زعمت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أن وفدا رفيع المستوى من ليبيريا زار دولة الاحتلال، أعلن عن افتتاح مكتب تجاري في القدس المحتلة، وسيكون مستقبلا بمثابة قاعدة لسفارة الدولة الواقعة في غرب أفريقيا، ما دفع نائب وزير الخارجية في حكومة الاحتلال إيدان رول لوصفها بأنها "صديق حقيقي وداعم مخلص لإسرائيل".
جاء هذا الإعلان خلال زيارة وزارية ليبيرية برئاسة رئيس الوزراء ناثانيال ماكغيل، ووزراء الاقتصاد والتجارة والصناعة والمعلومات والزراعة، التقوا برئيس دولة الاحتلال يتسحاق هرتسوغ، ونائب وزير الخارجية إيدان رول، وعقدوا اجتماعات في وزارة الحرب والهيئات الإسرائيلية الأخرى.
إيتمار آيخنر المراسل السياسي للصحيفة العبرية ذكر أن "ليبيريا دولة صغيرة يبلغ عدد سكانها خمسة ملايين نسمة، لكنها بالنسبة لإسرائيل دولة مهمة في هذه القارة متعددة الأطراف، وتقف في السنوات الأخيرة بانتظام بجانب إسرائيل عند التصويت في الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، وأعلن الوفد أنه في غضون أسابيع قليلة سينتهون من تقديم طلب الحصول على موقع في القدس المحتلة، ما يعتبر قرارا نهائيا لهم، ويتقدمون فيه بأقصى سرعة".
وأضاف أن "ليبيريا تطلب من إسرائيل المساعدة في العديد من القضايا، بما في ذلك الزراعة والجفاف والسياحة، وفي وقت سابق، التقى الوفد أيضًا بممثلي غرفة التجارة الإسرائيلية الأفريقية لإقامة علاقات تعاون وفتح غرفة تجارة في إسرائيل".
ليس سراً أن دولة الاحتلال تبذل جهودا حثيثة في السنوات الأخيرة لاختراق القارة الأفريقية من خلال مشاريعها الاقتصادية، فضلا عن التنسيق الأمني مع دولها، وإمداد حكامها بالأسلحة والوسائل القتالية، ما يجعلها محط أنظار هذه الدول، لا سيما تلك التي لا تعيش أوضاعا ديمقراطية، بل تتسم أنظمتها بالشمولية والدكتاتورية، حيث ترتبط دولة الاحتلال منذ عقود طويلة بالحكام الأفارقة الذين ارتكبوا مذابح ضد شعوبهم.
في الوقت ذاته، تسعى دولة الاحتلال لتوثيق علاقاتها الأفريقية لمنافسة دول أخرى في المنطقة باتت ترى في القارة محل طموحات سياسية واقتصادية لافتة، لا سيما إيران وتركيا والصين، ما يجعل منها ساحة جديدة للتنافس بينها، ورغبة واضحة من دولة الاحتلال في مدّ موطئ أقدامها الى هذه المناطق النائية عن حدودها.
وفي وقت سابق من الأسبوع الماضي، أعلن ألبرت رامادين وزير خارجية سورينام خلال زيارته لدولة الاحتلال، ولقائه بنظيره الإسرائيلي يائير لابيد، عن عزمه على فتح سفارة لبلاده في القدس المحتلة نهاية العام الجاري، بزعم أن العلاقات مع إسرائيل مهمة جدًا بالنسبة لهم، يرون إمكانات كبيرة للتعاون معها.
صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ذكرت أن "رامادين الذي وصل برفقة السفير الإسرائيلي لدى بنما إيتاي بار-دوف، المسؤول أيضًا عن العلاقات مع سورينام، أعلن أنها أول زيارة له لإسرائيل، ولدينا جالية يهودية في سورينام من القرن السابع عشر، ولدينا كنيس كبير، وسنبدأ العمل على فتح السفارة، لدينا سفير غير مقيم في إسرائيل، وسنتم الإجراءات المطلوبة لإرساله هنا، لدينا مصلحة قوية في تطوير العلاقات مع إسرائيل".
وأضاف أن "هناك آفاقا للعلاقات الدبلوماسية بيننا وبين إسرائيل، ونحن نجري مشاورات حول القضايا ذات الأهمية العالمية والثنائية، يمكننا تطوير طريقة للحديث عن التعاون في مجالات الصحة والزراعة والبيئة، وقضايا الأمن الغذائي والمائي، والمشاريع التجارية، فيما عرض لابيد عليه إرسال مساعدات لبلاده عقب الفيضانات الشديدة التي ضربتها منذ شهر، وأعلن لابيد أن سورينام قد تفتح لنا آفاقا مع الدول المجاورة لها، حيث تم اكتشاف رواسب الغاز والنفط فيها مؤخرًا".
وتعتبر سورينام دولة صغيرة تقع في شمال أمريكا الجنوبية، ولديها 18 بعثة دبلوماسية فقط في العالم، ما يجعل قرارها فتح سفارة في دولة الاحتلال مفاجئا ولافتا. ولغتها الرسمية الهولندية، لأنها سميت في الماضي مستعمرة "غيانا الهولندية"، وفي 1975 حصلت على الاستقلال، وفيها أقلية مسلمة تشكل 20%، وجالية يهودية صغيرة من 200 شخص، ويعتمد اقتصادها بشكل كبير على التجارة. وشركاؤها الرئيسيون هم هولندا والولايات المتحدة وكندا ودول من منطقة البحر الكاريبي، ويعمل ربع السكان في قطاع الزراعة.
رغم ابتعاد سورينام عشرات آلاف الكيلومترات عن دولة الاحتلال، وصغر حجمها، ومحدودية مواردها، لكن الأخيرة تبدو معنية بتطوير علاقاتها الدبلوماسية في السنوات الأخيرة لاعتبارات تخص التصويت الأممي في المؤسسات الدولية، لا سيما الجمعية العامة للأمم المتحدة، وباقي المجالس والهيئات التابعة للمنظمة الدولية، حيث باتت تشهد مؤخرا انتكاسات دبلوماسية متلاحقة، بسبب نجاح الفلسطينيين في تحصيل تأييد عالمي، مقابل خسارات إسرائيلية متلاحقة.
هذا الهدف يبدو مفضلا لدى دولة الاحتلال في بحثها عن تطوير علاقاتها مع الدول النائية، ذات الموارد المحدودة، فضلا عن هدف آخر يتمثل في تعزيز المكاتب التمثيلية، وهي السفارات المستقبلية، لأكبر عدد من دول العالم في القدس المحتلة، من باب تثبيت الأمر الواقع، وترسيخ القرار الظالم الذي اتخذه الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب حين نقل سفارة بلاده إلى المدينة المقدسة في 2018، وبدأت الدول التي تدور في الفلك الأمريكي تتبع النهج ذاته، حيث تستغل إسرائيل حاجتها المادية والاقتصادية لابتزازها في نقل سفاراتها إلى هناك.