ما تزال السلطة في رام الله، تلعب دورا رئيسيا، في حصار قطاع غزة والتضييق على سكانه، يوازي دور الاحتلال ويتفوق عليه في بعض الأحيان.
فمع الانتصارات التي تحققها المقاومة في غزة، وآخرها "حد السيف"، وبدء رضوخ الاحتلال لشروط "حماس"، وتنفيذ كافة ما طلبته فيما يتعلق بتسهيلات لقطاع غزة، تظهر السلطة في رام الله لتلعب دور المانع لدخول التسهيلات لقطاع غزة.
فقد أكدت مصادر لصحيفة "الأخبار" اللبنانية، أن إشكاليات لا تزال تعترض إدخال المنحة القطرية إلى غزة، على رغم التوصّل إلى آلية جديدة لتوزيعها.
ووفق الصحيفة اللبنانية، فإن السلطة ترفض تحويل مبالغ المنحة عبر البنوك الفلسطينية التابعة لها في القطاع، تمهيداً لاستلامها من قِبَل اللجنة القطرية، وإيداعها في "بنك البريد" الذي كانت تُصرف من خلاله الأموال سابقاً.
وبحسب المصادر، فقد رفضت السلطة، خلال المباحثات التي جرت خلال اليومين الماضيين بينها وبين حركة "حماس" والمصريين والقطريين، إدخال المنحة المخصّصة للفقراء في غزة عبر بنوكها، وطالبت بأن يتمّ صرف الأموال عبرها وبتحكّم كامل من قِبَلها بوُجهة الصرف، مع دفع عمولة للبنوك التي ستصرفها، بالإضافة إلى توفير منحة مماثلة لخزينة رام الله.
وفي ذات السياق، وخلافاً لما حاولت ترويجه عبر وسائل إعلامها، بدأت سلطات الاحتلال، بالفعل، منذ صباح أمس الثلاثاء، إنفاذ التسهيلات الاقتصادية التي أقرّتها لقطاع غزة. لكن المشكلة المستجدّة التي برزت خلال اليومين الماضيين، والتي تُهدّد بإعادة عرقلة المباحثات، هي محاولة السلطة "قرصنة" المحنة القطرية، من بوّابة لزوم مرورها عبر البنوك التابعة لها، وفق الآلية الجديدة التي أُقرّت أخيراً
ففي الوقت الذي نفى فيه مصدر مطّلع في حكومة الاحتلال، لوسائل إعلام عبرية، إقرار تسهيلات اقتصادية لقطاع غزة، أبلغت "اللجنة الرئاسية لتنسيق إدخال البضائع"، شركات القطاع الخاص، قرار الحكومة الإسرائيلية البدء في تنفيذ تلك التسهيلات عبر معبر كرم أبو سالم.
وبحسب بيان اللجنة، فقد سمحت سلطات العدو بتصدير الملابس والأثاث الخشبي والأثاث البلاستيكي إلى الضفة الغربية والداخل المحتلّ.
كما سمحت بدخول مختلف الأصناف الأخرى إلى القطاع، وخاصة البضائع المحتجزة في الموانئ الإسرائيلية، عدا الأجهزة الكهربائية والإسمنت والوقود، في تراجع عن القيود التي فُرضت عقب المعركة الأخيرة، والتي اقتصر عمل المعبر بسببها على إدخال المواد الغذائية ونسبة ضئيلة من الوقود لصالح محطّة توليد الكهرباء والمؤسّسات الدولية.
وأوضحت الصحيفة أنه أمام رفض السلطة للطلب القطري - المصري، عادت دولة الاحتلال إلى التلويح، على لسان عضو "الكابينت" وزير ما يسمى بالأمن الداخلي عومر بارليف، بأنها "لن تُمرّر الأموال القطرية إلى غزة على شكل حقائب دولارات لتصل بالنهاية إلى حماس"، وأن المطروح حالياً إدخالها عبر الأمم المتحدة كقسائم شرائية، وهو ما رفضته "حماس" بشكل قطعي خلال لقائها السفير القطري، محمد العمادي، في غزة أوّل من أمس، مطالِبةً بأن يتمّ تسليم الأموال للفقراء بشكل نقدي كما في السابق، ومؤكدة أن لا مشكلة لديها في طريقة إدخال المبالغ، طالما أنها ستصل نقداً إلى المستحقّين.
كذلك، أبلغت "حماس" القطريين والمصريين أن الوقت ليس في صالح سلطات العدو، وأن منع إدخال المنحة سيعني العودة إلى التصعيد مجدداً، في ظلّ مطالبات فصائلية وشعبية للحركة بالعودة إلى تفعيل الأدوات الخشنة وبقية أدوات "مسيرات العودة" على طول حدود القطاع. وفي ضوء ما تَقدّم، يُجري السفير القطري اتصالات مكثّفة مع حكومة الاحتلال للتوصّل إلى آلية جديدة يمكن من خلالها إدخال الأموال إلى غزة قبل عيد الأضحى، فيما يُجري الوفد الأمني المصري مباحثات مماثلة للتوصّل إلى حلّ للإشكالية نفسها.