يتسابق عشرات آلاف العاطلين عن العمل في قطاع غزة للحصول على تصريح عمل في دولة الإحتلال مما يعكس حالة اليأس والإحباط التي أصابت معظم المواطنين في قطاع غزة نتيجة محدودية فرص العمل، وإنخفاض الأجور في حال توفرت فرص العمل.
هناك مجموعة من العوامل تسببت في الوصول لهذه النقطة والتي أعادت قضيتنا إلى ما كانت عليه قبل الانتفاضة الأولى في العام 1987م، وهذا الأمر يعني القبول الفعلي بشرعية دولة الإحتلال، وترسيخ التبعة الاقتصادية للإحتلال، وأول هذه العوامل الحصار المستمر على قطاع غزة من 2006م، ثانيها فشل الفصائل الفلسطينية منذ 16 عام في إنهاء الإنقسام، وإعادة الوحدة للشعب الفلسطيني، وثالثها صعوبة السفر ومخاطر الهجرة، ورابعها التبعية الاقتصادية لدولة الاحتلال وعدم السيطرة على المنافذ البرية والبحرية، وآخرها إعتماد الاقتصاد الفلسطيني على المساعدات الخارجية، وتعطيل الاحتلال لأي تنمية حقيقة في قطاع غزة.
تفيد بيانات البنك الدولي بأن نسبة الفقر في قطاع غزة وصلت إلى حوالي 63% ، ووفق بيانات مسح الحالة الاجتماعية والاقتصادية والأمن الغذائي الذي أُجريَ خلال العام 2018 يعاني حوالي 68% من السكان من انعدام الأمن الغذائي بشكل حاد أو متوسط، كما ورد في تقرير لمنظمة التجارة والتنمية في الأمم المتحدة أونكتاد صدر في شهر أكتوبر 2020 أن 80% من سكان قطاع يعتمدون على المساعدات الدولية دائمة التقلب.
وفق بيانات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني للربع الثاني من العام 2022م فقد بلغ معدل البطالة بين المشاركين في قوى العمل (15 سنة فأكثر) حوالي 24%، حيث بلغ عدد العاطلين عن العمل حوالي 357 ألف عاطل عن العمل، بواقع 223 ألف شخص في قطاع غزة وحوالي 134 ألف شخص في الضفة الغربية، وما يزال هناك تفاوت كبير بين معدل البطالة في الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث بلغ المعدل 44% في قطاع غزة مقارنة بـ14% في الضفة الغربية.
وقد أظهرت نفس البيانات السابقة بأن عدد العمال الفلسطينيين في دولة الاحتلال بلغ حوالي 182 ألف عامل، حيث تفيد ورقة سياساتية صادرة عن شبكة السياسات الفلسطينية بأن العمال الفلسطينيون في دولة الاحتلال يساهمون في تحريك عجلة الاقتصاد الفلسطيني في الضفة الغربية بنحو 3.25 مليارات دولار أميركي سنويًا، وبمتوسط 271 مليون دولار أميركي شهريًا، وبمعدل 71 دولارًا أميركيًا للعامل في اليوم الواحد. في المقابل، يبلغ الحد الأدنى للأجور في الضفة الغربية حوالي 400 دولار أميركي شهريًا، في حين بلغ الحد الأدنى للأجور في غزة نحو 206 دولارت أميركية. وهذا يعني أن متوسط الأجر اليومي للعامل الفلسطيني في دولة الإحتلال يساوي أكثر من ضعف متوسط الأجر اليومي للعامل الفلسطيني في القطاعين العام والخاص في الضفة، وأكثر من أربعة أضعاف متوسط الأجر اليومي للعامل الفلسطيني في القطاعين العام والخاص في غزة.
الأرقام السابقة كانت كافية لدفع عشرات الآلاف من العمال إلى التسابق للحصول على فرصة من ال20 ألف فرصة عمل التي تم الإعلان عنها خلال الأشهر الماضية والتي جائت ضمن التسهيلات الاقتصادية التي جائت في أعقاب عدوان مايو 2021، حيث يربط الاحتلال بين استمرار التهدئة والهدوء والمضي قدماً في هذه التسهيلات ضمن ما يعرف بالسلام الإقتصادي.
خلاصة القول أن المواطنون في غزة يريدون العيش بكرامة في ظل فشل المساعدات الدولية المتقلبة والتسهيلات المحدودة التي تمنحها دولة الاحتلال في إنعاش إقتصاد قطاع غزة شبه المنهار.