بعد أقل من شهر على تشكيل حكومة الاحتلال الإسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو ووزير الجيش بيني غانتس، بدأت الخلافات الائتلافية تظهر بشكل واضح في مسائل عدة، لعل أبرزها فيما يتعلق بخطط اليمين الإسرائيلي بضم أجزاء واسعة من أراضي الفلسطينيين بالضفة الغربية المحتلة.
وأمام هذه الخلافات، تساءلت صحيفة إسرائيلية السبت، عن إمكانية التوجه لانتخابات رابعة في غضون عامين، لافتة إلى وجود خلاف يتعلق بمطلب نتنياهو بإقرار ميزانية لمدة عام واحد، بخلاف خطة السنتين المتفق عليها.
وقالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" في تقرير إن "حكومة الوحدة تبدو بعد أقل من شهر على تشكيلها غير موحدة"، مشيرة إلى أن استطلاعات الرأي الأخيرة تظهر تراجعا واضحا في فرص حزب غانتس بالانتخابات المقبلة.
وتوجهت الصحيفة لعدد من الخبراء الإسرائيليين، للحديث عن مختلف السيناريوهات السياسية، التي قد تواجه تل أبيب في الأشهر المقبلة، بما فيها إمكانية إجراء انتخابات رابعة للكنيست خلال عامين
بدوره، رأى وزير داخلية الاحتلال السابق أوفير بينس باز أن "فرص تنحي نتنياهو عن منصبه كرئيس للوزراء بمحض إرداته بعد 15 شهرا، وتسليم الحكومة إلى غانتس، تبدو ضعيفة للغاية"، مبينا أن "نتنياهو لديه مصلحة في إجراء التناوب، لكن بالاستناد للاستطلاعات الأخيرة، تزداد حوافزه للتوجه للانتخابات".
وتابع باز: "نتنياهو سيجد آلاف الأعذار في حال قرر التوجه لانتخابات مبكرة"، مؤكدا أن كل شيء مرتبط بشكل أساسي بمحاكمته بقضايا الفساد، وجميع الملفات الأخرى أقل أهمية.
وبحسب تقدير باز، فإن غانتس لا يملك ما يكفي من القوة، لإجبار نتنياهو على الالتزام بالصفقة التي عقدت بينهما، مبينا أن زعيم أزرق أبيض يفتقر لدعم الناخبين، على عكس المرة الأخيرة التي أجريت فيها انتخابات.
أخطاء غانتس
واستبعد الوزير الإسرائيلي السابق أن "يلجأ غانتس للتذمر أمام نتنياهو في حال لم يلتزم بوعوده"، منوها إلى أن نتيناهو يرى في حصول غانتس على تسعة مقاعد، وفقا لأحدث الاستطلاعات، يفقده الشرعية السياسية، رغم وجود اتفاق بينهما، لأن الاتفاقيات ليست كل شيء، وفق قوله.
وذكر باز أن "غانتس كان يمكنه أن يكون بوضع أفضل خلال مفاوضات الائتلاف الحكومي، لكنه ارتكب خطأين حاسمين، الأول حينما طالب بإجراء تغييرات على قوانين الميزانية، ما يعني أنه إذا لم تقر الحكومة الميزانية السنوية بحلو شهر مارس، فإن الائتلاف يذوب تلقائيا ويتم إجراء الانتخابات".
وتابع: "غانتس لم يكن لديه الخبرة الكافية وكذلك الأشخاص من حوله للانتباه لهذه المسألة"، مشددا على أن الاتفاقية التي وقعها الطرفان "لا توفر لغانتس الحد الأدنى من التأمين".
وأشار باز إلى أن "الاتفاق ينص على أنه إذا لم يتوصل الطرفان لتسوية حول الميزانية قبل الموعد النهائي بمارس، فسيتم مساءلة الطرف المسؤول عن التأجيل، مع احتفاظ الطرف المقابل بمكتب رئيس الوزراء، والحصول على ثلاثة أشهر إضافية، لمحاولة تمرير الميزانية".
ولفت إلى أن الاتفاق ينص أيضا على أن "الميزانية التي تم الاتفاق عليها، ستكون فترة سنتين، لتجنيب الائتلاف معارك أخرى مع بداية العام المقبل"، مضيفا أن "الخطأ الثاني الذي وقع فيه غانتس أيضا، يتمثل في عدم مطالبته بتغيير رئيس الكنيست عندما يتناوب رؤساء الوزراء".
وأوضح باز أن "هذه المسألة ستضع غانتس في مشكلة في حال تسلم رئاسة الوزراء، من خلال احتفاظ حزب الليكود بمنصب رئيس الكنيست، ما قد يهدد استقرار ولايته الحكومية"، مشيرا إلى وجود مسارين حاليا، الأول يتمثل باستسلام غانتس أمام نتنياهو، حتى لا يمنحه عذرا لتفكيك الحكومة، أو الدفاع عن نفسه والقتال من أجل معتقداته، ما قد يؤدي إلى انتخابات".
وبيّن باز أنه في حال سلك المسار الأول، فإن الدعم الشعبي سيتآكل وستصبح شرعية المضي بالتناوب غير موجودة، وسيجد نتنياهو نفسه في وضع مريح حتى إجراء الانتخابات، وسيتصرف كيفما يشاء داخل حكومته.
واستدرك بقوله: "إذا اختار غانتس المسار الثاني، فإن نتنياهو سيذهب للانتخابات ولن يقف أمامه أي عائق، لكن سيكون لدى زعيم أزرق أبيض دعما شعبيا إلى حد ما"، مرجحا في الوقت ذاته سيناريو التوجه لانتخابات رابعة مبكرة.
"الصورة كاملة"
بالمقابل، استبعدت الباحثة الإسرائيلي تمار هيرمان مسألة الانتخابات المبكرة، مؤكدة أن "استطلاعات الرأي لا تظهر الصورة كاملة".
وبيّنت هيرمان أن الأزمة المالية المتزايدة وارتفاع البطالة، والوضع الاقتصادي الحالي، لا يمنح أي شخص فرصة المقامرة بالمستقبل السياسي، مشيرة إلى أن "الكثير من الإسرائيليين بوضع سيء من الناحية المالية، لذلك ليس هناك وقت لإجراء انتخابات جديدة".
وأكدت أن "أكبر سؤال مطروح حاليا على جدول الأعمال هو مسألة الضم"، مشككة في الوقت ذاته أن "شيئا مهما سيحدث، لكن نتنياهو سيحاول تقديم أي شيء على أنه إنجاز شخصي كبير".
ورفضت هيرمان سيناريو الانتخابات المبكرة، مرجئة ذلك إلى وجود مزيج من التوترات الشديدة داخل الأحزاب اليمينية، إلى جانب غياب التهديد الحقيقي تجاه نتنياهو، وكذلك الأوضاع المالية والأمنية غير المستقرة.