17.65°القدس
17.25°رام الله
15.53°الخليل
19.8°غزة
17.65° القدس
رام الله17.25°
الخليل15.53°
غزة19.8°
الجمعة 26 ابريل 2024
4.76جنيه إسترليني
5.37دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.08يورو
3.8دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.76
دينار أردني5.37
جنيه مصري0.08
يورو4.08
دولار أمريكي3.8
لمى خاطر

لمى خاطر

أصنام تضرُّ ولا تنفع

لعل من أسوأ ما رُزئت به حالتنا الفلسطينية ذلك الانسياق خلف مجموعة من الرمزيات الزائفة، أو التي تبلى بالتقادم، حتى نصل إلى مرحلة تصبح فيها تلك الرمزيات تماثل الأصنام، في انتفاء فاعليتها، وفي هالتها المخاتلة، وفي إقحامها على مجموعة الثوابت الأصيلة، وعدّها مقدّساً رغم انطوائها على الخواء المطلق، إلا من ذلك البريق القديم، الخالي من الأثر والتأثير في الحاضر الراهن.

من تلك الأصنام (منظمة التحرير)، التي فقدت دورها وحضورها وأثرها عملياً منذ أن حلّت السلطة مكانها عام 1994، ولم تستدعَ إلا لتغيير الميثاق الوطني الفلسطيني ليناسب مسار التسوية الجديد وقتها، ثم لجأت قيادة السلطة لهيكل المنظمة وبثت فيه قدراً محدوداً من الحياة، يناسب مقاساتها ومعاييرها بعد إفرازات انتخابات 2006.

والغريب أنه مع معرفة أكثر الفلسطينيين، فصائل وأفرادا، بدوافع استناد قيادة السلطة إلى جدار منظمة التحرير، وكيفية عبثهم بهياكلها الشكلية، وأسباب إضفائهم البريق المصطنع على رمزيتها، إلا أن الاكتراث بهيكل المنظمة ما يزال حاضراً لدى هذه الفصائل، وما زلنا نجد من يعوّل بجدية على إمكانية إصلاحها وإخراجها من دائرة الهيمنة الفتحاوية، وجعلها كياناً ممثلاً لجميع الفلسطينيين.

لا يقول لنا أحد ما هي الفائدة المرجوّة من إصلاح مؤسسة أفسدتها قيادة فتح وأنهت دورها من الواقع الفلسطيني العملي، ثم جيّرت رمزيتها لصالحها، ونجحت في جعلها عنواناً لممارسة الخداع السياسي وابتزاز الخصوم، بينما بقي مضمونها فارغا!

إن الحالة الفلسطينية قد تمايزت في جانبها العملي المقاوم، حتى وصلت إلى غرفة العمليات المشتركة في غزة، وإلى بلورة خطّ مقاوم أصيل وواضح ومنبثق عن توافق الفصائل المقاومة، لكنها في الجانب الشعاراتي والتنظيري ظلت أسيرة نمطيات عبثية تستمرّ في المراهنة على السراب، وفي التعلّق برمزيات جوفاء وشعارات غير قابلة للتحقيق، كإعادة بناء المنظمة والمجلس الوطني على أسس سليمة، وكإمكانية بناء استراتيجية توافقية بين المناهج المتضادة، أو إحداث تقارب بين منهجي التعاون الأمني والمقاومة.

حدث ويحدث كلّ هذا بسبب الاستسلام إلى رمزية الأصنام السياسية في واقعنا، أو التخوّف من نقدها بصوت عالٍ، أو نتيجة التردد في طرح البدائل العملية، رغم أنه لا حاجة عملياً لبديل يماثل فكرة المنظمة، فهي كانت تناسب مرحلة فلسطينية مختلفة بكل تفاصيلها، ومن قال إنها ينبغي أن تظل مناسبة لظروف اليوم وكل تلك المراحل المتتابعة؟ ومن قال إن التمسك بالمطالبة بإصلاحها سيضع القطار الفلسطيني على سكة أسرع للتحرير، أو سيضمن ترتيب البيت الفلسطيني في أحسن الأحوال؟ فيما يغيب عن الأذهان عامل المجتمع الدولي الذي لن يقبل بها كياناً معترفاً به إن أصبحت ممثلة فعلاً لكل أطياف الشعب الفلسطيني، وصار لمنهج المقاومة القدم الأثقل فيها؟

لعل الحاجة الفلسطينية الأهم في الظرف الراهن هي البناء على ما هو كائن وموجود من مسارات وأفكار عملية مجدية، والتخفف من لغة الأمنيات والشعارات التي يتخيلها كثير منا واقعاً قريباً من طول تركيزه عليها، وليست مشكلة أي من فصائل المقاومة أن يكون المستوى السياسي المفروض على الفلسطينيين بمثل هذه الرداءة، ما دامت هذه الفصائل ماضية في مسارها الحيوي المقاوم، إنما المشكلة أن تغترّ هذه الفصائل بالرمزيات الجوفاء وتعتقد أنها تخسر حين تٌستبعد من الحضور في مؤسسات سياسية بالية، مفصلة على مقاس الفاسدين والمفرّطين، والطائفين بالأصنام، التي تضرّ ولا تنفع.

المصدر / المصدر: فلسطين الآن