20.28°القدس
20.04°رام الله
22.67°الخليل
22.61°غزة
20.28° القدس
رام الله20.04°
الخليل22.67°
غزة22.61°
الجمعة 26 ابريل 2024
4.76جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.08يورو
3.8دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.76
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.08
دولار أمريكي3.8
أ. إبراهيم أبو سبت

أ. إبراهيم أبو سبت

لماذا جنين؟  ..

تًصدرت مُحافظة جنين في شَمال الضفةِ الغربية المشهد الميداني في السنوات والأشهر الأخيرة مِن خِلال تصاعد العمليات الفدائية البُطولية لاسيما المُسلحة التي نَفذها شُبان من مخيم وقُرى المُحافظة، في تطورٍ لافتْ وجديد للعمل المُقاوم والمُسلح فيها وفي الضفةِ الغربية اجمالاً بعدَ سنواتٍ من حالةِ الهِدوء الحَذر فلماذا جِنين تحديداً؟

لقد اكتسبت "جنين القسام" اسمها مِن فِعلها المُقاوم الذي احتضَن رِجال المُقاومة مُنذ بدايةِ الاحتلال، ومن تاريخِ عَوائلها المُجاهدة التي شَاركتْ منذُ بدايةِ الاحتلال الصهيوني في صُفوفِ الفِدائيين فَقدمت الكثيرْ من شهداءِها في المعاركِ ضد الانتداب البريطاني والعصابات الصهيونية ، هذه المكانةَ تُوجت حين احتَضَنت أحراش يًعبدها الشيخ المُجاهد عز الدين القسام ورفاقه المجاهدين الذي خاضوا بطولات سَجلها التاريخ المُعاصر بمدادِ من نُور في مُواجهةِ الانتداب البريطاني والاحتلال الصهيوني، ولم يَكن مستغرباً أن يُطلق على جِنين لقَب " جنين القسام" وهي التي قَدمت ودَعمتْ وسَاندت ثورة الشيخ القَسام والشَيخ السعدي في جِهادِهما البطولي.

ومع اشْتعالِ انتفاضةِ الأقصى عام 2000م كانت جِنين بمُخيمِها وقُراها حَاضرة وبقوةٍ في فَعاليات الانتفاضة مِن خلالِ العمل الفدائي اللافتْ، لاسيما في مخيمِ جنين الذي خاضَ معركةِ البطولةِ والفِداء وأفشلَ مُخططات شارون ورئيسِ أركانِ جيشهِ شاؤول موفاز في اجتثاث المُقاومة على الرغمِ من الثمنِ الكبير الذي دفعهُ المُخيم من شهداءهِ وجَرحاه وأسرّاه، ففي كلِ مرةٍ ظنً فيها الاحتلال أنهُ أخْمدّ وهْج المُقاومة في جنين كانَت المدينة تُبددُ وهمً أجهزتهِ الأمنِيةِ والاستخباريةْ فتُرسلُ كوكبةً من الاستشهادين في سِلسلةِ عملياتٍ فدائيةْ في قلبِ الأرضِ المُحتلة.

لقد بذّلَ الكيَان الصُهيوني مع مطلعِ عام 2006م وما تَلاه جُهوداً أمنية وعسْكرية كَبيرة وبمُساندةٍِ مِن الأجهزةِ الأمنية الفلسطينية من خلال التنسيقِ الأمني في مُحاولة تحْجِيمِ العمَل المُقاوم وتَجفيفِ منَابع المنَظماتِ الفلسطينية المُقاومة خاصةْ حركتي حَماس والجِهاد الإسلامي، وقد أثر ذَلك بشكلٍ كبير في العمل المقاوم المُنظم نتيجة لسياسةٍ البابِ الدوّار الذي انتهجتهُ " إسرائيل" والسلطةِ الفلسطينية في محاولةٍ لترويضِ الأسدِ الثَائر وفرضِ حالةِ الهُدوء في الضفةِ الغربية بهدفِ إنعاش مَسار التَسويةِ السِياسية والمُفاوضات العبثِية بين السلطةِ والاحتلالْ، غيرَ أنّ هذا الهُدوء لم يدُمْ طَويلاً حِين انتفضت جِنين وقررتْ كسرِ القواعد التي حاول الاحتلال فرضِها فواصلت طُقوسها المُعتادة في المقاومة المسلحة مما أربكَ الاحتلال الذي باتَ يَرى في جنين كابوساً يُطاردهُ ليلاً ونهاراً.

