وصفت صحيفة "واشنطن بوست" وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو بأنه الأسوأ في تاريخ الدبلوماسية الأمريكية.
وقالت الصحيفة في مقال للصحفي جاكسون ديهل، إن الوزير بومبيو ترأس انهيار المفاوضات مع كوريا الشمالية وفشل في حملة الضغط ضد إيران، كما فشل بالإطاحة بالنظام الدكتاتوري في فنزويلا. وخلال فترته كوزير خارجية قامت الصين بارتكاب إبادة جماعية في إقليم سنجان وقمع للحريات في هونغ كونغ دون معارضة من واشنطن إلا بعد أن أصبح الأمر متأخرا.
وتضيف الصحيفة أن بومبيو فشل في ملء عشرات الشواغر في وزارة الخارجية وأقال مئات الدبلوماسيين المحترفين في تصفيات حساب سياسية.
وأكد ديهل أن المعنويات في وزارة الخارجية في أدنى مستوياتها في التاريخ؛ ففي استطلاعات للموظفين ما بين 2016 و2019 كان هناك 34% زيادة في نسبة من يقولون إن قيادات وزارة الخارجية "لم يحافظوا على مستويات عالية من الصدق والنزاهة"، وربما لأن بومبيو نفسه تحدى التفويضات القانونية الصادرة عن الكونغرس، وتجاوز القوانين التي تقيد مبيعات الأسلحة للسعودية وكلف موظفيه بالقيام بمهمات له شخصيا ولزوجته، وقام بطرد المفتش العام الذي كان يحقق في انتهاكاته.
وقام بومبيو الأسبوع الماضي بتجاوز خط أخلاقي آخر بالتحدث قبل مؤتمر الحزب الجمهوري، وبذلك يكون قد خالف تعليمات قانونية واضحة لوزارة الخارجية ضد مثل هذا النشاط. وكان الخطاب الذي ألقاه ضعيفا ومليئا بالادعاءات الكاذبة والمضحكة، مثل أن الاتفاقية الدبلوماسية بين إسرائيل والإمارات هي "صفقة سيقرأ عنها أحفادنا في كتب التاريخ". ربما يكون ذلك صحيحا لو كان هذا الحدث تاريخيا على مستوى الشرق الأوسط.
وحيث يطمح بومبيو للترشح للرئاسة عام 2024، فإنه يأمل أن يتحمل ترامب إثم كل الكوارث الدبلوماسية وخاصة إن خسر انتخابات تشرين الثاني/ نوفمبر. لكن الصحيفة تستدرك: ولكن يجب ألا يعفى رجل الكونغرس السابق عن كنساس بهذه السهولة. نعم، إنها سياسة ترامب الخارجية. ولكن توجيه بومبيو لها أدى إلى بعض أسوأ الأضرار الدبلوماسية التي عانت منها أمريكا منذ عقود – وخاصة في ما يتعلق بأقرب حلفائها.
ومثال جيد على ذلك كان مناقشة إيران في مجلس الأمن هذا الشهر. فمن بين الأخبار الأخرى المهمة حظي فشل إدارة ترامب في تمديد حظر الأسلحة المفروض من الأمم المتحدة على إيران باهتمام خاص. ولكنها تقدم مثالا مهما عن كيفية قيادة بومبيو للسياسة الأمريكية إلى أزقة مغلقة.
وجعل بومبيو من حملة الضغط على إيران سمة لعهده في المنصب؛ فقد أعلن ترامب انسحاب أمريكا من الاتفاقية النووية متعددة الأطراف مع إيران بعد تسلم بومبيو لوزارة الخارجية بثلاثة عشر يوما في نيسان/ أبريل 2018. وقال الرئيس إنه يريد التفاوض على صفقة أخرى، ولكن بومبيو تحرك بسرعة لمنع ذلك بوضعه مجموعة شروط على طهران وجعل من المعروف أن هدفه هو تغيير النظام هناك. وهو ما لم يحصل بالرغم من العقوبات الأمريكية المتزايدة وغارة بطائرة مسيرة قتلت أهم جنرال إيراني، حيث بقي نظام آية الله خامنئي كما هو وزاد من عمليات تخصيب اليورانيوم. ومع حلول هذا الصيف ضاعفت مخزونها من اليورانيوم المخصب خمس مرات منذ أن بدأ بومبيو حربه الصليبية.
وهذا يجلبنا إلى معارك مجلس الأمن، حيث حاول بومبيو أن يفرض تمديدا لحظر الأسلحة الأممي المفروض على إيران، والذي من المفترض أن ينتهي في تشرين الأول/ أكتوبر القادم. ومع أن حلفاء أمريكا ليس لديهم حرص على السماح لطهران بأن تبيع وتشتري الأسلحة، إلا أنهم يدركون أن عقوبة أخرى ستمزق ما بقي من الاتفاقية النووية، وستجعل إيران تطرد المفتشين النوويين التابعين للأمم المتحدة والذين لا يزالون يرصدون أنشطة إيران. واستنتجوا أن تلك كانت نية بومبيو الحقيقية.
وكانت النتيجة تصويتا مهينا ضد مشروع القرار الأمريكي، حيث امتنعت كل من بريطانيا وألمانيا وفرنسا عن تأييد المشروع. وكان رد فعل بومبيو هو أن يحقر الحلفاء – الذين قال عنهم إنهم "اختاروا الانحياز إلى آيات الله". وبعد أسبوع زاد من الضغط بإعلامه مجلس الأمن بأن أمريكا ستسعى لتفعيل أحد شروط الاتفاقية النووية والذي يسمح لحكومة واحدة أن تعيد فرض عقوبات الأمم المتحدة، بالرغم من أن واشنطن لم تعد شريكة في الاتفاقية.
وذلك جهز الحلبة لمعركة أكثر ضررا. حيث أعلن رئيس مجلس الأمن الأسبوع الماضي بأن كل الدول الأعضاء في مجلس الأمن ما عدا واحدة رفضت المناورة الأمريكية لأنها غير قانونية. وردة الفعل الأمريكية كانت بيانا آخر يتهم أقرب حلفائها بـ"الوقوف إلى جانب الإرهابيين".
يقول دانيال فريد، مسؤول الخارجية للشؤون الأوروبية سابقا، إن الأمر يبدو وكأن بومبيو يستمتع بلا مبرر بالفرقة. مضيفا أن علاقات أمريكا بأوروبا هي في أسوأ حال يتذكره.
وعندما تنتهي فترة الانتظار لمدة 30 يوما في أواخر أيلول/ سبتمبر، قد تصر إدارة ترامب على إعادة العقوبات العالمية ضد إيران. وإن فعلت فإن العالم في الغالب، بمن فيهم الديمقراطيات الرائدة، سيهمل الأمر. وستقف أمريكا معزولة. وستكون فترة مايك بومبيو كأسوأ وزير خارجية أمريكية في التاريخ وصلت إلى ذروتها.