بالتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى دولة الاحتلال، فقد صدرت تحذيرات إسرائيلية من تراجع تأييد المسيحيين الإنجيليين لها، خاصة مع ما قاله السفير الإسرائيلي في واشنطن السابق رون درامر إن "إسرائيل يجب أن تفضل دعم المسيحيين الإنجيليين على دعم اليهود الأمريكيين، الذين تتزايد انتقاداتهم لإسرائيل بصورة عالية، وغير متناسبة"، واصفا الدعم الإنجيلي لإسرائيل بأنه "متحمس، ولا لبس فيه".
ومع ذلك، تتزايد الأسئلة حول المستوى الذي يكون فيه الدعم الإنجيلي قويًا وواضحًا بالفعل لدولة الاحتلال، خاصة بعد دراسة جديدة أجرتها جامعة نورث كارولينا، وأظهرت أن الدعم لإسرائيل بين الشباب الإنجيليين انخفض من 75٪ في 2018 إلى 34٪ في 2021، وكان هذا التراجع جزءًا من اتجاه مستمر بدأ مبكرا منذ عام 2015، وفقًا لدراسة أخرى أجرتها جامعة ماريلاند.
شلومو فيشر، زميل بمعهد سياسة الشعب اليهودي، وأحد مؤسسي مركز "Yesodot" لأغراض التوراة والتعليم الديني، ذكر أن "هناك جملة من المنطلقات التي تؤكد تراجع تأييد دولة الاحتلال بين الإنجيليين الأمريكيين الشباب، وسط تقديرات إسرائيلية جديدة بأن هناك فهما خاطئا للدعم الإنجيلي لإسرائيل، بعد أن كان دعما قاطعًا ومستدامًا لأنه قام على أسس عقائدية وغير عقلانية، لكن الانخفاض في الدعم بين الإنجيليين الأمريكيين الأصغر سناً يثبت سوء فهم هذا الدعم".
وأضاف في مقال نشره موقع زمن إسرائيل، أن "المسيحيين الإنجيليين يتخذون تجاه اليهود وإسرائيل مواقف غير مستقرة، وهذا شعور متناقض، مما يؤكد أن الدعم الإنجيلي لإسرائيل ليس قطعة واحدة، بل يمكن تقسيمه إلى مجموعتين على الأقل: أولاهما تعتمد بشكل أساسي على روايات من الكتب الدينية القديمة من التوراة والإنجيل، وتتعلق بنهاية التاريخ، وهي تشكل الأغلبية، وثانيهما أقلية، ربما تصل 20٪ من الإنجيليين فقط، لكنها أكثر استقرارًا وصلابة".
وأشار إلى أن "العديد من الإنجيليين يدعمون إسرائيل والصهيونية كجزء من روايتهم المألوفة لنهاية العالم، وهذا الدعم ينسجم جيدًا مع قيمهم الاجتماعية المحافظة، لكن هذا الدعم لا يستند للمعتقدات المسيحية الأساسية، خاصة عند مواجهة روايات بديلة مقنعة مثل الرواية الفلسطينية على سبيل المثال، وحينها قد يتم التخلي عنها، وفي مثل هذه الحالة سيعيد الإنجيليون المعادون لإسرائيل تفسير الموقف المسيحي تجاهها".
ويصعب الحديث عن التأييد الإسرائيلي حول العالم دون الإشارة للمسيحيين الإنجيليين، لا سيما وسط تأثيرهم الكبير على الإدارات الأمريكية، واعتمادهم على قاعدة بيانات تشمل الملايين من المؤثرين، وانتشارهم المتزايد بين الجاليات اليهودية في العالم، حيث يزيد عددهم اليوم عن 14 مليونا، فيما تضم الولايات المتحدة لوحدها مئة مليون مسيحي إنجيلي داعم لإسرائيل، يعتبرون التوراة كلام الله، وإن آمنت به فيجب أن تكون صهيونيا، باعتبار التوراة كتابا صهيونيا بامتياز.
ومع ذلك، فإن التخوفات الإسرائيلية من تراجع دعم الإنجيليين المسيحيين لدولة الاحتلال تتزامن مع تصاعد العداء الأمريكي لها، خاصة من قبل التيار التقدمي في الحزب الديمقراطي، لكن السنوات الأخيرة أكدت أن ارتباط المسيحيين الإنجيليين بالصهيونية، ودعمهم لإسرائيل، ظاهرة متعددة الطبقات، صحيح أن الفصل بينها ضروري لصنع سياسة إسرائيلية فعالة، لكن القناعة المتزايدة أنه لا ينبغي اعتبار الدعم الإنجيلي لدولة الاحتلال أمراً مفروغاً منه، وهذا مصدر قلق.