25.52°القدس
25.06°رام الله
25.53°الخليل
25.72°غزة
25.52° القدس
رام الله25.06°
الخليل25.53°
غزة25.72°
الثلاثاء 15 أكتوبر 2024
4.92جنيه إسترليني
5.32دينار أردني
0.08جنيه مصري
4.11يورو
3.77دولار أمريكي
جنيه إسترليني4.92
دينار أردني5.32
جنيه مصري0.08
يورو4.11
دولار أمريكي3.77

خبر: أزمة السلطة المالية بين المد والجزر

تعاني السلطة الفلسطينية من أزمة مالية خانقة لم تشهدها من ذي قبل، إذ إن حجم الديون المستحقة عليها بلغت 2,4 مليار دولار، لذا هي عاجزة اليوم عن الإيفاء بالتزاماتها الحكومية الرسمية لموظفيها ودعم مشاريع التنمية المحلية بصفة عامة. وإذا ما نظرنا إلى أسباب هذا العجز المالي للسلطة نجده بكل بساطة يتمثل في أربعة أمور، وهي: أولا عدم تقديم الكيان الإسرائيلي عوائد الضرائب لها، وثانيا تجميد الولايات المتحدة الأمريكية المساعدات المالية السنوية المخصصة لها، وثالثا عدم إيفاء شبكة الأمان العربية بوعودها المالية لها، ورابعا وهو الأهم عدم قرائنها الصحيحة لمستقبلها الاقتصادي, وضع عزيزي القارئ خطا أحمر تحت الأخيرة. إن الكيان الإسرائيلي والولايات المتحدة الأمريكية لا تريدان الاستقلالية الاقتصادية للسلطة، وقد تبين ذلك في موقفيهما المعارض لمنح السلطة دولة مراقب في الأمم المتحدة، كي تبقى السلطة معلقة من رقبتها ومكبلة اليدين والرجلين ومعصومة العينين وصماء الأذنين وراكعة لاتفاقية باريس الاقتصادية الموقعة بينها وبين الكيان والتي تعني ارتباط اقتصاد السلطة ارتباطا أبديا باقتصاد الكيان، وهذا هو الإجحاف والظلم بعينه، الذي لم يتنبأ به للأسف موقعو الاتفاقية، الذين ربما الآن أخذوا يشعرون بمساوئها. إضافة إلى ذلك يحظر على السلطة الفلسطينية الاستثمار وبناء المشاريع على أراضيها، وذلك لمنعها من التطور الذي يشكل تمردا من وجهة نظر هاتين الدولتين، الأمر الذي يجعل السلطة قائمة على المعونات الخارجية فقط وإذا ما انقطعت تلك المعونات تنهار السلطة، وهذه هي أكبر مصائب اتفاقية باريس، التي تجعل مفتاح السلطة بيد الكيان والولايات المتحدة، يتحكمون فيها كيفما يشاؤون، والمعادلة أصبحت واضحة، فهم الذين اوجدوا السلطة وبيدهم أيضا حلها. وبالنسبة لميزانية السلطة فإن نحو نصف ميزانيتها تنفق على الأجهزة الأمنية بالضفة بالإضافة إلى بعض الأموال التي تأتيها من أمريكا والسعودية، في حين أن وزارة الزراعة لا ينفق عليها سوى 2% من الميزانية، مثلا كانت إيرادات السلطة للعام الماضي2011 أكثر من نفقاتها، في حين أن النفقات الباهظة التي تدفعها السلطة لكبار موظفيها هي السبب في أزمتها وليس كما يدعي فياض بأن غزة سبب لأزمتها المالية، بأن ما ينفق على غزة يصل إلى حوالي 45 % من الموازنة العامة، وهذا يتنافى مع الواقع، إذ إن إيرادات السلطة التي تجنيها من غزة تصل إلى حوالي 1.7 مليار دولار، أي ما يساوي الثلث تقريباً. فالسلطة تجبي ضريبة القيمة المضافة على السلع والمواد الغذائية والملابس والسيارات والمحروقات التي تدخل إلى غزة، بالإضافة لضريبة الدخل على رواتب الموظفين، هذا يعني أن مجموع الإيرادات السنوية التي تحصلها السلطة في رام الله على حساب القطاع تصل إلى 5 مليارات دولار سنوياً، حيث إن الإيرادات الشهرية من الجمارك والضرائب وصلت إلى 861 مليون شيقل، أما السنوية منها فقد بلغت نحو 3 مليار دولار، فيما وصلت الإيرادات السنوية من المؤسسات والوزارات إلى 2 مليون دولار. فقد نشر مركز الإحصاء الفلسطيني تقريرا يظهر أن قيمة إيرادات الحكومة العامة في العام 2011 بلغت3,461 مليار دولار، في المقابل، أظهر التقرير أن قيمة نفقات الحكومة العامة بلغت 3,403 مليار دولار خلال العام 2011، منها تقريبا 90% إنفاق الحكومة المركزية، توزعت بشكل رئيسي على تعويضات العاملين (رواتب الموظفين المدنيين والعسكريين) بنسبة 62%، بينما بلغت نسبة الإنفاق على استخدام السلع والخدمات 16,9%، وعلى المنافع الاجتماعية ما نسبته 2, 15%، والنفقات الأخرى 3,2%. خلاصة القول إن السلطة الفلسطينية بطريقة وبأخرى تجعل موظفيها رهن الراتب الذي يتقاضونه شهريا، بربط هذا الراتب، الذي من المفترض أن يكون راتبا محليا، بموازنات الدول الأخرى، بما يقدمونه من إحسان وصدقة أموالهم وربما أموال ربا وأرباح وفوائد بنكية ، لأن السلطة لم تستطع الانتقال إلى مرحلة الاقتصاد المستقل بدلا من اعتمادها على المساعدات الخارجية، وتخلصها من اتفاقية باريس الاقتصادية، وإصلاح الفساد المالي والإداري بوضع رقابة مهنية نزيهة تشرف على متابعة صرف الأموال ووضع الضالعين في الفساد وسرقة أموال الشعب بغض النظر عن مكانتهم ومنصبهم أمام القانون والمحاسبة. وأنا شخصيا اعرف بأن كثيرا من موظفيها يتقاضون راتبين وأكثر من عدة جهات تابعة لها (ويقولون هل من مزيد) ناهيك عن الهبات والجيوب والمحسوبيات والرشاوى، كذلك عليها إعادة تقييم الرواتب المرتفعة، والتخفيف من أعباء إنفاقها على الجوانب العسكرية، التي تستحوذ على ثلثي الموازنة وتعد أعباء إضافية لا فائدة منها في ظل الأزمة المالية الحالية، وعدم إهدار الأموال في مشاريع لا تعد نافعة واستثمارها في دعم المشاريع التنموية والإنتاجية وتحقيق التنمية المستدامة لمعالجة الفقر والبطالة اللتين زادت نسبتهما في الآونة الأخيرة، وإلا ستبقى مرتبطة بالإملاءات وخاضعة للسياسات الخارجية وانتظارها وعودا رمادية من المانحين، وفي هذا تهديد لمستقبلها.