17.75°القدس
18.2°رام الله
17.75°الخليل
21.97°غزة
17.75° القدس
رام الله18.2°
الخليل17.75°
غزة21.97°
الجمعة 22 نوفمبر 2024
4.68جنيه إسترليني
5.24دينار أردني
0.07جنيه مصري
3.89يورو
3.71دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.68
دينار أردني5.24
جنيه مصري0.07
يورو3.89
دولار أمريكي3.71

ما المعادلات الجديدة التي فرضها نصر المقاومة على الاحتلال؟

فرض نصر المقاومة الفلسطينية على الاحتلال الإسرائيلي في عدوانه الأخير على قطاع غزة، معادلات جديدة متعلقة بظروف اندلاع المواجهة وأسبابها وتوقيتها.

وعلى الرغم من اندلاع ثلاث حروب سابقة بين المقاومة في غزة والاحتلال، إلا أنها تعد المرة الأولى في تاريخ "الحروب" بينهما التي يكون سببها لا يتعلق بالقطاع نفسه، ما أكسب هذا الأمر رمزية كبيرة، وفرض معادلات جديدة، من خلال ما ترتب على ذلك من انتفاضة شاملة فلسطينية، وتضامن شعبي عربي واسع، رغم ما شهدته الفترة الماضية من تطبيع رسمي.

لا تصفية للقضية الفلسطينية

أعاد نصرة المقاومة للقدس وحربها على العدوان الإسرائيلي في غزة القضية الفلسطينية إلى صدارة القضايا العربية والإسلامية كما كان الحال عليه في النكبة عام 1948.

فعلى الرغم من أن الاهتمام بها كان قضية محورية ومركزية تمثل الهم المشترك للعرب والمسلمين، إلا أنها تراجعت خلال السنوات الماضية، في ظل إقليم مشتعل، ففي سوريا وليبيا حرب، وفي اليمن أزمة سياسية مستمرة، وفي العراق ولبنان انقسامات مستمرة وفشل كبير، إلى جانب تداعيات الثورات المضادة.

وأتت تداعيات انتصار المقاومة، لتلغي انحسار القضية الفلسطينية في ميادين الإعلام ومحافل السياسة الخارجية والداخلية، بعد أن كانت قد خرجت من دائرة الاهتمام الأولى التي عهدتها على مر 7 عقود في ظل تطبيع عربي وصفقة قرن، وانحياز كبير لصالح "إسرائيل" في المجتمع الدولي.

وبذلك خرجت معادلة جديدة إلى العلن، تتمثل في تعميق رواية القضية الفلسطينية، وعودة الدبلوماسية الدولية للحديث عن دولة فلسطينية وحق الفلسطينيين بقيامها والاعتراف بها، ودعوات للعودة إلى طاولة المفاوضات؛ هروبا من انتصار المقاومة وتداعياته، كما جاء من تصريحات أوروبية وأمريكية رسمية.

الوضع القائم "Status quo"

ومن بين المعادلات التي غيرها انتصار المقاومة، إفشال محاولات الاحتلال الإسرائيلي إعادة تعريف الوضع القائم بالأقصى والقدس، المعروف بـ"Status quo"، كجزء من صفقة الضم والاستيلاء على أراضي الفلسطينيين.

وظهر ذلك جليا، باشتعال انتفاضة شعبية واسعة في كامل فلسطين في القدس والضفة والداخل المحتل وغزة، في وحدة وطنية واحدة، لأول مرة منذ عقود، رغم كل محاولات الاحتلال تقسيمهم جغرافيا وديمغرافيا.

وظهر عدم اعتراف الفلسطينيين بالأمر الواقع الذي يحاول الاحتلال فرضه عليهم منذ سنوات، وأنه فشل بواقع الحال بتقسيمهم وفرض إدارته عليهم.

وكان مشهد الاقتحامات اليومية يظهر وكأنه أمر روتيني اعتيادي، ودخول الجيبات الإسرائيلية إلى مناطق الفلسطينيين في الضفة وشرق مدينة القدس المحتلة والاعتقالات والمداهمات أمرا مسلما فيه، وانخراط الفلسطينيين في الداخل المحتل في المجتمع الإسرائيلي وكأنه أمر حتمي، كل ذلك لفظته الهبة الشعبية مدفوعة بعواطفها مع المقاومة وانتصارها، وأظهرت أنه على عكسه تماما ما تزال هذه مظاهر احتلالية مرفوضة، وليست أمرا واقعا سلم به الفلسطينيون.

