22.78°القدس
22.37°رام الله
21.64°الخليل
24.99°غزة
22.78° القدس
رام الله22.37°
الخليل21.64°
غزة24.99°
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.77

خبر: في المقاومة.. إرادة التغيير

إن التغيير المنشود لإصلاح حال الأمة العربية والإسلامية، وينشده الشعب الفلسطيني، ليس مجرد شعارات، وكلمات جوفاء، بل هو فعلٌ يتحقق على الأرض، تنقلب فيه حال الأمة من السيئ إلى الحسن، ومن الضعف إلى القوة، ومن الذيلية إلى الصدارة. وهذا فعلٌ لا يتحقق بالأمنيات، ولا حتى بالدعاء، لأن الله تعالى كلفنا بالعمل وبالإعداد وبالأخذ بالأسباب. ولن يُصلح الدعاء ما أفسدته الخطوات والإجراءات التي انحرفت عن إرادة التغيير. في فلسطين صراع إرادات تقوده تيارات فكرية مختلفة، وقوى مجتمعية متنافسة إلى حد الصراع. وتبرز حركة المقاومة الإسلامية حماس كأحد أكبر وأهم قوى التغيير في المجتمع الفلسطيني. فهل حققت حماس التغيير الذي تنشده؟. لقد سعت حماس ومعظم التيارات الإسلامية لإقامة شرع الله ومن ثم الخلافة الإسلامية. فهل الجهد المبذول يسير في هذا الاتجاه؟ وبأي سرعة يسير؟ ومع إدراكنا بأن معيقات كثيرة وجسيمة وُضعت في طريق حماس لإفشال قدرتها على التغيير الذي تنشده، إلا أن هذه المعيقات لا تكفي لالتماس العذر وتبرير التأخر في تحقيق التغيير. فإن التغيير لا يتحقق دفعة واحدة بمجرد فوز حماس بالانتخابات التشريعية مثلاً. ولا يحاسب أحد حماس على عدم تطبيقها الشريعة الإسلامية حتى الآن رغم أنها تمسك بزمام السلطة في قطاع غزة، وإنما يكون الحساب على الأسس التي أرستها حماس في المجتمع الفلسطيني الخاضع لسلطتها، فهل وضعت حماس أسس التغيير؟ وهل قطعت في سبيله خطوات تأسيسية يصلح البناء عليها؟ إن أحد أهم أدوات التغيير هو الموارد البشرية. ورغم أنها هي مقصد التغيير والمستهدفة به، إلى أنها هي أداته الرئيسة. وتنمية الموارد البشرية تبدأ بالتعليم والتربية، وهذه من أسس العمل التنظيمي لدى حماس. إلا إن حماس لم تجرِ تغييراً يُذكر على مناهج التعليم، وهي مسئولة عن هذا التقصير بعد انفرادها في السلطة منذ ست سنوات. من السهل التذرع بعشرات الأسباب المعيقة. وهنا تبرز إرادة التغيير. لأن إرادة التغيير تتحدى كل الظروف وتنتصر في النهاية في فرض شروطها. ولذلك فإن إرادة التغيير في التربية والتعليم في قطاع غزة بحاجة إلى تتجسد من خلال خطوات واضحة تضع أسس التغيير المنشود. فالتعليم المدرسي مدخل أساسي لإحداث كثير من التغيير المنشود، ولا بد من وضع تصور لتحديد شكل وحجم ومحتوى وأداة ومدة تنفيذ التغيير ووضع خطة لتنفيذ هذا التصور. ولنا مثال في وكالة الغوث الدولية (الأونروا) التي فرضت من تلقاء نفسها مقرراً دراسياً إثرائياً دون إذن من الحكومة المضيفة، هو مقرر حقوق الإنسان للصفوف الابتدائية والإعدادية. وجاء هذا المقرر ثمرة لتصور واضح مبني على هدف محدد هو نشر ثقافة السلام في المجتمع الفلسطيني وبين لاجئيه كخطوة أولى على طريق تعايش الشعب الفلسطيني مع عدوه الذي طرده من أرضه. وأخذ هذا التصور شكل كتاب مقرر لكل مستوى دراسي، ومُنح حظاً وافراً من الحصص الأسبوعية ومن أساتذة أكفاء وميزانيات وجوائز ورحلات. فهل سعت وزارة التعليم في حكومة حماس لوضع تصورها المقاوِم موضع التربية والتعليم والتطبيق؟ إرادة التغيير تستوجب إيجاد الأسس الكفيلة بتحقيق رؤية حماس في الحكم الرشيد المتمسك بالمقاومة وبالثوابت الوطنية، والهادف إلى تحقيق العدالة والتنمية. فكيف يكون التغيير في واقع الكهرباء في غزة. حيث عطلت هذه المشكلة المجتمع الغزي برمته وسرقت منه ثلث وقته. وكيف يكون التغيير في تدوير النفايات الصلبة، وتنمية الثروة السمكية والحيوانية والزراعية، وتحقيق الاكتفاء الذاتي قبل التفكير بتصدير بعض المنتجات إلى الخارج. وكيف يكون التغيير في تطوير أوضاع التعليم الجامعي والمهني. وكيف يكون التغيير في العلاقات الدولية. من الواضح أن إرادة التغيير على الساحة الدولية لم تحظ بالقدر المناسب من الجهد لتحقيق التغيير المنشود. ومن الضروري الإقرار بأن الحصار الدولي المفروض على حماس أعاق حراكها الدولي والدبلوماسي كثيراً. لكن خطاب حماس ظل محافظاً على شرعية التمثيل التي بقيت في يد منظمة التحرير وسفرائها وممثليها في العالم. وقد ظلت حماس أسيرة رؤية قديمة تقضي بضرورة الدخول إلى منظمة التحرير من أجل إصلاحها والنهوض بها. وقد أدى عدم مزاحمة حماس لمنظمة التحرير في التمثيل الخارجي إلى الإبقاء على نفوذ المنظمة واستمرار التعاطي الدولي معها حيث لا يوجد منافس. ويحدث هذا في الوقت الذي تحقق فيه حماس انتصارات تاريخية على العدو اليهودي في فلسطين بصورة غير مسبوقة، بينما تقف منظمة التحرير في أحسن الأحوال موقف المتفرج على المعارك الدائرة في قطاع غزة وعلى حدوده، وتعجز عن تقديم يد العون لأي فلسطيني في أي مكان. إرادة التغيير بحاجة إلى مال حر وتمويل غير مشروط. وغالباً ما يتلقى الفلسطينيون مساعدات خارجية تترك أثرها على مواقفهم الأيدلوجية والسياسية. ولذلك فإن توفر إرادة للتغيير يتطلب السعي الحثيث لامتلاك المال القادر على إحداث التغيير بعيداً عن الهيمنة والتأثير الخارجي. فمثلاً: كان من الممكن تجريد حملة دولية مركّزة لمدة شهرين أو ثلاثة يتم خلالها جمع مليار دولار أمريكي يتم توظيفها في استثمارات إستراتيجية في بعض دول العالم في المجال الزراعي والتجاري والسياحي والصناعي، ومن ثم يتم الإنفاق على الاحتياجات الفلسطينية الرسمية والشعبية من ريعه بدلاً من الوقوع تحت تأثير القوى المانحة. إن القاسم لمشترك الذي يمكن التوصل إليه بعد ست سنوات من حسم حماس في غزة، أن إرادة التغيير كانت غائبة، بانتظار تحقيق المصالحة الوطنية. وقد أثبت هذا السلوك فشله، ولم يعد مقبولاً الاستمرار على نفس النهج، لأن الإرادة السابقة بحاجة إلى تغيير.