طالَ الهجرُ وما زالتْ عبيرُ تنظرُ عودةَ عريسِها إسماعيلُ، طال السّرى بينَ رُكامٍ ودماءٍ وحفنةٍ من الذكرياتِ، وما عادَ القمرُ، وما زالتْ بدلةُ الزفافِ البيضاءُ معلقةً تعدُّ الدقائقَ والثوانِ كأنّها تتكلم ُ حزنًا وألمًا وكمدًا.
"مع السّلامةِ يا عريسي" من بينِ رُكامِ القهرِ كانَ هذا المكانُ شاهدًا وشهيدًا على جرائمِ الاحتلالِ، هُنا نزفتْ دماءُ إسماعيلِ وتفطّر قلبُ عبير، تلقِي السّلامَ على حبيبِها الذّيِ سافرَ صوبَ السّماء بلا عودةٍ بلا وداعٍ بلا رسالةٍ أخيرةٍ لخطيبته.
حكايةٌ كُتبت بحبِر الوجعِ الأبديِ، "عبير حرب" عروسُ فلسطينَ المكلومة والتي ودّعت خطيبَها قبيل أيامٍ من زفافِها، طبعتْ قُبلةً على جبينه كانت الأخيرةُ، وبقيت محفورةً في فؤادِها تدقّ معاقل القلبِ وأزقةَ الفكرِ وتنبضُ حزنًا يمتدُ إلى الضلوعِ.
دموعٌ ساخنةٌ كانتْ الأقربُ كانت الأصدق، لروايةٍ تلعنُ قاذفات الموتِ وساكنيها، فويلُ لمن سرقَ الفرحةَ، ولمن أرسلَ الحٌبِّ إلى توابيتِ الفراقِ والوداعِ، هُنا غزة وهُنا عروسُها وفي السماءِ أرواحٌ غادرت بلا عودة.
بشيءٍ من الخُشوعِ ولتحبسوا دموعَكم أمام هذا التقرير التلفزيوني.