طرح مركز عبري للدراسات السياسية، سؤالا حول أسباب إخفاء السلطة في رام الله ملابسات موت الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات.
وفي تقدير نشره " المركز المقدسي للشؤون العامة والسياسية"، وترجمته وكالة "فلسطين الآن"، قال الكاتب "يوني بن مناحم": "أحيا الفلسطينيون الأسبوع الماضي الذكرى السادسة عشرة لوفاة رئيس السلطة الفلسطينية السابق ياسر عرفات، الذي توفي في المستشفى العسكري الفرنسي “كلامار” في 11 تشرين الثاني 2004".
وأضاف "بن مناحم": "بمرور ست عشرة سنة على وفاته، بقي سبب وفاته لغزاً رغم معلومات نشرتها عقيلته سهى عرفات وكبار رجالات السلطة الفلسطينية منذ يوم وفاته وحتى اليوم تفيد بأنه قتل بالسم".
وتابع: "اتخذت المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان قراراً باستئناف التحقيق في ملابسات وفاة ياسر عرفات، كما أعلنت سهى عرفات في مقابلة خاصة لقناة “العربية” التلفزيونية في 5 أيلول من منزلها في مالطا، إطار هجمة إعلامية لها ضد السلطة الفلسطينية".
وإليكم نص المقال كاملا:
شكلت السلطة الفلسطينية لجنة تحقيق برئاسة عضو اللجنة المركزية لفتح اللواء توفيق الطيراوي، الذي شغل في حينه منصب رئيس المخابرات العامة، ولكنها لم تنشر نتائج التحقيق رغم انتهائه.
رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس اتهم في الماضي خصمه المرير محمد دحلان بأنه هو الذي يقف خلف "اغتيال
ياسر عرفات.
اتهم رئيس السلطة محمود عباس في الماضي خصمه المرير محمد دحلان بأنه هو الذي يقف خلف "اغتيال" ياسر عرفات. وكان عباس وعد قبل سنتين بأن يكشف عن هوية "القاتل" والجهة التي تقف خلف "الاغتيال"، ولكن شيئاً لم يحصل، وتواصل السلطة الفلسطينية إخفاء نتائج لجنة التحقيق في الموضوع.
وصرح عبد الله عبد الله، عضو المجلس الثوري لحركة فتح، في 10 تشرين الثاني، بأن "من يقف على رأس هذه الجريمة هو رئيس حكومة الاحتلال ارئيل شارون ويحتمل أن يكون تلقى ضوءاً أخضر لذلك من الإدارة الأمريكية”.
وادعى بأن ملف التحقيق في القضية سيبقى مفتوحاً، ومن الواضح أن من يقف خلف "الاغتيال" سينكشف في المستقبل. وزعم عبد الله بأنه "حتى الآن لا توجد لدينا أدلة قاطعة من يقف خلف هذه الجريمة".
وكشفت مصادر رفيعة المستوى في "فتح" النقاب عن أن تحقيق المخابرات الفلسطينية العامة برئاسة توفيق الطيراوي أدت إلى طبيب أسنان ياسر عرفات، وكان الاشتباه أنه أدخل السم في أحد أسنان ياسر عرفات في أثناء معالجته أو أنه دس السم في معجون الأسنان الذي استخدمه عرفات لتنظيف أسنانه.
عندما وصل المحققون إلى منزل طبيب الأسنان الذي يسكن في رام الله تبين أنه توفي في ظروف غامضة.
وادعى أبناء عائلته بأنه توفي بنوبة قلبية عندما كان يقود سيارته.
شاركت مصر والأردن وتونس في التحقيق في ملابسات وفاة عرفات وبعثت بمحققين وطواقم طبية لإجراء بعض الفحوصات، ولكن النتائج لم تنشر.
ووفقاً لمحافل في “فتح”، وصل فريق التحقيق الفرنسي وفريق تحقيق سويسري إلى رام الله، وفتحا قبر ياسر عرفات لأخذ عينات من بقايا جثمانه، ولكنهما لم يتوصلا إلى أي استنتاجات قاطعة بالنسبة لادعاءات التسميم.
