نشر الكاتب الفلسطيني إبراهيم الحمامي المقيم في لندن رسالة وصلته من شخص عزة يسرد فيها حوار دار بينه وموظفة جوازات أثناء عودته من أمريكا إلى كندا حيث إقامته. وجاء في الرسالة: كنت عائداً بسيارتي من أمريكا إلى كندا حيث إقامتي ، وعلى الحدود أعطيت جواز سفري الكندي إلى الموظفة ففتحته وقرأت مكان الولادة فلسطين ، فقالت: كيف فلسطين؟ فقلت بخير .. ونرجو الله أن تبقى بخير . - منذ متى وأنت تعيش في كندا؟ - أنهيت لتوي السنة العاشرة - متى زرت فلسطين آخر مرة؟ - منذ ثلاثة أعوام فنظرت إلي وهي تبتسم وسألتني: من تحب أكثر فلسطين أم كندا؟ فقلت لها: الفرق عندي بين فلسطين وكندا كالفرق بين الأم والزوجة .. فالزوجة أختارها .. أرغب بجمالها .. أحبها .. أعشقها .. لكن لا يمكن أن تنسيني أمي .. الأم لا أختارها ولكني أجد نفسي ملكها .. لا أرتاح إلا في أحضانها .. ولا أبكي إلا على صدرها .. وأرجو الله ألا أموت إلا على ترابٍ تحت قدميها . فأغلقت جواز السفر ونظرت إلي باستغراب وقالت: نسمعُ عن ضيق العيش فيها فلماذا تحب فلسطين؟ قلت: تقصدين أمي؟ فابتسمت وقالت: لتكن أمك .. فقلت: قد لا تملك أمي ثمن الدواء ولا أجرة الطبيب ، لكن حنان أحضانها وهي تضمني ولهفة قلبها حين أكون بين يديها تشفيني . قالت: صف لي فلسطين فقلت: هي ليست بالشقراء الجميلة ، لكنك ترتاحين اذا رأيت وجهها .. ليست بذات العيون الزرقاء ، لكنك تشعرين بالطمأنينة اذا نظرت اليها .. ثيابها بسيطة ، لكنها تحمل في ثناياها الطيبة والرحمة .. لا تتزين بالذهب والفضة ، لكن في عنقها عقداً من سنابل القمح تطعم به كل جائع .. سرقها اللصوص ولكنها ما زالت تبتسم ..!! أعادت إلي جواز السفر وقالت: أرى فلسطين على التلفاز ولكني لا أرى ما وصفت لي ..!! فقلت لها: أنت رأيت فلسطين التي على الخريطة ، أما أنا فأتحدث عن فلسطين التي تقع في أحشاء قلبي .. -قالت: أرجو أن يكون وفاؤك لكندا مثل وفائك لفلسطين.. أقصد وفاؤك لزوجتك مثل وفائك لوالدتك فقلت لها: بيني وبين كندا وفاءٌ وعهد ، ولست بالذي لا يفي عهده ، وحبذا لو علمتِ أن هذا الوفاء هو ما علمتني إياه أمي.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.