يولي الاحتلال الإسرائيلي أهمية استثنائية لسلاح الجو، كونه ينفذ العديد من الهجمات العدوانية على مختلف المناطق الفلسطينية والعربية في المنطقة، وبأقل قدر من الأثمان والتكاليف، رغم أنه في الآونة الأخيرة أخفق في تحقيق جملة من الأهداف الموكلة إليه، ما زاد من حدة الانتقادات الموجه ضده.
ورغم أنه لا توجد اليوم معارك جوية تقريبًا بين الطائرات المقاتلة، لأنه يمكن إسقاط طائرة معادية على مسافات تزيد على مئات الكيلومترات، فإنه لا يزال 60 بالمائة من تدريب الطيارين في سلاح جو جيش الاحتلال يتركز في خوض القتال الجوي، وتنفيذ الهجمات ضد أهداف في غزة أو سوريا أو لبنان، وكيفية التعامل مع الصواريخ المضادة للطائرات التي يتم إطلاقها عليها، وأمام الطائرات المعادية.
الجنرال عميكام نوركين قائد سلاح الجو الإسرائيلي ينهي في نيسان/ أبريل مهمته التي استمرت خمس سنوات، بعد خدمة في سلاح الجو استمرت 34 عاما، كشف في حوار مطول مع القناة 12، أنه "أنشأ علاقات وثيقة مع نظرائه في دول الخليج وروسيا، ولذلك تم تمديد ولايته عاما جديدا لمواجهة التحديات الهائلة التي تواجه القوات الجوية، تخللها تنفيذ العديد من العمليات الجوية المعقدة والبعيدة عن حدود الدولة".
وأضاف أن سلاح الجو "يعتبر الأكثر تعقيدًا وتحديًا وأهمية في إسرائيل، لأنه الذراع الطويلة وشهادة التأمين والعمود الفقري في جيش الاحتلال، وبجانب القوات البرية، فسيكون الطيران جزءًا رئيسيًا من أي حملة عسكرية في الشمال والجنوب، ولعل الهجوم الانتحاري بدون طيار على الإمارات قبل شهر يوضح بشكل جيد للجيش الإسرائيلي أحد التهديدات الرئيسية والمتنامية لإسرائيل، وربما سيسمح لها بالمساهمة كثيرًا، والمساعدة في حماية "حلفائها" الجدد من الشرق، لأن نظامها للرادار يمكنه اكتشاف هذه التهديدات لجيرانها في وقت مبكر، وتحذيرهم، وحتى المساعدة في تدمير التهديد المعادي".
تجدر الإشارة إلى أنه قبل بضعة أسابيع، هبط نوركين في زيارة رسمية للإمارات، وحظي بتكريم لافت من رئاسة الدولة، وزعم حينها أنهم يدركون أهمية سلاح الجو الإسرائيلي، ومتعطشون للتعاون العملياتي والاستخباراتي والتطوير التكنولوجي، في ضوء أن التعاون الإقليمي كبير بين إسرائيل وبعض جيرانها العرب، وهو آخذ في التوسع أيضًا، لا سيما في ظل المطالب المتصاعدة من الإمارات والسعودية لحيازة منظومة القبة الحديدية الإسرائيلية للتصدي للهجمات التي تتعرضان لها من اليمن.
وتؤكد محافل سلاح الجو الإسرائيلي أن الاتفاقيات التطبيعية ساهمت في تعزيز عمل الطيران الإسرائيلي، ويمكن وصفها بأنها شكلت رصيدًا استراتيجيًا، لأنها زادت من التدريبات المشتركة بين إسرائيل وعدد من الدول العربية المطبعة.
في الوقت ذاته، لا يخفي الإسرائيليون التعاون غير المسبوق بين سلاحي الجو الإسرائيلي والأمريكي، خاصة من خلال التدريب والعمليات، أما روسيا فهي شريك لإسرائيل، لكنها مختلفة، لأنها أتت للمنطقة من خلال سوريا كي تبقى، ما دفع إسرائيل إلى إيجاد طرق للعمل معها، دون أن يتدخل أحد مع الآخر، رغم أن هناك من فسّر خطأً الدوريات المشتركة للطائرات السورية والروسية في الجولان مؤخرا، باعتبارها تهديدا لإسرائيل.
ورغم التواجد الجوي الروسي في سوريا، فإن الهجمات العدوانية الإسرائيلية لدى جارتها الشمالية تعمل كالمعتاد، ولم تتعرض حرية عملها الجوي للأذى، أو التهديد من الروس، ربما لأن لديهما مصالح مشتركة تتمثل في تحقيق الاستقرار في سوريا، وإخراج إيران وحزب الله منها، بجانب محاربة داعش، لكن ذلك لا يخفي حقيقة أن سلاح الجو الإسرائيلي يجد نفسه أحيانا في منطقة رمادية وحساسة، باتجاه متى يقرر، ومتى يضغط على دواسة الوقود، ومتى يبطئ، كي لا يدخل في مواجهة مع الروس.
ويعترف الإسرائيليون بأن طريقة عمل سلاح الجو برمتها تتغير الآن في مواجهة أنظمة الكشف والاعتراض الإيراني، ما يتطلب معرفة متعمقة فيها، خشية أن يواجه انتقاما سوريا وإيرانيا فجأة، رغم أن ذلك لم يحدث حتى الآن، بطريقة توقف الطيران الإسرائيلي عن الاستمرار في مهاجمة دمشق، ما يزيد من مكانة القوة الجوية، سواء من أجل مهاجمة أهداف معادية، أو للمراقبة، أو جمع المعلومات الاستخبارية، والاتصال على بعد آلاف الكيلومترات من إسرائيل، بفعل التكنولوجيا المثبتة في هذه الطائرات.