أكد القيادي السابق في الحركة الإسلامية في الداخل الفلسطيني المحتل عام ١٩٤٨، توفيق محمد، أن الجيل الفلسطيني الجديد؛ لم ولن يقبل باستمرار الاعتداءات الإسرائيلية على القدس والمسجد الأقصى المبارك.
وتشهد مدن الداخل المحتل منذ عدة أيام مواجهات مع الاحتلال بعد اقتحامه المسجد الأقصى وقمع المصلين داخله؛ حيث اشتعلت مدن اللد وأم الفحم وكفر قرع وكفر مندا وعين ماهل وعكا وحيفا بالمواجهات إلى جانب مدن وبلدات أخرى، وأصيب خلال ذلك العشرات من الفلسطينيين واعتقل العديد منهم، كما شارك المستوطنون في الاعتداء على الفلسطينيين خلال تلك المواجهات.
وخلال الاعتداء على المسجد أصيب مئات الفلسطينيين من المصلين داخله بجروح مختلفة؛ وكان من بينهم نجل القيادي السابق توفيق محمد حين كان معتكفا داخل المسجد في العشر الأواخر من شهر رمضان.
ويقول محمد، إن "كل ما حدث في المسجد الأقصى والداخل المحتل يتحمل الاحتلال وحده مسؤوليته، وإن كل الأمر متعلق بكيفية نهجه ونيته هل يستمر في ذلك أم لا".
واعتبر أن الفلسطينيين يدافعون عن أنفسهم وهم ليسوا معتدين؛ بل يتظاهرون ضد السياسات الإسرائيلية والاعتداء الذي يجري عليهم في الأقصى ومختلف بلداتهم ومواقعهم.
وأوضح أن الاحتلال قام باستخدام المستوطنين من البؤر الاستيطانية المختلفة؛ للاعتداء على الفلسطينيين في اللد والرملة ويافا وحيفا وغيرها؛ لذلك هب الأهالي يدافعون عن أنفسهم في موقع الدفاع.
وأضاف: "في اللحظة التي تقرر فيها الحكومة الإسرائيلية وقف هذا العدوان ستتوقف هذه الحالة؛ الأمر متعلق بهم وهم من يتحملون المسؤولية أولا وأخيرا".
وأعرب محمد عن توقعه من أن عنصر المفاجأة موجود؛ حيث "ظن الاحتلال أن الجيل الجديد نسي القضية والمسجد الأقصى المبارك ومدينة القدس ولكنه تفاجأ بحجم الرد الذي أبداه الجيل الجديد؛ وهو جيل كما وصفه خطيب المسجد الأقصى الشيخ عكرمة صبري بالجيل الثالث بعد جيل النكبة والنكسة وأطلق عليه اسم جيل النصر".
وأشار إلى أن المسجد الأقصى والقدس كانا دائما محور الصراع منذ الغزو الصليبي إلى اليوم، وفي هبة القدس والأقصى عام ٢٠٠٠ التي ارتقى خلالها ١٣ شهيدا من الداخل كان محورها حول الأقصى؛ وكذلك هبة البوابات الإلكترونية كان محورها المسجد الأقصى وباب الرحمة وباب العامود، لافتا إلى أن الاعتداء الذي حصل على الأقصى مؤخرا منذ بداية شهر رمضان إلى العشر الأواخر منه هو الذي أشعل هذه الهبّة.
وتابع: "لم يتوقع الاحتلال هبة بهذه القوة؛ ومن هم موجودون الآن بالشارع هم شباب تتراوح أعمارهم من ١٣-٣٠ عاما؛ وهو جيل شاب ثارت في عروقهم الدماء حين رأوا الاعتداء على الأقصى واعتداء سوائب المستوطنين على كل ما هو فلسطيني في الداخل، فحجم الرد بهذه الطريقة لم يكن متوقعا لدى الحكومة الإسرائيلية".
خط أحمر
محمد وخلال حديثه أكد أن المسجد الأقصى والقدس هما خط أحمر لدى كل الشعب الفلسطيني؛ وأن الاعتداء عليهما يعتبر لدى كل فلسطيني على اختلاف أجياله وطوائفه خطا أحمر يوقد شرارة النضال بالوقوف في وجه هذه السياسة.
