21.12°القدس
20.88°رام الله
19.97°الخليل
17.7°غزة
21.12° القدس
رام الله20.88°
الخليل19.97°
غزة17.7°
الخميس 24 ابريل 2025
4.84جنيه إسترليني
5.14دينار أردني
0.07جنيه مصري
4.13يورو
3.65دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.84
دينار أردني5.14
جنيه مصري0.07
يورو4.13
دولار أمريكي3.65

خبر: الضفة.. برميل وقود بانتظار الشرارة

قبل أيام، وتحديدا في النصف الأول من شهر ديسمبر الجاري 2012م توجهت عدسات التلفزة العالمية للتعرف على حجم وشعبية “حماس” في الشارع الفلسطيني، كان بعضها وجهته قطاع غزة الذي كان على موعد مع زيارة تاريخية لأبرز قادة الشعب الفلسطيني الذين يبغضهم كثيرا العدو الصهيوني، وهو رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل. زيارة مشعل جاءت لمشاركته في احتفالات اليوبيل الفضي لحركته، كما أنها جاءت بعد أيام على توقيع تهدئة بين “حماس” والعدو الصهيوني الذي أراد كسر الشعب الفلسطيني ودفعه للاستسلام، غير أن حركة “حماس” أجبرت العدو الغاصب للموافقة على تهدئة بشروطها أجبرته على وقف العدوان بعدما وصلت صواريخ الجناح العسكري للحركة الإسلامية “كتائب عز الدين القسام” إلى العاصمة السياسية والاقتصادية للكيان ( تل أبيب). ظنت بعض شاشات التلفزة- المدفوعة للقدوم إلى غزة- ومنها بإشارات من الاحتلال أن غزة بشعبها وأهلها ستلفظ “أبو الوليد” وحركة “حماس” بعدما حل بها من قتل ودمار، غير أن المفاجأة كانت أن تلك الجماهير اصطفت على جوانب الطرق في استقبال قادة المقاومة الفلسطينية، وهي ذات الجماهير التي احتشدت بقوة لمشاركة “حماس” انطلاقتها الخامسة والعشرين في ساحة الكتيبة، لتؤكد مجددا احتضانها لحماس وخياراتها المختلفة مهما كلفها ذلك من ثمن. وحينما شاهد العدو تلك الحشود “بُهت الذي كفر”. العبرة هذه المرة ليست في غزة واحتضانها لحركة “حماس”، فالبعض يرى أن شعبيتها تراجعت بفعل ممارستها السياسية في الحكم، لكن الأيام الثمانية التي صب من خلالها العدو جام غضبه على غزة للضغط عليها في سبيل لفظ “حماس” رجعت عليه بالعكس، فزادت من شعبية الحركة، وأبقتها سابقة كثيرا لفصائل العمل الوطني المختلفة. إن الرهان الآخر للعدو الصهيوني كان هذه المرة على الضفة المحتلة للتعرف على شعبية حركة “حماس”، وهو رهان جاء بعد أعوام من التنسيق والتعاون الأمني بين أجهزة جيش العدو والأجهزة الأمنية الفلسطينية. هو تنسيق لم يذكر التاريخ أنه مر عليه تنسيق مثله بين محتل للأرض والأمن الذي من المفترض أنه يدافع عن شعبه، وبموجب هذا التنسيق لوحقت المقاومة وكُسرت شوكتها، واعتقل العدو القادة الدعويين والعسكريين وغيرهم، وبموجبه أيضا أُغلقت المؤسسات وصودرت الممتلكات وانتهكت الحرمات، ولا فرق هنا بين ما قام به الاحتلال الصهيوني أو أجهزة أمن الضفة المحتلة، فالمعتقل الذي يُفرج عنه الاحتلال كانت تستقبله الأجهزة الأمنية