المسؤولون عن اتخاذ قرارات في ما يتعلق بشرعية التحقيق مع الأشخاص الذين دخلوا في اشتباكات مع الشرطة، واتهامهم. لذا فإن خلاصة الأمر تتمثل في أنه إذا أردنا إحداث تغيير حقيقي، فيجب علينا الاحتجاج والانخراط في السياسة في الوقت ذاته.
وأضاف أوباما أن محتوى برنامج الإصلاح الذي يُمكن أن تتوصل له الحكومة سيختلف باختلاف المجتمعات؛ لذلك يجب أن تمتلك كل وكالة إنفاذ القانون سياسات واضحة، بما في ذلك هيئة مستقلة تُجري تحقيقات حول ادعاءات سوء السلوك. كما سيتطلب تصميم الإصلاحات الخاصة بكل مجتمع نشطاء ومنظمات محلية للقيام بالأبحاث وتثقيف المواطنين حول الاستراتيجيات التي ستعمل بشكل أفضل بالنسبة لهم.