مع تزايد الخلافات الإسرائيلية الداخلية، ووصولها معدلات غير مسبوقة من الاتهامات والتهديدات، راجت في الآونة الأخيرة مفردات جديدة على القاموس الإسرائيلي، أبرزها "الحرب الأهلية" بين اليهود، بسبب تنامي مستويات الكراهية.
ودفع تصاعد التوتر بين الإسرائيليين، إلى التحذير من أنها ستكون سببا في نهاية المشروع الصهيوني، وطي صفحته، رغم استدعاء إسرائيلي لافت لمواقف تاريخية أحاطت باليهود، وتسببت بالكوارث لهم، وهي تلك التي نتجت عن "الأعداء الخارجيين، لا سيما الرومان والبابليين والنازيين".
في الوقت ذاته، زاد التداول الإسرائيلي لمصطلح الحرب الأهلية، باعتباره خيارا كارثيا يحوم فوق الشعب اليهودي، وعلى الصهيونية والدولة اليهودية، وهي تأتي انطلاقا من تزايد معدلات الغضب الداخلي بين اليهود، ويتم استغلالها من خلال تشخيص الجينات المسببة للانقسام المختبئة فيما يسمى "الحمض النووي اليهودي".
أريئيل سيغال الكاتب اليميني ذكر في مقاله على موقع القناة 14، أنه "رغم خطورة تهديد الحرب الأهلية بين اليهود والإسرائيليين، لكن قراءة متأنية للتاريخ اليهودي تكشف أن الكوارث المتتالية التي وقعت عليهم في مراحل متفرقة من القرون والعقود السابقة أتت عليهم من عدة زوايا، من بينها الصراع الداخلي والكراهية الواسعة، مع وجود أسباب خارجية، لكن اليهود مدمنون عادة جلد أنفسهم، والشعور بالذنب تجاه بعضهم، مما ينجم عنه في النهاية تفككهم عن بعضهم".
وأضاف أن "التحذيرات الإسرائيلية المتزايدة من الحرب الأهلية الداخلية بين اليهود يجب ألا تمنعهم من التعبير والاحتجاج والصراخ رفضا لمواقف سياسية بعينها، وهو ما تكرر عقب أحداث جسيمة شهدتها إسرائيل، خاصة الانسحاب من غزة 2005، وتوقيع اتفاق أوسلو مع الفلسطينيين 1993، ثم اغتيال رئيس الوزراء الراحل إسحق رابين في 1995، وغيرها من الأحداث التي كان من المفترض أن تخرج وحش الحرب الأهلية من مخبئه، وهددت بتمزيقنا من الداخل".
ويزداد شبح الحرب الأهلية بين اليهود كلما زاد مستوى الخلافات الحزبية والسياسية، وخروج الأمر عن تباين الآراء وتعارضها، لا سيما في ظل حالة الانزياح المتصاعدة نحو معسكر اليمين، واليمين المتطرف الراديكالي، الذي يتبع قاعدة "من ليس معنا، فهو ضدنا"، مع استناده في مواقفه السياسية إلى معتقدات دينية وغيبية، تجعل الخلاف معه "هرطقة" تستوجب القتل، وهو ما حصل مؤخرا من تهديد عائلة رئيس الوزراء نفتالي بينيت بالاغتيال.
ويتزامن هذا التخوف الإسرائيلي من تحقق كابوس الحرب الأهلية مع صدور تحذيرات من وصول المشروع الصهيوني إلى نهاياته المحتومة، سواء بسبب تنامي المخاطر الخارجية، أو تراجع الإيمان السائد بين اليهود بصوابية هذا المشروع، وإقبالهم على حيازة جواز سفر أجنبي، يساعدهم في مغادرة دولة الاحتلال في حال تعرضها لخطر خارجي، مما يرسل إشارات مقلقة لقادة المشروع الصهيوني أن الأجيال اليهودية الجديدة ليس لديها ذلك الإيمان بهذا المشروع الذي توفر لمؤسسيه الأوائل.