للمرة الثانية خلال عام واحد تنفذ الغرفة المشتركة للأذرع العسكرية لفصائل المقاومة الفلسطينية مناوراتها العسكرية التدريبية تحت اسم "الركن الشديد 2" والتي يُشارك فيها نحو اثني عشر جناح مسلح ،حيث تأتي هذه المناورة بعد عام واحد من انطلاق المناورة الأولى في مثل هذا الشهر من العام المنصرم، كما أن مناورة "الركن الشديد 2" تأتي بعد أيام قليلة من مناورة أخرى نفذتها كتائب القسام الجناح المسلح لحركة حماس أطلقت عليها اسم " درع القدس"، كما أن هذه المناورات تأتي بعد أيام من تدريبات عسكرية نفذها جيش الاحتلال على جانب الحدود تُحاكي حدوث طوارئ والنزول للملاجئ
ولا شك أن كل المؤسسات السياسية والعسكرية والأمنية لدى الاحتلال الصهيوني تُراقب عن كثب المناورات العسكرية وإجراء التجارب الصاروخية في قطاع غزة في محاولة لالتقاط الإشارات والرسائل التي تريد إيصالها المقاومة، وبالتأكيد فإن فصائل المقاومة تريد توجيه رسائل مختلفة لعديد من الأطراف سواء على الساحة الفلسطينية أو الخارجية.
أُولى هذه الرسائل التي تريد المقاومة إيصالها هي للاحتلال الصهيوني الذي لا ينفك في إطلاق التهديدات والوعيد بشكل مستمر لشن عدوان جديد على غزة والعودة لسياسة الاغتيالات بحق القيادات الفلسطينية وتحميلها مسؤولية العمليات الأخيرة في الضفة الغربية ، لاسيما لوزير الحرب بني غانتس الذي خرج قبل يومين في تصريحات يقول فيها " أن المعركة الأخيرة في شهر مايو الماضي بغزة أصابت البنية التحتية لقرات حماس والمقاومة العسكرية وهو ما يعمل على حرمانها من ترميم قوتها لسنوات قادمة" إذ تريد المقاومة التأكيد أنها وبعد ستة شهور من انتهاء معركة سيف القدس أنها ما زالت قوية وأنها أتمت جاهزية مقاتليها وأن مخزونها يكفي لصد أي عدوان جديد على القطاع.
ثاني هذه الرسائل هي للجبهة الداخلية في القدس وغزة والضفة الغربية وطمأنة الشعب الفلسطيني أن فصائل المقاومة بعد معركة سيف القدس ما زالت بخير ووحدتها الميدانية بخير وأنها على درجة عالية من التنسيق العسكري والميداني وأنها تستضل تحت مضلة الغرفة المشتركة وتعمل على مدار الساعة في تطوير قدراتها العسكرية واللوجستية من أجل ردع الاحتلال ووقف انتهاكاته في المدينة المقدسة والضفة الغربية فضلاً عن ردعه في التفكير لشن عدوان جديد على القطاع.
الرسالة الثالثة التي تريد المقاومة إيصالها هي وحدة الجغرافية الفلسطينية من خلال التأكيد على أن أي عدوان صهيوني يستهدف المدينة المقدسة والمرابطين في المسجد الأقصى وحي الشيخ جراح أو استمرار الاعتداءات وجرائم الاغتيال بدم بارد في الضفة الغربية سيكون مفجر للأحداث وهو ما أكده الناطق العسكري باسم كتائب القسام قبل ثلاثة شهور حين قال أن ثوار الضفة الغربية ليسوا وحدهم في ميدان المواجهة وأن المقاومة ستكون حاضرة للقيام بواجبها الديني والوطني.
رسالة رابعة تؤكد فيها المقاومة للمجتمع الدولي والإقليمي وتحديداً الجهات التي رعت التفاهمات الأخيرة عقب معركة سيف القدس أن التلكؤ المستمر في تنفيذ التفاهمات لاسيما المتعلقة بوقف كل الإجراءات في المدينة المقدسة وتحديداً حي الشيخ جراح وتلك المتعلقة بالإسراع في عجلة الإعمار وأن التلكؤ سيكون مفجر للأوضاع وعلى الوسطاء استدراك الوقت للضغط على الاحتلال قبل فوات الأوان.
ويمكن القول أن المقاومة استطاعت خلال السنوات الأخيرة وتحديداً عقب معركة سيف القدس أن تتقدم خطوات جيدة ومهمة إلى الأمام من خلال احتضانها لكل الجغرافيا الفلسطينية والتأكيد على أنه سيكون لها كلمتها بالنار في حال الاعتداء على الفلسطينيين في القدس والداخل أو الضفة الغربية أو غزة.