في ظل الأزمة الروسية الأوكرانية والتي تسببت في تعطل خطوط الإمداد المتعلقة بتوريد القمح وغيرها من السلع التي تنتجها الدولتين لمنطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا وتزايد المخاوف من حصول مجاعات في هذه المنطقة في المستقبل، يثير بعض النشطاء في قطاع غزة سؤال يقول لماذا لا نزرع القمح في غزة؟ على الرغم من أن الظروف المناخية ومعدلات سقوط الأمطار تلعب دوراً هاماً في إنتاج المحاصيل الحقلية ومنها القمح، وهي مناسبة لهذه الزراعة في قطاع غزة، كما تفيد بيانات وزارة الزراعة الأخيرة بأن محطة تجارب بيت حانون التابعة للوزارة نجحت في رفع معدل إنتاج الدونم الواحد من القمح فأصبح يتراوح بين 650- 700 كيلو جرام، بعد أن كان يتراوح معدل الإنتاج الطبيعي للدونم بين 300-350 كجم.
ولكن يغفل هؤلاء النشطاء العديد من الأسباب التي تقف عائقاً أمام زراعة القمح في قطاع غزة بكميات تتناسب مع استهلاك سكانه ومنها أن مساحة قطاع غزة صغيرة وأن مساحة الأراضي المتاحة بها للزراعة قليلة، ولإنتاج كمية قمح كافية لاستهلاك سكان قطاع غزة على اعتبار أن الفرد يستهلك 350 جم دقيق يومياً، فإننا بحاجة لزراعة مساحة توازي أربع أضعاف مساحة قطاع غزة.
ولمحدودية الأراضي الزراعية المتاحة يقوم المزارعين بزراعة الخضروات وبعض أنواع الفواكه التي تحقق منها اكتفاءا ذاتيا، وتعود بجدوى اقتصادية عالية، كما أن مرسم زراعة القمح يمتد لفترة طويلة تصل إلى خمسة شهور.
وفي ظل العولمة الاقتصادية أصبح العالم قرية صغيرة وحركة التجارة الدولية في القرن الأخير مكنت التجار من الحصول على السلع من الخارج بأقل من تكلفتها داخل البلد، في ظل الأوضاع الطبيعية.
ولعل المتابع لسوق الدقيق في قطاع غزة يجد أن هناك اعتماد على المساعدات التي يتم توزيعها من خلال الأونروا تحديداً حيث يحصل قطاع غزة على ثلثي احتياجه السنوي من الطحين من خلال السلة الغذائية الموحدة التي يحصل عليها السكان اللاجئين في غزة ويمثلون 63% من السكان.
وعلى الرغم مما ذكرنا سابقاً إلا أن هناك زراعة للقمح في بعض المناطق الحدودية التي يقيد الاحتلال "الإسرائيلي" حركة المزارعين فيها، ويقوم أحياناً بمنع الزراعة فيها أو إتلاف المزروعات، حيث تغطي الإنتاج السنوي حوالي 3% من احتياج قطاع غزة من الدقيق.