تزوجت وهي ابنة 16 عاما، وانتظرت 8 سنوات، إلى أن رزقها الله بـ 4 توائم (محمود، وسام، فارس وفاطمة) بعد اللجوء لتقنية أطفال الأنابيب، ولأن الحصار أتى على كل شيء في غزة سوى الرغبة بالإنجاب، حصلت الأم على تغطية من وزارة الصحة لإجراء ولادة قيصيرية ومن ثم رعاية الأجنة طبيا في احد مستشفيات نابلس.
هناك مكثت 4 أشهر للرقابة الطبية قبل الولادة، ورعاية التوائم في الحاضنة بعدها.
وبسبب الكورونا واعلان التحلل من الاتفاقيات بين السلطة والاحتلال، تشتَتَ التوائم الأربعة، وابتعد فارس وفاطمة قسرا عن والدتهم وعن شقيقيهم محمود ووسام، لعدة أسابيع إلى أن التم شملهم جميعا هذا اليوم.
في البداية منع الاحتلال الزوج من مرافقة زوجته من غزة إلى نابلس، فوقع الخيار على والدتها لمرافقتها.
وقبل 4 أسابيع اضطرت الوالدة لمغادرة نابلس مع اثنين من التوائم (محمود ووسام) لأن صحتهما كانت جيدة ويتوجب إخراجهما من حاضنة المستشفى، وبقي (فارس وفاطمة) في المستشفى لوحدهما لاستكمال الرعاية الطبية.
الجدة المرافقة لابنتها في رحلة الإنجاب صغيرة بالعمر (41) عاما، ولكنها تعاني من مرض السرطان الذي أنهكها صحيا.
اصطدمت الجدة المتعبة وابنتها النفساء والتوأم الرضيع في رحلة العودة بمنعهم من اجتياز حاجز قلنديا بحجة وجود تنسيق لعبورهم إلى غزة.
ساعات من الانتظار القاسي وأخيرا جاء الرد (فش تنسيق). جنود مجهولون من الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية أجروا الاتصالات اللازمة قبل وصولهم إلى الحاجز، وبعد وصولهم، وأثناء الانتظار، لكن الاحتلال لم يستجب وغابت شمس ذلك اليوم، ما اضطر هؤلاء المتطوعون لحجز غرفة فندق في رام الله لتأمين مبيتهم لليوم التالي، إلى ان سُمِح لهم بالوصول إلى غزة.
في غزة دخلت الأم والجدة والتوأمين في حجر صحي لمدة 14 يوما، وفقا للبروتوكل المتبع مع المسافرين لمنع تفشي الكورونا في القطاع.
وخرجتا بعد ذلك إلى المنزل وهناك التقى الأب باثنين من أطفاله لأول مرة بعد أسابيع طويلة على ولادتهم.
فارس وفاطمة، بقيا برعاية الله والطواقم الطبية في نابلس بعيدا عن والدتهما لمدة شهر كامل. وأصبحا بصحة جيدة تسمح لهما بمغادرة حاضنة المشفى.
كيف لهما الذهاب إلى غزة؟. لا تستطيع الوالدة الحضور إلى نابلس والإبقاء على طفلين رضيعين (محمود ووسام) في غزة، لأن هذه الرحلة ستحتاج إلى عدة أسابيع، التنسيق للمغادرة والتنسيق للعودة وفترة الحجر الصحي و و و، فكان الخيار الوحيد أن يغادر التوأمان (فارس وفاطمة) من نابلس لوحدهما -كما يظهران في الصورة المرفقة وهما داخل سيارة اسعاف-، استغرق ذلك ساعات طويلة من الاتصالات، و3 سيارات اسعاف واحدة من نابلس إلى قلنديا، واسعاف مقدسي من قلنديا إلى بيت حانون، وإسعاف ثالث من بيت حانون إلى غزة، وأخيرا التمّ الشمل.
جيش من المتطوعين عملوا بصمت ومن ذلك صبية مقدسية قامت بارضاع التوأمين وتغيير الفوطة لهما بعد وصولهما إلى قلنديا ورافقتهما في سيارة الإسعاف إلى بيت حانون.
وتوحد الوطن الممزق بفعل الاحتلال وبفعل ضيف الأفق، في لم شمل التوائم مع والديهم بجهد متطوعين من الضفة والقدس وغزة والداخل.. الأهم أنهم عملوا جميعا بصمت.