تتسارع وتيرة التدهور الاقتصادي في سوريا مع اتساع رقعة المعارك واقترابها من العاصمة دمشق، ومع تصاعد وتيرة التوقعات بقرب انهيار النظام أو لجوئه إلى استخدام الأسلحة الكيماوية في حالة اليأس، أو في لحظات ما قبل الانهيار. وتسجّل العملة المحلية السورية هبوطاً متسارعاً منذ تصاعدت وتيرة المعارك العسكرية حول دمشق، حيث هبط سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأخرى في السوق السوداء بأكثر من 15 في المئة، وذلك منذ بداية شهر تشرين الثاني الماضي وحتى الآن، أيّ خلال أقل من خمسة أسابيع فقط، فضلاً عن الانخفاضات السابقة التي سجلتها. وقالت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية أنّ المشاكل العسكرية والسياسية والدبلوماسية والاقتصادية التي يعاني منها النظام السوري تهدد بانهيار كامل للعملة المحلية. وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنّ الانخفاضات المتتالية في سعر صرف الليرة السورية، إضافة إلى العقوبات الدولية المفروضة على النظام السوري دفع أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية في البلاد إلى تسجيل أعلى مستوياتها على الإطلاق. ونقلت "فايننشال تايمز" عن سيدة تسكن في دمشق قولها أنّ دجاجة مطبوخة واحدة كلّفتها 650 ليرة (9 دولارات)، بينما كانت تكلفتها قبل شهور قليلة فقط لا تتجاوز 350 ليرة فقط، أيّ أنّ ثمنها تضاعف بشكل كامل تقريباً. وأضافت السيدة: "الحياة في سوريا الآن غالية جداً جداً، وسعر الدولار الأمريكي يرتفع بسرعة كبيرة جداً". إلى ذلك، قالت مصادر إعلامية في سوريا أنّ المصرف التجاري السوري توقّف عن بيع الدولار الأمريكي في الوقت الراهن، مشيرة إلى أنّ إدارة المصرف بانتظار قرار باستئناف البيع في وقت لاحق، لكن ليس معروفاً متى يمكن أن يصدر مثل هذا القرار. وتشير هذه المعلومات إلى وجود أزمة في توفر العملة الصعبة لدى الحكومة السورية، في الوقت الذي قفز فيه سعر صرف الدولار يوم الأربعاء إلى 87 ليرة سورية في المصرف التجاري السوري، ارتفاعاً من 83 ليرة يوم الثلاثاء، بينما ارتفع سعر صرف الدولار في السوق السوداء يوم الأربعاء إلى 92 ليرة. وبالمقارنة مع الأيام الأولى للثورة السورية في آذار 2011 فقد كان سعر صرف الدولار الأمريكي 47 ليرة سورية فقط، وكان السعر متساوياً في السوق الرسمي والسوق السوداء، ما يعني أنّ العملة السورية هبطت قيمتها إلى النصف خلال 21 شهراً من عمر الثورة السورية. وتمكّنت السلطات النقدية السورية من الحفاظ على سعر صرف العملة المحلية مقابل الدولار الأمريكي، عند مستويات تقل عن 75 ليرة للدولار الواحد حتى بداية شهر تشرين الثاني الماضي الذي بدأت فيه العملة السورية رحلة جديدة من الهبوط الحاد بالتزامن مع اقتراب المعارك الضارية من العاصمة دمشق. وقال اقتصادي يقيم في دمشق لجريدة "فايننشال تايمز" أنّ "الوضع الاقتصادي في سوريا كارثي"، مضيفاً: "إنّهم يضخّون الأموال، لكن سرعان ما يمتصّها السوق، ومن ثم نعود إلى الوضع ذاته". وتدهورت الأوضاع المعيشية لكثير من السوريين نتيجة الأوضاع الاقتصادية السيئة، والارتفاع الكبير في أسعار السلع والمواد الغذائية والتي نتجت عن النسبة القياسية في التضخم بالبلاد، حيث في شهر آب الماضي سجّل التضخم في سوريا نسبة قياسية عند 40 في المئة، لكن هذه النسبة يتوقع أن تكون ارتفعت حالياً إلى 50 في المئة، وهي نسبة بالغة الارتفاع.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.