31.9°القدس
31.44°رام الله
30.53°الخليل
23.33°غزة
31.9° القدس
رام الله31.44°
الخليل30.53°
غزة23.33°
الخميس 25 ابريل 2024
4.71جنيه إسترليني
5.33دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.04يورو
3.78دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.71
دينار أردني5.33
جنيه مصري0.08
يورو4.04
دولار أمريكي3.78
لمى خاطر

لمى خاطر

لماذا انتهى الفلتان في غزة وتعاظم في الضفة؟

حالة الفلتان الأمني في الساحة الفلسطينية ليست جديدة، فقد رافقت نشوء السلطة، وظهور السلاح العلني في أيدي المحسوبين عليها ابتداء، ثم توسّعت لاحقاً حتى صارت تستغرق مفاصل المجتمع، مستفيدة من العصبيات القبلية والمناطقية، فصارت الزعرنة والبلطجة ظاهرة، مع الاستقواء بالسلاح لإدارة الخلافات الاجتماعية، وإن صغرت، أو لتثبيت معادلة قوة في هذه المنطقة أو تلك.

تبدو مدينة الخليل مؤخراً في الضفة الغربية عنوان انفلات السلاح العشائري الأعمى، الذي ضرب حالة الاستقرار في المدينة، مثلما ضرب صورتها الخارجية، رغم أن شلل المسلحين والزعران لا يمثلون المدينة أو يعبّرون عنها، بل تخلق أفعالهم حالة من السخط في أوساط الناس، ورغم أن الفلتان الأمني يطال الضفة الغربية كلها، ويتجلى في حوادث باتت شبه يومية في مناطق عديدة.

لكن الظاهرة تبرز بوضوح في الخليل نتيجة للنزعة العشائرية القوية فيها، ولأن بعض مشاكل الثأر العائلية فيها تستمرّ سنوات طويلة، ولأن فيها مراكز قوة عديدة متصارعة على تثبيت سطوتها، أو (سيادة البلد)، والاحتلال يدعم بعضها ويثبت وجودها، فيما السلطة تدعم عناوين معيّنة بدورها، وتستفيد كما الاحتلال من بقاء المدينة تحت سطوة السلاح المنفلت والمشاكل الداخلية، حتى وإن بدا أن الأجهزة الأمنية عاجزة عن تثبيت الأمن ومحاسبة المتورطين في القتل وتخريب الممتلكات، عقب كل مشكلة عائلية.

في ظل استفادة السلطة عموماً من حالة الفلتان التي تصرف الناس وتشتتهم عن القضايا الأساسية، إلى جانب رعايتها جانباً من حالة الفلتان قديماً وحديثا، لن ينتظر ولا يستقيم أن يُنتظر منها أن توجد حلاً حاسماً لهذه الظاهرة، ولا أن تفككها أو تضعفها، رغم أنها قادرة على ذلك لو أرادت، ولو تعاملت مع الفلتان بمستوى الجدية والجدّ ذاته الذي تبديه في التزامها بمقتضيات التنسيق الأمني وتنفيذها الملاحقات للمقاومين وللنشطاء الوطنيين وأصحاب الرأي في عموم الضفة.

يحيلنا الأمر تلقائياً إلى عقد مقارنة مع الحال في غزة، وهو كان منذ مجيء السلطة وحتى العام 2007 نهبة لفلتان أمني مشابه، بل إن بعض العائلات المتنفذة كانت تراكم سلاحاً ونفوذاً جعلها تقسم غزة إلى مربعات أمنية، وإلى إقامة حواجز تهدد استقرار الناس وأمنهم وحياتهم في أحيان كثيرة، وحين تمكنت حركة حماس في غزة، وضعت حداً جذرياً وشاملاً وحاسماً لظاهرة الفلتان والسلاح المشبوه، وحتى سلاح الاستعراضات الجوفاء، وصار السلاح الوحيد المسموح في غزة  ذاك المقاوم النظيف فقط، إلى جانب سلاح الشرطة والأمن العام، بل تم إنهاء الظواهر الجانبية الناشئة عن وفرة السلاح، كإطلاقه في المناسبات المختلفة.

لم تكن حماس في معالجتها لظاهرة الفلتان تجامل أو تستثني أحدا، بل طال العلاج بعض المحسوبين عليها الذين انتصروا لتنفّذ عائلاتهم على حساب سيطرة القانون والحق، ولم تكن الحركة بحاجة لصناعة جيوب أمنية توظف فيها السلاح المشبوه لأي غرض، لأنها كانت تركز في مسارها الأهم وأولويتها الكبرى، وهي صناعة قاعدة للمقاومة في غزة، تملك سلاحاً لا يحيد عن وجهته، مهما تنوعت ألوان المشكّلين لهذه القاعدة، ولذلك انتظمت كل الفصائل في إطار هذه الرؤية، ولم تحد عنها، رغم امتلاكها السلاح والعتاد.

لأجل هذا انتهت ظاهرة الفلتان في غزة، بعد أن عولجت جذرياً ودون مهادنة، ولأن قيادة غزة وجّهت طاقات الشباب والمسلحين نحو وجهة المقاومة فقط، وظلّت تعاند المحتل وتطوّر وسائل مواجهته، حتى صنعت معادلة ردع في زمن قياسي.

ولأجل نقيض كل ما سبق فقد تعاظم الفلتان الأمني في الضفة، لأن السلطة رعته ابتداءً واستفادت منه، ولأنها مستعدة للتعايش مع أي سلاح سوى المقاوم، ولأن بوصلة مسيرها تائهة، فيما التزاماتها الأمنية تجاه الاحتلال تتقدم أولوياتها، وتهيمن على مجالات تفكيرها ونشاطها.

المصدر / المصدر: فلسطين الآن