الرأي السائد في أوساط مجموعة كبيرة من المسؤولين في فتح هو أن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس يبقي الأوراق قريبة من صدره كي يفتحها في الوقت المناسب من ناحيته، كلما تصاعدت معركة الخلافة، كي يلقي بالذنب عن وفاة ياسر عرفات على خصمه السياسي محمد دحلان.
لقد كان ياسر عرفات شخصية قيادية محبوبة من الفلسطينيين، وفرضية عمل محمود عباس هي أنه إذا ألقى المسؤولية عن وفاته على محمد دحلان وكشف عن "الإثباتات" التي لديه فسيلحق ضرراً سياسياً كبيراً بمحمد دحلان ويضر بشعبيته.
أما محمد دحلان من جهته، فينفي كل صلة بوفاة ياسر عرفات، ويدعي مقربوه بأن من ربح من وفاة ياسر عرفات كان محمود عباس الذي خلفه في المنصب.
ياسر عرفات لم يستطب محمود عباس، ولو بأقل تقدير. وادعى بأن عباس يحاول التآمر عليه، إلى جانب رئيس المخابرات المصرية عمر سليمان والإدارة الأمريكية.
وعرض ياسر عرفات، وهو على سرير الشفاء في باريس، على أحمد قريع (أبو علاء) أن يكون خليفته، ولكن قريع رد العرض واقترح تتويج محمود عباس خليفة له.
ليس للسلطة الفلسطينية دليل قاطع على أن ياسر عرفات قتل فعلاً بالسم، ولا توجد أي مؤشرات تؤكد هذا الزعم، كما أن الزعم بأن إسرائيل هي المسؤولة عن "الاغتيال" هو زعم كاذب، وهزل هذا الزعم على مدى السنين بعد أن اتهم محمود عباس محمد دحلان بأنه هو الذي يقف وراء وفاة عرفات.
يعتقد الناس في الشارع الفلسطيني بأن جهة فلسطينية كانت مقربة جداً من عرفات وذات قدرة على الوصول إليه هي المسؤولة عن وفاة ياسر عرفات في أثناء الحصار الإسرائيلي على المقاطعة، وهناك مطالبة بأن تنشر السلطة استنتاجات لجنة التحقيق برئاسة توفيق الطيراوي.
ويدعي الناس في الشارع الفلسطيني بأنه "إذا كان محمود عباس يعرف بالفعل المسؤول عن وفاة ياسر عرفات كما يدعي، فلماذا لا يعلن ذلك على الملأ؟ فهذا واجبه". وانقسمت حركة فتح إلى معسكرين: معسكر برئاسة محمود عباس، والمعسكر الثاني المسمى “التيار الديمقراطي” برئاسة محمد دحلان، وكل واحد من المعسكرين يدعي بأنه يواصل طريق ياسر عرفات، وكل منهما يتهم الآخر بالمسؤولية عن وفاته.
يبدو أن محمود عباس يحتفظ باستنتاجات لجنة التحقيق كسيف مسلط على رأس محمد دحلان كي يسقطه في الوقت المناسب من ناحيته “كضربة قاضية” سياسية، ولكن في جعبته دحلان أيضاً مفاجآت، إذ يدعي مقربوه بأنه يمكنه أن يكشف تفاصيل جديدة عن دور محمود عباس في وفاة ياسر عرفات.
كما أن سهى عرفات هي الأخرى تحتفظ بوثائق حساسة شخصية لياسر عرفات، ولديها معلومات عن ملابسات وفاته، وهي في معسكر محمد دحلان، ولهذا فإن محمد دحلان قد يستعين بها كي يغذي ادعاءات ضد محمود عباس على دوره في المسؤولية عن وفاة ياسر عرفات.
إن الجدال حول ملابسات وفاة ياسر عرفات قد تتفجر علناً في المجتمع الفلسطيني كلما تعاظمت معركة الخلافة.