تشهد محادثات الاتفاق النووي بين الغرب وإيران جمودًا لم يكُن متوقّعًا، فبعد تصريحات عديدة من جهات مختلفة مشاركة في المفاوضات عن قرب التوصل لاتفاق، عاد انسداد الأفق ليهيمن على المشهد، بينما برزت مساعٍ أوروبية إلى حل وسط يرضي كل الأطراف.
وأرجع محللون حالة الانسداد الحالية إلى "المطلب الإيراني برفع الحرس الثوري من قوائم الإرهاب"، مؤكدين أنه "العقبة الأكبر حاليًّا خاصة أن واشنطن قد ألغت تلك الفكرة من حساباتها وبينت ذلك بوضوح لطهران".
وتوقفت المحادثات النووية بين إيران والقوى الدولية في 11 مارس الماضي، ولم يتم تحديد موعد لاستئناف المحادثات لإحياء الاتفاق المبرم عام 2015 وانسحبت منه واشنطن بشكل أحادي في 2018، بينما كشفت وسائل إعلام غربية وإيرانية أن إنريكي مورا، منسق الاتحاد الأوروبي في محادثات إعادة إحياء الاتفاق النووي الإيراني، سيزور طهران الثلاثاء، لبحث القضايا المتبقية في محادثات فيينا.
الزيارة استبقتها وزارة الخارجية الإيرانية عبر تشديد إلقاء اللوم على ما وصفتها بالسياسة الخاطئة لواشنطن لممارسة الضغوط القصوى، كما شددت على أن التوصل لاتفاق دائم وعادل يتطلب التعويض عن النهج الخاطئ الماضي تجاه طهران من الإدارة الأميركية.
وبالتوازي، شهدت الأيام الماضية محادثات أميركية إسرائيلية للتحضير لما بعد المحادثات النووية، في إشارة لاستعدادات إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن لكل السيناريوهات.
زيارة الفرصة الأخيرة
المحلل الإيراني أميد شكري، قال لموقع "سكاي نيوز عربية": "لقد ضحت إدارة إبراهيم رئيسي بالاقتصاد الإيراني والوضع الاقتصادي المزري للشعب الإيراني لإزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهابيين".
وأضاف شكري، كبير مستشاري السياسة الخارجية وأمن الطاقة في مركز "تحليلات دول الخليج"، الذي يتخذ من واشنطن مقرا له: "يبدو أن المتشددين لا يريدون التراجع عن قرارهم بإزالة الحرس الثوري الإيراني من قائمة الإرهابيين، وهو ما قد يصعب الموقف، خاصة أن إدارة بايدن رضخت لضغوط الجمهوريين".
واعتبر أن "زيارة كبير المفاوضين الأوروبيين لإيران خطوة إيجابية وبمثابة الفرصة الأخيرة، لكن إصرار إيران على استمرار السياسة الحالية سيؤدي إلى انهيار المحادثات، خاصة أن الوقت ينفد وطهران تسرع العمل في برنامجها النووي".
وأشار إلى أن "هناك حلًّا وسطًا من قبل أوروبا ترفع واشنطن بموجبه الحرس الثوري من قائمة الإرهاب على أن تظل كيانات تابعة له في القائمة"، لافتًا إلى أن إدارة بايدن تريد اتفاقًا لكن لن يشمل العديد من التنازلات في ظل معارضة شرسة من قبل الجمهوريين والبلاد على مقربة من انتخابات التجديد النصفي.
حل وسط
في مقابلة مع صحيفة "فاينانشال تايمز" البريطانية، السبت، قال جوزيف بوريل إنه يبحث عن "حل وسط" لإنقاذ الاتفاق النووي، مشيرًا إلى أن "مصلحة أوروبا" تنصب على إحياء الاتفاق مع إيران.
وأضاف بوريل أنه من أجل الخروج من المأزق الذي أعاق إحياء الاتفاق النووي مع إيران، فإنه يبحث عن "طريق وسط" لحل مشكلة الحرس الثوري.
فيما قالت وزارة الخارجية الأميركية إن الولايات المتحدة تستعد الآن بشكل متساوٍ سواء لسيناريو تتم فيه العودة المتزامنة للامتثال لاتفاق نووي مع إيران أو لآخر لا يكون فيه اتفاق.
وقال المتحدث باسم الوزارة نيد برايس، في وقت سابق: "نظرًا لأن العودة المتبادلة إلى الامتثال لخطة العمل الشاملة المشتركة اقتراح غير مؤكّد إلى حد بعيد، فإننا نستعد لأي من الاحتمالين بشكل متساوٍ".
كانت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي، قد قالت إن البيت الأبيض يشعر بالقلق من أن تطور إيران سلاحًا نوويًّا في غضون أسابيع.
وأضافت ساكي: "نعم هذا يقلقنا بالتأكيد"، مشيرة إلى أن الوقت الذي تحتاج إليه إيران لإنتاج سلاح نووي يقلّ منذ نحو عام.
وقبل أكثر من عام، بدأت إيران والقوى المنضوية في اتفاق العام 2015 (فرنسا وبريطانيا وألمانيا وروسيا والصين)، مباحثات في فيينا شاركت فيها بشكل غير مباشرٍ الولايات المتحدة التي انسحبت من الاتفاق عام 2018 في عهد رئيسها السابق دونالد ترامب.
وتهدف المفاوضات التي تجري بتنسيق من الاتحاد الأوروبي، إلى إعادة واشنطن إلى متن الاتفاق، ورفع عقوبات فرضتها على طهران بعد انسحابها، مقابل امتثال الأخيرة مجددًا بالتزاماتها التي تراجعت عنها بعد الخطوة الأميركية.
ووفق الوكالة الرسمية الإيرانية "إيرنا"، فإن طهران أعلنت ثلاثة شروط لإحياء الاتفاق النووي مع الغرب، بما في ذلك إزالة الحرس الثوري من القائمة الأميركية للمنظمات الإرهابية، والتزام واشنطن بعدم الانسحاب من الاتفاق النووي مرة أخرى، ورفع جميع العقوبات كشرط لوضع اللمسات الأخيرة على الاتفاق.