رجوع الإيمان بالنصر

وعاد الحديث عن النصر ممكنا مجددا في فلسطين المحتلة، فبعد النصر الذي حققته المقاومة الفلسطينية، والتقدم العسكري الذي أحرزته، والهزائم التي ألحقتها بالاحتلال الإسرائيلي، جعلت من الفلسطينيين والعرب والنشطاء يتحدثون عن إمكانية النصر يوما ما بالفعل، وأنهم يرون بعيونهم أن ذلك أمر متاح وحقيقي.

من جهته، نشر الشاعر تميم البرغوثي فيديو نال تفاعلا واسعا عن كون النصر الفلسطيني أمرا حقيقيا، وجعلت المقاومة منه واقعا معاشا، وأن التحرير يمكن أن يكون.

وتفاعل النشطاء عبر مواقع التواصل الاجتماعي مع نصر المقاومة الفلسطينية، وعاد الحديث عن الانتصار بلا تردد ولا كلفة.

التطبيع العربي ثبت فشله

وعلى الرغم من أن الفترة الماضية شهدت تصاعدا في التطبيع العربي الرسمي، وتفشيا للإحباط العام بسبب ذلك وتأثيره على القضية الفلسطينية، إلا أن الحرب الأخيرة جاءت وظهر معها التضامن العربي الواسع مع المقاومة في غزة، وهتفت الشعوب العربية للقسام والفصائل ونضالها وحق الشعب الفلسطيني وقضيته وللقدس.

من جهته، رأى الباحث والمحلل السياسي محمد غازي الجمل، أن "أفشلت المعركة مساعي الدول المطبعة لعزل شعوبها عن القضية الفلسطينية، وأسقطت شعار (فلسطين ليست قضيتي) الذي حاول إعلاميوها وذبابها الإلكتروني جاهدين تثبيته في وعي الجمهور".

وكذلك "أسقطت مقولة (الفلسطينيون باعوا أرضهم)، التي يتذرع بها منظرو التطبيع؛ لتبرير ترك الفلسطينيين وحدهم في مواجهة الاحتلال، التي يستحضرون معها مقولة (لن نكون ملكيين أكثر من الملك)! إذ أثبت الشعب الفلسطيني مرة أخرى استبسالا عاليا وفروسية تمثلت في فزعة بعضه لبعض، وغيرته على مقدساته بشكل استدعى إعجابا على مستوى العالم".

وقال: "هزت المعركة صورة دولة الاحتلال في المنطقة، التي كانت بعض الدول المطبعة لتسويقها، إذ ظهرت مضطربة أمام عدو محدود الإمكانات كمقاومة غزة".

ولفت كذلك إلى أن معركة المقاومة دعمت ظهور أصوات دولية منتقدة للأثر السلبي لاتفاقات التطبيع، كما برز في تصريح مفوض الأمن والسياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، بأن "تطبيع عدد من الدول العربية علاقاتها مع "إسرائيل" أعطى انطباعا لدى البعض في "إسرائيل" بأن القضية الفلسطينية انتهت".

وأكد الجمل أن المعركة كذلك "أضعفت قبول الشعوب العربية لتوثيق العلاقات مع الاحتلال، سواء في الدول التي وقعت اتفاقات التطبيع، أو التي كانت تنوي اللحاق بركبها".

التهجير القسري

أمعن الاحتلال الإسرائيلي، خلال السنوات الماضية، في سياسة التهجير القسري في فلسطين بشكل عام والقدس خاصة، وكانت نصرة المقاومة في غزة لحي الشيخ جراح، الذي يتعرض أهله لتهجير قسري، أمرا مفصليا، أجبر الاحتلال على تأجيل القضية؛ خوفا من تداعيات الأمر، مع تفاعل المقدسيين والضفة والداخل المحتل ضد الإجراءات الإسرائيلية في الحي.

وكان الاحتلال من حلال التخطيط الحضري والقُطري التمييزي الذي يشجع التوسع اليهودي، ويكبح العمران الفلسطيني، وبالتحديد مدينة القدس بحجة "البناء غير المشروع"، وتجريد الفلسطينيين من ممتلكاتهم بموجب قوانين ولوائح تمييزية تؤدي لإخلاء الأسر من مساكنها قسرا، يظن أن كل ذلك لن يلقى تفاعلا فلسطينيا.

وباتت الآن قضية الشيخ جراح في مركز الأزمة مع الاحتلال، والتهجير القسري تحت عدسة المجتمع الدولي والتضامن الإنساني العالمي، ما يسبب حرجا للإسرائيليين. ولا بد أن الأمر سينعكس بطبيعة الحال على أماكن أخرى في القدس والضفة، مثل حي بطن الهوى في سلوان بالقدس المحتلة.

وهب النشطاء والفلسطينيون خلال الأيام الماضية لنصرة حي بطن الهوى، من خلال نشر قصته والتفاعل والتضامن معه، ما يهدد بهبة شعبية جديدة بوجه الاحتلال.

المصدر: فلسطين الآن