وتطرق محمد إلى قضية اعتقال الاحتلال للشيخ كمال الخطيب نائب رئيس الحركة الإسلامية سابقا؛ واصفا إياه بالاعتقال التعسفي والانتقامي من شخصه، "حيث معروف أنه شخصية قيادية ذو رمزية محلية ودولية وهو يعبر عن رأيه دائما فيما يتعلق بثوابت الشعب الفلسطيني والأمة الإسلامية؛ وبالذات فيما يتعلق بالمسجد الأقصى المبارك، بل هو من المدافعين الأوائل عن الأقصى وحق الفلسطينيين والعرب والمسلمين فيه؛ ومن المدافعين الكبار عن القدس"، حسب قوله.
وأضاف: "جاء اعتقاله بهدف تكميم الأفواه الحرة المدافعة عن المسجد والتي يعد الشيخ الخطيب من أبرزها، وفي أعقاب اعتقاله هبت قرية كفر كنا للدفاع عنه والاعتراض على اعتقاله؛ وهذا يدل على المكانة المتميزة التي يتمتع بها الشيخ وعلى المحبة الكبيرة والغامرة له في صفوف كفر كنا وسائر الداخل كما هو نفس الحال في العالم العربي والإسلامي لمواقفه المشرفة فيما يتعلق بالأقصى ومجمل القضايا التي تهم الشعب".
الحذر
وركز القيادي خلال حديثه على أهمية عدم الاطمئنان من خطوة الاحتلال منع المستوطنين من اقتحام المسجد الأقصى المبارك، معتبرا أن الاحتلال لا يؤمن جانبه.
وقال إنه رغم عدم السماح للمستوطنين على مدار يومين باقتحام المسجد؛ لكن في العموم لا يؤمن جانبه ولا يمكن الاعتماد على موقف له؛ ويجب دائما أخذ الحيطة والحذر من هذه المسألة لأن من يقود الاحتلال اليوم يعتبر أنه يجب بناء الهيكل المزعوم مكان المسجد الأقصى، وهم من أمثال المتطرفين سموتريتش وابن غفير الذين هم أبناء المدرسة الكهنية؛ وهم جزء ممن يقودون السياسة الإسرائيلية.
وتابع "اليوم رسلهم منتشرون في كافة أنحاء الدولة؛ ورسلهم من يعتدون على أهلنا والمواطنين، ومن هم سبب في هذه الهبة الموجودة حاليا هؤلاء هم من يوجهون السياسة اليوم، ونتنياهو مرتهن في سياساته لهم؛ بحيث أنه بحاجة لتشكيل حكومة فهو بحاجة لأصواتهم ويبدو أنه مستعد لأي شيء في مقابل البقاء على كرسيه، بالعموم يجب دائما الحذر والتيقظ وعدم الاطمئنان للسياسات الإسرائيلية".
ورأى محمد أن ما بعد الواقع الذي نعيشه اليوم لن يكون شبيها بما كان قبل ذلك؛ وأن هذه الهبة والاعتداءات التي تعرض لها الفلسطينيون لم تكن مسبوقة من قبل.
ولفت إلى أن هبة القدس والأقصى عام ٢٠٠٠ كانت محصورة ما بين المواطنين الذين خرجوا في مظاهرات عادية؛ ومقابل ذلك الجنود الذين يحاولون منع المظاهرات، ولكن ما يحدث اليوم هو احتجاجات من قبل الفلسطينيين؛ ولكن من يقابل هذه الاحتجاجات ليست الشرطة الإسرائيلية إنما المستوطنين مدعومين منها ومن مختلف أذرع الأمن.
وأضاف:" رأينا الكثير من الفيديوهات التي يمتشق فيها المستوطنون الأسلحة النارية ويسيرون بجانب أفراد الشرطة دون سؤالهم عن أي شيء، شهدنا إطلاق سراح المستوطن قاتل الشهيد موسى حسونة في اللد والذي قتله بدم بارد حين كان بعيدا عنه من مسافة كبيرة؛ فأطلق النار عليه وقتله وأصاب اثنين آخرين من أبناء اللد، ثن اعتقل لثلاثة أيام وتم إطلاق سراحه كأنه لم يفعل شيئا، الاعتداءات الموثقة على أهلنا دون حسيب أو رقيب مثل إلقاء زجاجة حارقة على بيت فلسطيني في يافا؛ لم يعتقل أحد من مرتكبي هذه الجريمة؛ وما بعد هذه الهبة لا أعتقد أنه سيكون كما قبلها".