كشفت تقرير صحفي معلومات مهمة حول دور صهر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومستشاره، جاريد كوشنير، في تنصيب محمد بن سلمان ولياً للعهد في السعودية، وتخويف أنظمة عربية وربط بقائها برضى واشنطن عنها، ومدى التزامها بتعليمات البيت الابيض ومواقعها من سياسات الولايات المتحدة.
وأوضحت صحيفة “المنار المقدسية”، أن كوشنير عند دخول البيت الأبيض أدرك بأن خيوط حل القضية الفلسطينية تمر عبر السعودية وكلها في القصر الملكي فاتجه إلى ولي العهد لتعزيز العلاقات بين واشنطن والرياض والتشارك في تنفيذ السياسات في المنطقة.
وأشارت الصحيفة، إلى أن كوشنير سعى لتحقيق هدفه بمساعدة مدير عام شعبة الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي الأمريكي، لافتةً إلى أن كوشنير راهن على ابن سلمان، ومن اللحظة الأولى استطاع أن يقف على المكامن الايجابية في شخصية هذا الرجل.
وأضافت الصحيفة: “هذا الرهان على ابن سلمان دفعه إلى التصادم مع معظم الأجهزة الاستخبارية في الولايات المتحدة، هذه الأجهزة التي كانت تعتبر محمد بن نايف رجل الاتصال الدائم معها”.
كوشنير يُسقط رجال أمريكا بالرياض
وتابعت: “بعد عشرات اللقاءات التي تم ترتيبها، نجح كوشنير في اسقاط رجالات أمريكا في الرياض لصالح ابن سلمان بهدف تعزيز العلاقات والتحكم بها تحت مظلة العداء لإيران، وأحد المطلعين على تطور العلاقات السعودية الاسرائيلية أكد أن ما قام به كوشنير لتحقيق هذا الغرض كان يحتاج الى خمسة أضعاف من المدة الزمنية لو لم يكن هو في الجانب الغربي من البيت الابيض الى جانب الرئيس دونالد ترامب”.
واستكملت الصحيفة: “خلال صراع كوشنير مع الأجهزة الاستخبارية في بلده أخرج تقارير استخبارية تؤكد أن محمد بن سلمان أصبح يطبق على مقاليد الحكم في المملكة وأن ابن نايف سيسقط خلال أيام، وأن أركان العائلة الحاكمة لن يتمكنوا من فعل شيء للأمير الشاب وهو ما حصل بالفعل.
ونوهت الصحيفة، إلى أن ابن سلمان وجه تهديدات كثيرة للرئيس محمود عباس مطالبا اياه التعامل بمنظور ايجابي مع صفقة القرن، والقوة المالية السعودية لها تأثيراتها وأماكن تدفعها وهي لا تصل الى الساحة الفلسطينية بالشكل المطلوب وأن هناك جهات أخرى، غير السعودية نجحت في مد خيوط التأثير من أجل فرض الرؤية الأمريكية، وهذه الجهات حسب ما ورد في التقرير أضعف من أن تواجه هذا التحدي، فالقيادة الفلسطينية الحالية سريعة الانكسار أمام الضغوط.
الغطاء الأمريكي
وأكملت الصحيفة: “محمد بن سلمان بحاجة الى الغطاء الأمريكي لحمايته من أية محاولات انقلابية، وفي مصر لا يختلف الوضع عنه في الرياض، والاردن بحاجة الى كل دعم أمريكي والمؤسسات المالية الدولية والدعم الامريكي المباشر لاستمرار الاستقرار في ساحته، واذا ما تجاهلنا القضية الفلسطينية، يمكن القول أن التحالف الخفي الذي ساهم في تدعيم اساساته ووسع قاعدته كوشنير بين اسرائيل ودول الخليج ودول في القارة الافريقية هو انجاز استراتيجي غير مسبوق بالنسبة للدولة العبرية”.