لماذا جنين؟ لأنها النُواةِ الصَلبة للمقاومة فهي التي استأنفتْ قِتالها من حيث أرادَ لها الاحتلال أن تَتوقف ، بل وأشد فانطلقَ من أزقتِها خلال الفترة الأخيرة ثُلة من الفِدائيين نفذوا سِلسلة عمليات نوعية في الأرضِ المحتلة كان أبرزهم الشهيد البطل ضياء حَمارشة الذي نفذ عملية " تل أبيب" البطولية والتي أسفرت عن مقتلِ خمسة صهاينة وإصابةِ آخرين وعملية شارع "ديزنغوف" التي نفذها الفِاائي رعد خازم ومروراًٍ بسلسةِ عمليات إطلاق نار على المغتصباتِ ونقاط التفتيشِ الصهيونية في شمالِ الضفة الغربية وصولاً لعمليةِ " العاد " والتي نفذها الأسيرين البطلين أسعد الرفاعي وصبحي صبيحات من قرى جنين والتي أسفرت عن مقتل ثلاثةِ صهاينة وإصابة آخرين فضلاً عن ثلة من مقاتلي المخيم الذي تصدوا لمحاولات الاحتلال اقتحام المخيم.

لماذا جنين؟ لأنها عُش الدبابير الذي تخْشاهُ "إسرائيل" فهي المدينَة التي لا تخْضع وهي التي أرًقت قادةِ الاحتلال ومنظومةِ التنسيق الأمني وذكّرتهُ أن المقاومةّ جذوة مُستمرة وأن محاولاتهم لترويضِ الجيل الجديد بالمشاريعِ الاقتصادية ووهم التعايش لن يُكتب لها النجاح، وأن أكثر ما يخشاه هؤلاء أن تصبح هذه المدينة نموذجاً لباقي مدن الضفة الغربية وهو ما يعني فشل مشاريع دايتون وما تلاهً في تكوين الفلسطيني الجديد الذي ينسى ثوابتهُ وأولوياتهُ الوطنية.

لماذا جنين؟ لأنها تملكُ جيلاَ شاباً تَربى على ذِكرياتِ معركة مخيم جنين الأسطورية 2002م، وبطولات أبو الهيجا وطوالبة وأبو جندل وغيرهم من قادة المخيم، فلا تَجدهم يُؤمنون بمشاريعِ التسوية، وقرروا الرد على تلك المشاريع ووهمِ المفاوضات العبثية بالمقاومةِ المسلحة لا بالحجارة والهُتافات فانبّرى شبابها للدفاعِ عن مدينتهم ومخيمهم بما يمْلكُون من عتادِ عسكري متواضع لمواجهةِ الاحتلال فقدموا خيرة شهدائهم على أطراف ومداخل المخيم.

لماذا جنين؟ لأنها قدمت صورة مُشرقة للوحدةِ الوطنية لكلِ فصائل المقاومة في الميدان حين خرجت مجموعات عسكرية مقاتلة من كافةِ الأجنحة العسكرية للمقاومة في تأبين شهداء المخيم مؤخراً في مشهد لم يعتاد الاحتلال ولا أجهزة أمن السلطة على رؤيته منذ سنوات وهو ما يُعتبر تطور لافتْ في عملِ المقاومة في الضفة الغربية وفي نفس الوقت تحدي قوي للمؤسسة الأمنية لدى الاحتلال ومنظومة التنسيق الأمني.

هذه الروحْ الثائرة لجنين وأبطالها لم تكن غائبة عن صَانع القرار في قيادةِ المقاومة في قطاع غزة والتي رأت في ثورة جنين المتصاعدة والمُلتهبة انبعاث جديد لروحِ العمل الفدائي في الضفة الغربية، ولذا لم يكن مُستغرباً وعدُ قيادةِ القسام في سبتمبر 2021م وعلى لسانِ المتحدث باسمها أبو عبيدة لجنين حين صرًح بأن أبطالَ المدينة الستة الذين كسروا قيدهم من سجن جلبوع وأُعيدَ اعتقالهم سيكونون على قائمة صَفقةِ التبادُل القادمة وأنّ مُخيمها لن يكون وحدّهُ في ميدانِ المواجهة إذا ما قرر الاحتلال الاعتداء عليه في إشارة قوية لتلاحم ساحات المقاومة.

لماذا جنين؟ لأنها الحَقيقة التي بَددّت وَهمْ وزيفِ التسويَة، ولأنّها النُور الذي أشْرقَ بعد سَنوات العَتمة ولأنها المَدينة التي لا يَنامُ مُرابِطوها عَنْ ثًغورِها...

المصدر / المصدر: فلسطين الآن