32.76°القدس
32.12°رام الله
31.64°الخليل
30.23°غزة
32.76° القدس
رام الله32.12°
الخليل31.64°
غزة30.23°
الأحد 16 يونيو 2024
4.72جنيه إسترليني
5.25دينار أردني
0.08جنيه مصري
3.99يورو
3.72دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.72
دينار أردني5.25
جنيه مصري0.08
يورو3.99
دولار أمريكي3.72

خبر: "دي أمريكا يابا"

هذه العبارة الهزلية في الكوميديا المصرية تعود الى الذاكرة دائما في وصف التفوق الأمريكي الذي لا نملك تجاهه سوى الشعور بالدونية و التأخر أو الإعجاب أو الحسرة أو الحسد أو في أسوأ الحالات الكراهية و العجز التام! . والتركيز على التفوق هو ما أكد عليه أوباما في خطبة الفوز بانتخابات الرئاسة حين قال نحن دولة قوية و العالم يحسدنا على ما نحن عليه في المجال العسكري و الاقتصادي و العلمي، و باهى بالديمقراطية الأمريكية و مبادئها بل وزاد بإعلان نيته الاتصال بمنافسه رومني لبحث سبل التعاون المستقبلي بعد شهور من معارك كسر العظم بينهما ولكن ما فات مات "let bygones be bygones" والآن حان وقت العمل للدولة والمواطنين وتحييد الصراعات والنزاعات حتى وقت الانتخابات القادمة حين تحين جردة حسابات جديدة للشخصيات والانجازات. مرة أخرى لا يملك معظمنا في الوطن العربي إلا أن نرفع القبعات للنموذج الأمريكي الديمقراطي الذي يكشف سوءات تجاربنا المحلية العربية ويقدم كل ما نتمناه ونفتقده من النزاهة والمساواة في المواطنة والبرامجية وحرية التعبير والشفافية والمحاسبة، ولكن هذا النموذج محصور في ذات الدولة ولا تسمح أمريكا بتصديره الى العالم العربي لأنها لا تتحمل نتائج الخيار الحر للشعوب العربية الذي يمكن أن يقدمها على قدم المساواة والشراكة أمام أمريكا وليس بمفهوم التبعية والتنفيذ لسياسات أمريكا في العالم! . لا تتحمل أمريكا نتائج الخيار الحر للشعوب العربية بالذات لو كان خيارا إسلاميا ولا تبقي وسيلة ضغط خارجية ولا عمالة داخلية الا وتستخدمها للتخويف والعرقلة والتأثير على قرارات الشعوب العربية هذا غير الضغط على الحكومات القائمة المستبدة والنفخ في مواتها قدر الإمكان حتى لا تتمكن الشعوب من الحكم و التشريع و الخروج عن بيت الطاعة الأمريكي!. هذه التجربة الديمقراطية التي تذهب بلب الناظرين و المتابعين لها وجه آخر من أمريكا نفسها و لها منظرون لا يشاركون الإدارة الأمريكية رؤيتها في تفوق أمريكا فها هي شبكة HBO التلفزيونية تبث مسلسلا بعنوان غرفة الأخبار Newsroom يحاول تقديم خفايا الإعلام وتأثيره على صناعة السياسة وإحدى الحلقات الافتتاحية تصور ندوة مع مجموة من الاعلاميين المشهورين وطلاب الجامعة حيث تسأل إحدى الطالبات: لماذا أمريكا أعظم دولة في العالم؟ فتجيب الاعلامية الضيفة: التعددية و توفر الفرص، ويجيب احد الضيوف الآخرين: الحرية والحرية فلنبقها على هذا المنوال، ثم يأتي دور اعلامي آخر ويقلب الطاولة على من سبقه ويقدم أسبابا يجب التفكير بها وبما وراء النص الدرامي إذا أردنا تكوين صورة متوازنة عن أمريكا فيقول: هي ليست أعظم دولة في العالم فنحن لسنا الدولة الحرة الوحيدة في العالم، كندا لديها حرية، وكذلك اليابان وبريطانيا وإيطاليا وألمانيا واسبانيا واستراليا و بلجيكا و180 دولة على مستوى العالم لديها حرية ثم يتوجه الى الطالبة التي طرحت السؤال ويقول لها: عندما تتوجهين لغرفة التصويت في الانتخابات تذكري أن ليس هناك ما يدعم فرضية كوننا أعظم دولة في العالم فنحن نحتل المرتبة 7 في التعليم، المرتبة 27 في الرياضيات، المرتبة 22 في العلوم، المرتبة 49 في معدل توقع الحياة، والمرتبة 178 في وفيات الأطفال، المرتبة 4 في القوة العمالية وفي التصدير، نحن نتفوق على العالم فقط في الانفاق على التسليح والدفاع وفي عدد البالغين الذين يؤمنون أن الملائكة موجودون. ثم يضيف: ولكننا في يوما كنا الأفضل عندما كنا ندافع عن الفضيلة و نقاتل من أجل الاخلاق والحق، خضنا الحروب ضد الفقر وليس ضد الفقراء، كنا نضحي ونحب جيراننا ونساعد الآخرين، بنينا واخترعنا ووصلنا النجوم وبقينا بشر، كنا نقدر العقل والعبقرية ولا نستخف بهما، لم نتخندق ونتحزب ونعرف أنفسنا بمن انتخبناه، كنا مثقفين ولم نستعمل التخويف كأسلوب سهل في التعامل مع الآخرين! أول خطوة لحل المشكلة و لنعود كما كنا أن ندرك أننا لم نعد أعظم دولة في العالم!. هذه فئة ووجه آخر للحلم الأمريكي الذي انقلب الى كابوس في حياة كثير من الشعوب التي ما ذاقت الا حصرمه، هذه فئة من الداخل الأمريكي استفاقت من أساطير المثالية ولم تعد تضللها الصورة التي تظهر على السطح للاستهلاك الاعلامي فقط فنظرة الى بعض الاحصائيات الاجتماعية والانسانية الأخرى ترينا ارتفاعا في نسب الجريمة والأمراض النفسية والتفكك الأسري التي لم تستطع أن توفرها أمريكا لشعوبها برغم امكاناتها اللامحدودة و ظلت نموذجا تفوق في الماديات و قصر في الناحية القيمية و الروحية و الميزان لا ينعدل الا بهما، و العرب لا ينافسون لا في هذه و لا في تلك فهم ليسوا أحسن حالا حتى في مجال القيم و الأخلاق. إن من الغبن و التحيز أن نقلل تماما من انجازات الديمقراطية الأمريكية و لكننا لا يجب أن نغالي في تقييمها و نراها ضمن معادلة الأسباب والنتائج و السياق التاريخي و السياسي بالذات ما يؤثر علينا فليس كافيا ان تكون شريفا في بلدك تلبس أثواب الملائكة ثم تنقلب شيطانا في بلاد الآخرين، الفضيلة التي تتجزأ و تختلف بحسب الزمان و المكان ليس فضيلة و إنما نفاق و خديعة. النموذج ليس كاملا، له محاسنه و كثير من السيئات و على من يسيرون ببلادهم من العرب نحو الحرية و المؤسسية أن ينخلوا الخبث و يتركوا الزبد و يأخذوا الايجابيات فقط، و هي موجودة في تاريخهم لو كانوا يعقلون جلباب أمريكا الديمقراطي ليس كاملا و جلابيبنا أسوأ حالا و الحل المواءمة بين الأفضلين و ليس الرضا بأهون الشرين.