الفلسطينية لتكون مكافأته إدخاله في سجونها للشهور والأيام المختلفة، وذات الأسئلة التي كان يخضع لها المواطن الفلسطيني لدى الاحتلال كان يجدها لدى نظيره الفلسطيني. المهم أن الاحتفال بانطلاقة “حماس” في الضفة الغربية المحتلة وبعد هذه السنوات من صنوف عذاب لا يتسع المجال لذكرها، هو ما دفع وسائل الإعلام المختلفة للتركيز في تغطيتها على تلك المسيرات التي ستخرج لأول مرة منذ سنوات، وهدف بعضها التعرف على حجم “حماس” بعد هذه السنوات في صفوف المواطنين الفلسطينيين بالضفة. حقيقة كنت أُدرك مسبقا أن الضفة فيها الخير الكثير الذي حتما ستظهر بوادره، لكني لم أدرِ من أين سيظهر، ومتى؟ وجاءت المسيرات التي عجت بها شوارع الضفة وأراحت صدري كثيرا، بعدما انتابني القلق كثيرا على مستقبل فلسطين بعد أن تاهت بوصلتها لسنوات في الضفة المحتلة بفعل التنسيق الأمني مع الاحتلال. إن نظرة التفاؤل كبيرة في عقلي ووجداني على القضية الفلسطينية، وإن كنت أشعر بحزن شديد بين الفينة والأخرى لنجاح تحرك جديد ناتج عن التنسيق الأمني في الضفة لصالح الاحتلال، غير أن تفائلي لم يكن يصل لهذه الدرجة التي جعلتني أرى تلك الجموع الثائرة التي انطلقت في شوارع الضفة احتفالا بيوم ميلاد “حماس”. الجموع التي خرجت حملت بأيديها مجسمات لصواريخ الفجر والمقادمة والقسام وغيرها في إشارة واضحة للفخر الذي تبديه الجموع الفلسطينية للمقاومة وخياراتها. خلال احتفال الجماهير بانطلاقة “حماس” في الضفة المحتلة، شارك مراسل القناة العبرية الثانية لتغطية الاحتفالات ومعرفة مستقبل “حماس” بعد سنوات عجاف. قابل المراسل الرجل والشاب، المرأة والطفل وغيرهم، تنقل بين مسيرات نابلس والخليل ورام الله وقلقيليا وغيرها، وبعد ساعات أمضاها، قابل المراسل عددا من المشاركين في المسيرات وتعرف على وجهة نظرهم بشأن الأوضاع السياسية الفلسطينية المختلفة، أو بالأحرى سألهم من يؤيديون: الخيار الذي يتبناه “عباس” وفريقه، أو ذلك الذي تتبناه “حماس” منذ تأسيسها؟، وبعد مقابلات من هنا وهناك خرج ليقول عن الجيل الفلسطيني القادم، ويقصد الأطفال بالطبع الذي اعتلوا بأوشحتهم الخضراء رؤوس الآباء والأمهات: “عندما يصغون لآبائهم يفهمون بأن ثقافة “حماس” لم تمت، ولكنها كانت في غيبوبة”. وأضاف: “إن (إسرائيل) هي حقيقة مؤقتة ولا يمكن الحديث عن السلام هنا”. باختصار، أثبتت مسيرات “حماس” وبهذا الحجم من المشاركة والتأييد أن كل الذي أنفقه العدو الصهيوني وأعوانه في الأراضي الفلسطينية من مليارات الأموال ذهب أدراج الرياح، وكأنه لم يكن، فالضفة هذه الأيام برميل وقود بانتظار شرارة الانفجار، وهو انفجار لن يكون كما في الماضي، خاصة وأن المواطن الفلسطيني إستراتيجيته واضحة للمستقبل ويعلمها للأبناء والأحفاد، وهي تتلخص في أن فلسطين أرض لشعب واحد ولا تتسع للآخرين وعلى الدخلاء على أرضها العودة إلى ديارهم التي أتوا منها.