تعمل وزارة التنمية الاجتماعية على تقديم مساعداتها وخدماتها للأسر الفقيرة والفئات المهمشة مثل الأطفال في ظروف صعبة، النساء، الأشخاص ذوي الإعاقة، وكبار السن، حيث يتم توجيه المساعدات والخدمات تجاه هذه الفئات وفق معايير استحقاق لحصول هذه الفئات على الخدمة أو المساعدة المناسبة.
وللإجابة على سؤال المقال سنقوم بالحديث عن التطور التاريخي لمعايير الاستحقاق وتحديد الأسر أو الأفراد الأكثر احتياجاً، فمنذ السبـعينات وحتى العام 2010 كانت المساعدة أو الخدمة ترتكز على الأفراد من الفئات المهمشة اجتماعياً، مثل الأسر التي ترأسها امرأة، والأرامل والمطلقات، والأيتام، والمسنين، الأشخاص ذوي الاعاقة، أو الذين يعانون من مرض مزمن، وقد بلغ عدد المستفيدين من البرنامج في العام 2006 حوالي 50 ألف(26 ألف في قطاع غزة، 24 ألف في الضفة الغربية)، يتلقى الفرد مبلغ يتراوح بين 40-600 شيكل شهرياً حسب طبيعة الحالة وفق كادر المساعدات المعد لذلك، وتمول المبالغ من موازنة السلطة الوطنية الفلسطينية، إضافة إلى حزمة من الخدمات الأخرى مثل المساعدة التموينية، التأمين الصحي المجاني، الإعفاء من الرسوم المدرسية......، إلى جانب الخدمات المتعلقة بالفئات المهمشة وبرامج الرعاية والحماية والدعم النفسي والإجتماعي التي يتم تقديمها لهم.
وفي العام 2010 انتقلت الوزارة إلى منهجية الفقر الأسري كمعيار للحصول على خدمات الوزارة وفق معادلة فحص مستويات المعيشة PMTF، والتي تعتمد على مسح انفاق واستهلاك الأسرة الذي يجريه الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني بشكل دوري في الأراضي الفلسطينية، ومن خلال مجموعة من المتغيرات يتم تحديد فقر الأسرة النقدي، واستمر تقديم نفس حزمة المساعدات، غير أن المساعدة النقدية المقدمة للأسرة تراوحت بين 250 شيكل و600 شيكل شهرياً، يتم تقديمها للأسر بشكل ربعي عبر حسابات بينكية، ويتم تمويل المساعدة من موازنة السلطة الوطنية الفلسطينية والدعم المقدم من الإتحاد الأوربي، إضافة إلى الدعم الفني والتقني المقدم من البنك الدولي، ووفق آخر الأرقام بلغ عدد الأسر المستفيدة من هذا البرنامج حوالي 115 ألف أسرة (35 ألف أسرة في الضفة الغربية- و80 ألف أسرة في قطاع غزة).
أما المرحلة الثالثة نعيشها حالياً من خلال إطلاق منهجية الفقر متعدد الأبعاد، والذي يستند على سبع أبعاد يمثل وزن محدد الفقر النقدي منها حوالي 20%، ويتم تقسيم 80% على الأبعاد الستة المتبقية وهي التعليم والصحة وملكية الأصول وظروف السكن والحرية الشخصية والعمل.
ولبداية العمل بهذه المنهجية تقوم وزارة التنمية الاجتماعية بإنشاء السجل الوطني الاجتماعي والذي سيحتوي على بيانات حول أبعاد الفقر متعدد الأبعاد لكل أفراد الأسرة، وبالتالي سيصبح لدى الوزارة معلومات تمكنها من تحديد احتياجات الأسرة والتدخلات التي تحتاجها، ومن خلال ما يعرف بإدارة الحالة ونظام التحويل سيتم توجيه أفراد الأسر وربطهم مع المؤسسات المحلية والدولية وكذلك مؤسسات القطاع الخاص التي تقدم خدمات مجانية أو عبر شراء الخدمة من قبل وزارة التنمية الاجتماعية، وربما يتم مستقبلاً ربط الأسر في داخل الوطن برجال الأعمال والمؤسسات خارج الوطن.
ولكي تنجح هذه المنهجية يجب أن تراعي الاختلاف في الظروف الاقتصادية والاجتماعية بين قطاع غزة والضفة الغربية، فقطاع غزة يحتاج إلى الإغاثة بدرجة أكبر نظراً لنسب الفقر والبطالة وانعدام الأمن الغذائي العالية واعتماد غزة على المساعدات الخارجية في ظل الحصار، إضافة إلى المشكلات الإدارية والفنية والتي ستقلل من نسب نجاح مشاريع التمكين الاقتصادي التي تعتمد عليها المنهجية الجديدة في تخريج الأسر من دائرة الفقر في سبيل اعتمادها على نفسها، كما يجب أن تنصب الجهود نحو إعادة صرف شيك الشؤون والذي لم تستلمه الأسر الفقيرة منذ عام ونصف تقريباً بسبب عدم توقف المساعدات الأوروبية وعجز السلطة الفلسطينية عن توفير حصتها في هذه المساعدة.
من وجهة نظري أن استخدام المنهجية الجديدة مهم في إطار التحول الدولي بهذا الاتجاه وكذلك توجيه المنح والمساعدات الدولية للبرنامج المستندة إلى هذا النهج، والانتقال من الإغاثة إلى التنمية المستدامة، واستثمار الموارد المتاحة بطريقة أكثر فعالية من خلال إيصال الخدمات لمستحقيها، وأن هذا الأمر يحتاج إلى تخطيط فعال مع تظافر الجهود من أجل توفير التمويل اللازم لهذه المنهجية عبر قنوات مختلفة وعدم الاعتماد على مصدر واحد أو مصدرين.