واستكملت: “هذا العمل في الظلام وبسرية تامة بعيدا عن الاعلام والأضواء في تمتين جسور العلاقات بين اسرائيل ودول مؤثرة في المنطقة ستشرق الشمس عليه قريبا، فلا أحد يلتفت الان لمشاعر الفلسطينيين، فقاعدة المصالح المشتركة بين هذه الاطراف أخفت الصورة لأقدم الصراعات في المنطقة”.
وأضافت الصحيفة: “كوشنير أقنع القيادات العربية بأن المسألة الفلسطينية عقبة في طريق تمكين حكمهم وبقائهم في السلطة والحكم، حتى أن نتنياهو وفي جلسة مغلقة أكد بأن أكثر من زعيم دولة عربية أخبروه بأن الفلسطينيين باتوا أشخاصا غير مرغوب فيهم، وأن العالم العربي يبحث عن أية حلول للمشكلة الفلسطينية مهما كان شكلها”.
التطبيع العلني
وحسب الصحيفة، فإن هناك تفاوتاً في الاستعداد لدى دول المنطقة لإظهار علاقاتها مع اسرائيل، ويتم دفع بعض الدول الصغيرة الهامشية للإجهار بعلاقاتها مع اسرائيل مثل تشاد والبحرين والسودان، والدول المؤثرة تبقى في آخر الصفوف رغم التحالفات السرية المتينة التي نسجتها مع اسرائيل.
ويقول مصدر سياسي كبير، أن التاريخ سيذكر من كان مهندس تطوير وتعزيز العلاقات بين اسرائيل ودول المنطقة، وما يحاول أن يفعله كوشنير في الايام المتبقية له في البيت الابيض هو أن يفرض على الفلسطينيين الجلوس على طاولة التفاوض ليس قبولا بصفقة القرن وانما التفاوض على اساسها.
الخطر القادم
وترى الصحيفة، أن الخطورة الأشد ليست الان، وإنما الأشهر القليلة القادمة المتبقية لإجراء الانتخابات الامريكية، فهذه الاشهر تحمل في ثناياها الكثير من “الشيكات المؤجلة”، التي بات من الواجب استيفاؤها وتحصيلها، واتمام العديد من الاتفاقيات الامنية والعسكرية السرية الموجودة في مراحل متقدمة سواء بين اسرائيل ودول عربية، وحتى بين أمريكا واسرائيل والخطوة الاكثر حدة هي في حال نجح ترامب لولاية ثانية على عكس الاستطلاعات والتوقعات والبقاء في البيت الأبيض.
وتابعت الصحيفة: “نتنياهو من جهته يخشى أن يرحل أفضل اصدقائه من واشنطن، لذلك، هو يحاول أن يحصد المزيد من المكاسب في ظل الادارة الامريكية الحالية، لكن، نتنياهو في الوقت نفسه يدرك بأن كوشنير وفي حال عاد صهره ترامب الى البيت الأبيض سيضع صفقة القرن على الطاولة كرزمة واحدة ويفرضها على الجانبين الفلسطيني والاسرائيلي، وستكون لديه فرصة كافية من الوقت لتحقيق ما جاء فيها”.
واستطردت الصحيفة: “حتى الدول العربية التي وعدت وتعهدت بالضغط على الفلسطينيين ترغب بالتريث حتى تظهر نتائج الانتخابات الامريكية، كما أن الخط الذي عمل على أساسه كوشنير هو أن الحل مع الفلسطينيين يأتي ضمن مسار الحل الشامل في الاقليم وليس عبر حل ثنائي أولا”.
وأشارت الصحيفة إلى أن اسرائيل نجحت في فتح مسارات موازية، في بناء شبكة علاقات مع دول عربية واخرى في المنطقة، في غياب فلسطيني كامل، وبلا قدرة على التأثير لمواجهة الاختراق الاسرائيلي في العديد من الساحات، شبكة علاقات واسعة لم تتوقع تل أبيب منذ قيام الدولة أن تتمكن من تحقيقها.