أكدت أطروحة دكتوراة لباحث إسرائيلي سرقة ونهب عشرات آلاف الكتب الفلسطينية النفيسة والفريدة من بيوت الفلسطينيين خلال نكبة عام 1948، تحت حماية جنود العصابات اليهودية والجيش الإسرائيلي وبمراقبة ومساعدة أمناء المكتبة الوطنية الإسرائيلية. وأكد البحث الذي أعده "د. غيش عميت" من جامعة بئر السبع، سرقة مكتبات كاملة لعائلات وكتاب وأدباء فلسطينيين، مثل المكتبة الخاصة لخليل السكاكيني، ومكتبة آل نشاشيبي عدا عن مكتبات ووثائق الهيئات الفلسطينية العامة، والمدارس والكنائس. ونشرت صحيفة "هآرتس" الجمعة 7/12/2012، تقريراً خاصاً على أساس مقابلة مع الباحث المذكور، كشف فيها أيضا وثائق رسمية وقرارات حكومية بشأن كيفية التصرف بهذه المسروقات، وهذا الكنز الثقافي الهائل، وتحت أي بند يجب تخزينها. واستهلت "هآرتس" تقريرها بالقول: "يوجد في مخازن المكتبة الوطنية في القدس، كنز مكون من 8000 كتاب وضع عليها الحرفان AP، اختصارا لعبارة "ممتلكات متروكة" (Abandoned Pproperty). لكن الدعابة السائدة في المكتبة الوطنية تشير إلى أن المقصود بالحرفين المذكورين هو "القيِم"، في إشارة إلى "القيِّم على أملاك الغائبين" المسؤول عن هذه الكتب". [title]أكبر سرقة للكتب في التاريخ[/title] ويقول مخرج الأفلام الوثائقية "بني برونير" الذي أعد فيلما عن القضية تحت عنوان "أكبر سرقة للكتب عرفها التاريخ": "منذ 64 عاما وهذه الكتب هناك، شاهد على قضية تاريخية منسية وكأنها لم تكن". كان هناك من عرفوا بأمرها، لكن الحياة مستمرة والقضية ظلت طي النسيان". كانت هذه الكتب، فيما مضى ملكا لفلسطينيين من القدس ومدن أخرى ممن هربوا أو طردوا من بيوتهم عام 1948. حيث قام جنود الجيش الإسرائيلي يرافقهم عاملو وأمناء المكتبة الوطنية الجامعية (التي أصبحت اليوم المكتبة الوطنية) بجمعها من البيوت الخاصة والمؤسسات العامة ونقلها للمكتبة. تكاد كل كلمة حول هذه القضية تكون مشحونة سياسيا وأيديولوجيا، تقول "هآرتس" وتضيف: "هل تم جمع هذه الكتب أم أنها سُرقت؟ هل كان جمعها جزءا من حملة إنقاذ إسرائيلية أم من حملة هدم منهجية للثقافة الفلسطينية؟ لا يتفق الجميع على موقف". بين أيار 1948 ولغاية نهاية شباط 1949 تمكن عاملو المكتبة الوطنية من جمع 30 ألف كتاب، وصحيفة ومجلة تركها وراءهم سكان القدس. كما تم جمع آلاف الكتب التي كانت في المؤسسات التعليمية والكنائس، وتناولت مواضيع مختلفة: قانون، شريعة، تفسيرات للقرآن، أدب، ترجمات، أدبيات علمية، تاريخ وفلسفة. [title]الحكومة حمت أمناء المكتبة[/title] وتكشف الصحيفة أنه يمكن العثور على أدلة على هذه العملية في قرارات الحكومة الإسرائيلية الأولى في جلسة الحكومة التي انعقدت في كانون أول 1948 حيث أعلن وزير الداخلية آنذاك، يتسحاق غؤينبويم: "تشكلت في الفترة الأخيرة لجنة من قبل الجامعة العبرية، يسير أعضاؤها وراء الجنود ويقومون بجمع الكتب منها". وجاء في تقرير لمكتبة الجامعة، بعد شهور من الجلسة المذكورة: "تلقينا اقتراحا وطلبا بأن تقوم المكتبة الجامعية بإخراج الكتب من الأحياء المحتلة، فهي في حالة غير آمنة، ووضعها تحت رعاية رجال المكتبة". وبعد عملية السرقة هذه بعقد كتب أمين المكتبة الوطنية الإسرائيلية، شلومو شونمي عن هذه القضية يقول: لقد قام أمناء مكتبة الجامعة بالتعاون مع عامليها بمسح هذه المناطق، معرضين حياتهم للخطر، وتعرضوا أكثر من مرة للقصف ونيران الفيلق العربي (القوات الأردنية) ونجوا بأعجوبة". لكن الباحث الدكتور غيش عميت يعرض قضية مركبة أكثر من ذلك، ويقول" لقد آمن عاملو المكتبة الوطنية – ولا زالوا يؤمنون حتى اليوم- أن المسألة هي عملية إنقاذ لثقافة كاملة، لولا تدخل المكتبة لكان قسم كبير منها إن لم تكن كلها قد اندثرت، أو سرقت من قبل تجار أو لربما ضاعت". ولكن وفي المقابل فإن الفلسطينيين يعتبرون ذلك، وبحق سرقة ثقافية ونهبا ثقافيا كان جزءا لا يتجزأ من النكبة، التي جرتها عليهم الحرب.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط لتخصيص تجربتك ، وتحليل أداء موقعنا ، وتقديم المحتوى ذي الصلة (بما في ذلك
الإعلانات). من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا ، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط وفقًا لموقعنا
سياسة ملفات الارتباط.